المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: يعتقد خبير في قضايا شرق آسيا: أن الصين تعلم أنه بعد تحقيق المؤامرات الأمريكية ضد دول مستقلة ومنافسة ومنتقدة لها مثل روسيا وإيران، ستكون بكين الهدف التالي لهذه المؤامرات وستُتّبع هذه الأهداف بأي وسيلة، حتى لو كان نشر انعدام الأمن، والترويج للإرهاب.
قال مهدي خورسند في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الإستراتيجي العلاقات الخارجية في إشارة إلى تصريحات السفير الصيني لدى الأمم المتحدة بشأن ضرورة محاربة الإرهاب وانتقاد المعايير المزدوجة والمقاربات الانتقائية: إن الصين تصر على أن الدول يجب أن تظهر إرادتهم السياسية في مجال التعاون لمكافحة الإرهاب لتحقيق أقصى قدر من تضافر الجهود، لأن تعقيد الشبكات التنظيمية، والتحركات المتكررة للإرهابيين وآثارها الضارة للغاية تتجاوز قدرة أي دولة أو منطقة على التصدي لعها بمفردها.
وفي معرض شرحه أبعاد انتقادات الصين لتوجّه بعض الدول في مجال التصدي للإرهاب، قال: إن بكين حذرت من أن الإجراءات السياسية والاستغلال السياسي لقضايا مكافحة الإرهاب كأداة وتطبيق معايير مزدوجة أو نهج انتقائي سيضر في نهاية المطاف الدول التي تتبنى مثل هذا النهج وتضر بالدول الأخرى أيضاً وتضعف التعاون العالمي الشامل لمحاربة الإرهاب.
وتابع هذا المحلل لقضايا شرق آسيا: إن تحذيرات الصين واهتمامها بضرورة مواجهة الإرهاب وقضية التطرف الديني تعود إلى عدة قضايا، ومن الأسباب أن بكين في مسار تنميتها تركز على استراتيجية جنوب – جنوب وتنمية العلاقات مع الدول النامية. لديهم خطط للتواجد والاستثمار في جميع البلدان النامية تقريباً، ولكن نظراً لجذور أو أنشطة التطرف الديني في هذه البلدان، فإن هذه الخطط عُرضة للخطر.
وأوضح: على سبيل المثال، على الرغم من أن بكين لديها استثمار كبير في باكستان، إلا أن الاضطرابات السياسية في هذا البلد، وإقالة رئيس وزرائها، وإلغاء وقف إطلاق النار من قبل حركة طالبان الباكستانية مع الحكومة، وتكثيف الأنشطة الإرهابية على حدود أفغانستان وباكستان، وكذلك تحركات الجماعات الإرهابية في أفغانستان، بما في ذلك “فرع داعش خراسان ” و “القاعدة”، والتي اشتدت تدريجياً خلال الأشهر والأسابيع الماضية، تسببت في حدوث الكثير من الغموض لدى الصين في تبرير استثماراتها.
وفي إشارة إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار والأمن للمستثمرين، قال هذا الخبير في قضايا شرق آسيا: بما أن للصين مصالح كثيرة في العديد من الدول النامية، فإنها تراقب هذه القضايا بحساسية. بالطبع، لقد واجهوا الإرهاب والتطرف خلال العقود الأربعة الماضية. في الواقع، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كان “شنغهاي 5” أول كيان إقليمي تشكله الصين وتمحور حولها في عام 1992 بسبب مخاوف بكين الأمنية من عدم وجود حكومة مركزية قوية في الجمهوريات المستقلة من الاتحاد السوفيتي حديثاً. لقد تعرضوا دائماً لانعدام الأمن بسبب الإرهاب؛ كما شاهدنا الرهائن الصينيين في فندق بأفغانستان.
وفي إشارة إلى استثمارات الصين الكبيرة في غرب آسيا وأهمية تحسين قدرات مواجهة الإرهاب بين هذه الدول، أضاف خورسند: متابعة الحلول السياسية للقضايا المهمة، ومساعدة الدول على تحسين أوضاعها البشرية، والتحسين الاقتصادي، والقضاء على الفقر، والتعليم، والتوظيف، منع المجموعات الإرهابية من استغلال انعدام الاستقرار، والمساعدة على السير في طريق التنمية، من ضمن القضايا المهمة التي تؤكد الصين على ضرورة اهتمام الدول النامية بها، وفي الواقع، يعتبر التخلف أحد العوامل الرئيسية في تشكيل ونمو القوى الإرهابية. بالإضافة إلى ذلك، تعتقد الصين أن بعض الدول لا تتخلى عن الحسابات الجيوسياسية والتحيز الأيديولوجي في مواجهة الإرهاب وليس لديها تعاون فعلي لمحاربة الإرهاب.
وذكر أنه في السنوات السابقة، طرحت الصين مبادرات مثل “الأمن العالمي” و “مبادرة التنمية العالمية” لكي تؤدي إلى السيطرة على التطرف، وتابع قائلاً: بعد بضعة أشهر من تولي شي جين بينغ منصبه، انصب تركيز التنمية في الصين على إنشاء توازن في منطقتها الشرقية والغربية. جناحهم الشرقي متطور للغاية، لكن كلما إتجهنا نحو الغرب، نرى مقاطعات أكثر فقراً وأشخاصاً يتأثرون بالتطرف الديني. توصلت بكين إلى استنتاج مفاده أنها لا تستطيع منع الانفصالية والتطرف في هذه المناطق من خلال القمع والترهيب، ولكن يجب أن تبقيها معتمدة على الحكومة المركزية في الصين من خلال التنمية الاقتصادية والإقناع.
قال هذا المحلل لقضايا شرق آسيا: بعد عام 2013، انتقلت جميع مشاريع النقل والنفط والغاز العملاقة في الصين إلى غرب هذا البلد وهم يبحثون عن تنمية متوازنة. في الواقع، لقد اكتسبوا فهماً حول التنمية من الداخل، ومن هذا المسار، يعتقدون أن التنمية يمكن أن تكون وسيلة للتصدي للتطرف والإرهاب.
وفي إشارة إلى التقييمات المتعلقة بتفوق الصين وقوتها على أمريكا في السنوات المقبلة، أضاف خورسند: بالنظر إلى أن الصين على وشك الوصول إلى استطاعتها لتغيير ساحة اللعب في النظام الدولي، فإنها عادة ما تثير انتقادات ضد النظام القائم. بالإضافة إلى ذلك، نشهد مراراً وتكراراً استخدام معايير مزدوجة في مكافحة الإرهاب من قبل الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. في هذا الصدد، جاءت بعض المواقف لغرض وحيد و هو الضغط على الدول المنافسة والمستقلة.
مؤكداً أنه بعد الحرب العالمية الثانية كانت المؤسسات الدولية للولايات المتحدة كأداة يمكن أن تعرقل تنمية الدول وتضر بها من خلال قراءاتها المزدوجة للمعايير، وقال مذّكراً: الصين، من خلال انتقاد هذه المواقف، تشير إلى العوائق التي تضعها أمريكا في طريق تنمية الدول ويمكن أن تتسبب في تصعيد الإرهاب. تدرك الصين أنه بعد تحقيق المؤامرات الأمريكية ضد الدول المستقلة والمتنافسة والمنتقدة مثل روسيا وإيران، ستكون بكين الهدف التالي للمؤامرات، والتي ستتبع أهدافها بأي وسيلة، حتى نشر انعدام الأمن وترويج الإرهاب. في الواقع، تقلق الصين أكثر لمصالحها الوطنية وليس بالمفاهيم السامية التي تنتهكها الولايات المتحدة في طريقها إلى مصالحها الخاصة.
0 تعليق