المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد خبير في الشأن التركي أن تصريحات أنقرة بشأن السيادة على جزر بحر إيجة لن تتجاوز حدود المزاعم اللفظية، قائلاً: "تشعر تركيا بأنها تُركت وحيدة من قبل الناتو في مواجهة التوترات التي نشبت بينها وبين اليونان ولذلك، تسعى إلى إطلاق تحذيرات تجعل الحلف يحكم بإنصاف على التحركات العسكرية اليونانية في الجزر المتنازع عليها ".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار رسول علي بور إلى مزاعم تركيا بشأن السيادة على 14 جزيرة في بحر إيجة وبعثت اليونان رسالة إلى الأمم المتحدة أعربت فيها عن رفضها التام للمطالب التركية، موضحاً: “ترى تركيا أن معاهدتي لوزان لعام 1923 وباريس لعام 1947 لا تسمحان لليونان بنشر قوات عسكرية أو بناء قواعد عسكرية في الجزر الخاضعة لسيادتها، إلا بوحدة عسكرية صغيرة تتولى مسؤولية الأمن لسكان الجزر”.
وتابع: “على أعقاب الحربين العالميتين الأولى والثانية، سيطرت اليونان على 12 جزيرة في بحر إيجة كانت تحت سيادة إيطاليا. تقع بعض هذه الجزر بالقرب من سواحل أنطاليا في بحر إيجة وتبعد مئات الكيلومترات عن اليونان. تزعم تركيا أن اليونان انتهكت المعاهدات وتتحدى مندرجاتها”.
زيادة التحركات العسكرية اليونانية في جزر شرق المتوسط
وذكر الخبير في الشأن التركي أن التوترات بين البلدين حول هذه الجزر ليست وليدة اليوم بل كانت موجودة منذ وقت بعيد واشتدت بين حين وآخر، وتفاقمت بشكل خاص منذ العام 1960 وأدت في بعض الحالات إلى مواجهات عسكرية، موضحاً: “منذ العام 1960، تفاقمت الخلافات بين تركيا واليونان حول السيادة على هذه الجزر والإشراف عليها وتأمينها. تقول تركيا أن اليونان تعمل على إنشاء مطار عسكري ومنشآت عسكرية أخرى في هذه الجزر، ما يمثل تهديداً للأمن التركي”.
وقال علي بور: “فی المقابل، تؤكد اليونان أنه بسبب تغيير الظروف التي كانت سائدة في زمن التوقيع على تلك المعاهدات، قد تغيرت القيود الناجمة عنها كذلك. حيث أنه في عام 1936 حلت معاهدة مونترو محل معاهدة لوزان التي كانت تنص على تجنب أي تحرك وانتشار عسكري في المضائق، ولذلك لم تعد القيود السابقة على اليونان قائمة”.
وأضاف: “على خلفية زيادة تحركات اليونان العسكرية والمناورات المشتركة بينها وبين الولايات المتحدة، تصاعد التوتر اليوناني – التركي. و قد وصفت أنقرة الممارسات اليونانية بالاستفزازية وحذرت من أن تخلي اليونان عن التزاماتها، ستدفع تركيا إلى ادعاء السيادة على تلك الجزر”.
وقال الخبير في الشأن التركي إن الولايات المتحدة أعطت ضوءاً أخضر لليونان بشأن بيع مقاتلات إف 35 لها خلال زيارة رئيس الوزراء اليوناني لواشنطن، مضيفاً: “كانت تركيا طرفاً في برنامج صناعة مقاتلات إف 35 وكانت تصنع مختلف القطع لها. كان من المقرر أن تبيع الولايات المتحدة هذه المقاتلات لتركيا لكنها أعلنت إبعاد تركيا عن برنامج صناعة المقاتلات وتراجعها عن بيعها لها على خلفية شراء تركيا منظومة إس 400 من روسيا”.
وقال علي بور: “تشير التقارير إلى أن العام 2021 شهد تزايداً متسارعاً في تحركات وانتشار الجنود الأمريكيين واليونانيين في الجزر الخاضعة للسيادة اليونانية في بحر إيجة وأن اليونان التي تجد الولايات المتحدة إلى جانبها زادت من تلك التحركات ورفعت عدد قواعدها العسكرية في تلك الجزر إلى 10”.
وأضاف: “لا تقتصر هذه التوترات على موضوع السيادة على الجزر فحسب. تركيا لم تطلق مزاعم السيادة بشكل كبير حتى الآن علماً منها بأنها تتعارض مع المعاهدات ولن تجد دعماً على الساحة الدولية. لكن بالنظر لتصاعد التوتر، بدأت تثير هذا الموضوع. على كل، تسعى أنقرة إلى إدارة التوتر لكي لا تصل إلى مستويات تزعزع علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة أكثر مما مضى”.
واعتبر على بور رسم حدود المياه الإقليمية والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الحصرية من أسباب التوتر بين تركيا واليونان شرق المتوسط، مردفاً: “ترى اليونان أن للجزر التي تقع تحت سيادتها جرفاً قارياً وبالتالي منطقة اقتصادية خالصة – حالها كحال بر اليونان الرئيسي – ولا يحق لتركيا إرسال سفن إلى المياه الإقليمية اليونانية للتنقيب عن موارد الطاقة. تؤكد اليونان على تسوية هذه الخلافات من خلال محكمة العدل الدولية غير أن تركيا ترفض ذلك معلنة أنه لا يمكن اعتبار الجزر براً رئيسياً”.
وأكد الخبير في الشان التركي أنه في الوقت الحالي لا توجد لدى أي من الطرفين رغبة في مواجهة عسكرية جدية، قائلاً: “مع أن كلا البلدين من أعضاء الناتو، تشعر تركيا بأنها تُركت وحيدة من قبل الناتو في مواجهة التوترات التي نشبت بينها وبين اليونان ولذلك، تسعى إلى إطلاق تحذيرات تجعل الحلف يحكم بإنصاف على تلك القضايا الخلافية”.
نزاع تركيا مع اليونان بشأن السيادة على الجزر؛ مجرد مزاعم لفظية
وإذ أكد أن المطالب التركية بشأن السيادة على الجزر لن تتجاوز حدود المزاعم اللفظية، أضاف: “تشعر اليونان بالقلق من احتمال شن تركيا على الجزر الخاضعة لسيادتها هجوماً عسكرياً مثل الذي شنته على قبرص في عام 1974، ولذلك تصف إجراءاتها بالدفاعية. في ظل هذه الظروف، فإن آفاق هذه التحركات واحتمال نشوب مواجهة عسكرية، تعتمد على الممارسات اليونانية ومدى تقدمها في الجزر التي تقع بالقرب من الأراضي التركية”.
واعتبر الخبير قضيتي اللاجئين وطلب السويد وفنلندا العضوية في الناتو ورقتين رابحتين وأداتي ضغط بيد تركيا تعززان موقفها، قائلاً: “تدرك تركيا أنه كان للولايات المتحدة دوراً بارزاً في الانقلابات والإطاحة بالحكومات السابقة في تركيا، فتشتد مخاوفها عندما تنشئ واشنطن قواعد عسكرية في محيطها وتقرر تسليم المقاتلات لليونان التي توجد خلافات قديمة بينها وبين تركيا”.
وأضاف علي بور: “الحكومة الحالية في تركيا انبثقت عن ائتلاف بين الأحزاب الوسطية والقوميين الأتراك وبقي ما يقارب عاماً حتى حلول موعد الانتخابات. في مثل هذه الظروف، يفضل السياسيون الأتراك عادة ما توظيف القضايا الدولية لصالحهم. كما رأينا خلال الانتخابات السابقة، ظهور خلافات بين تركيا ودول مثل ألمانيا وهولندا. لذلك وبالتزامن مع الاقتراب من الانتخابات، سنجد مزيداً من التوترات اللفظية”.
0 تعليق