المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار خبير في الشؤون الدولية إلى آخر تطورات الحرب في أوكرانيا، قائلاً: "من المتوقع أن يستمر الناتو في التوسع شرقاً، بل سيكون قادراً كذلك على ضمّ دول شمال أوروبا إلى الحلف في خطوة إضافية ضد روسيا".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أكد سيدرضا ميرطاهر على أن الحرب في أوكرانيا تمثل منعطفاً في تاريخ العلاقات الدولية وستتميز الحقبة الجديدة باشتداد المواجهة بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، مضيفاً: “قد بلغت المواجهة مع روسيا إلى المستوى العسكري ـ الأمني. أما المواجهة مع الصين فهي تستعر في المجالين السياسي ـ الدبلوماسي والاقتصادي ـ التجاري. في هذه الظروف، قد خلق غزو بوتين لأوكرانيا ذريعة للولايات المتحدة والناتو لتنفيذ مخططاتهما المعدّة مسبقاً ضد روسيا. لذلك، اعتبرت الخارجية الروسية في بيان الحرب الدائرة في أوكرانيا حرباً للناتو بالوكالة ضد روسيا”.
تحويل روسيا اتجاه تركيز عملياتها في الحرب الأوكرانية
وقال محلل الشؤون الدولية: “بناء على تقديراتها الأولية، كانت روسيا تظن أن خططها العملياتية ستمكنها من السيطرة على شرق وجنوب وشمال أوكرانيا سريعاً. كما كانت تخطط للسيطرة على كييف والأطاحة بالحكومة الأوكرانية. لكنها الآن اضطرت إلى إعادة النظر بشكل شامل في خططتها ويبدو أنها تنوي تركيز هجماتها على منطقتي دونيتسك ولوغانسك. خاصة أن العمليات الروسية كانت تهدف بشكل أساسي إلى إخراج الجيش الأوكراني من هاتين المنطقتين وإنشاء دولة مستقلة فيهما”.
وأضاف ميرطاهر: “العامل الذي أصبح ذا تأثير كبير في معادلات الحرب بأوكرانيا في الوقت الحالي هو المساعدات العسكرية والتسليحية والاستخباراتية المتزايدة من الغرب والناتو لأوكرانيا والتي أدت إلى تغيير توازن الحرب لصالح أوكرانيا إلى حد ما. في الحقيقة، وفّر الغزو الروسي ذريعة للمتطرفين الموالين للولايات المتحدة في أوروبا لادعاء أن مواقفهم السابقة بشأن وجود تهديدات فعلية من جانب روسيا ضد دول الجناح الشرقي للناتو، خاصة بولندا، وجمهوريات البلطيق الثلاث كانت ذات مصداقية وينبغي على النيتو أن يتحرك بسرعة لمواجهة روسيا بشكل مؤثر”.
ولفت إلى قرار الناتو لنشر عدد من قواتها في دول أوروبا الشرقية بشكل دائم، مردفاً: “سابقاً ما، كان هناك تضارب في وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي حول المواجهة مع روسيا لكن غزو أوكرانيا أوجد وحدة خطاب لدى دول الناتو؛ حيث أن جميع الدول الأعضاء في الناتو تتفق اليوم على ضرورة مواجهة روسيا وإرسال مساعدات مباشرة وغير مباشرة لأوكرانيا من أجل التصدي لروسيا”.
وذكر ميرطاهر أن هذه المواجهة قد امتدت إلى مجالات أخرى وقد فرضت أوروبا والولايات المتحدة عقوبات غير مسبوقة هي الأقسى ضد روسيا، قائلاً: “في حين أن الدول الأوروبية وألمانيا بشكل خاص كانت ترفض في وقت سابق، خاصة في عهد ترامب، زيادة نفقاتها العسكرية في إطار حلف الناتو وتخصيص 2 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي لها، لم تقبل بتخصيص هذه النسبة فحسب بعد غزو روسيا لأوكرانيا، بل وخصصت فعلاً ميزانيات أكبر من ذلك لنفقاتها العسكرية. في هذا السياق، أعلنت ألمانيا تخصيص 100 مليار يورو إضافي لقواتها العسكرية وعقدت، إلى جانب بولندا، صفقات أسلحة جديدة مع الولايات المتحدة”.
الولايات المتحدة الرابح الأكبر في الحرب الأوكرانية
وأكد الخبير في الشؤون الدولية أن الولايات المتحدة هي الرابح الأكبر في الحرب الأوكرانية، موضحاً: “في ظل الحرب في أوكرانيا، استطاعت الولايات المتحدة تحقيق تقارب وتحالف عابر للأطلسي فعاد التماسك بين ضفتيه من جديد. إلى جانب هذا، وفّر الغزو الروسي لأوكرانيا الذريعة المطلوبة بالنسبة للولايات المتحدة لتشديد الممارسات العدائية ضد روسيا وخاصة فرض عقوبات شاملة عليها. فمهّدت من خلال ذلك لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا كبديل للطاقة الروسية وتعزيز مكانتها في سوق الطاقة الأوروبية”.
وتابع: “قبل الحرب، كانت دول مثل ألمانيا والنمسا تعارض بشدة الفكرة الأمريكية المتمثلة في تقليص اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، لكنها اليوم تنوي تقليص اعتمادها على الغاز الروسي بشكل عاجل. يجب اعتبار التحول في رؤية تلك الدول انتصاراً للولايات المتحدة”.
توسع الناتو شرقاً
وأردف ميرطاهر قائلاً: “المنعطف الآخر الذي شكلته الحرب في روسيا هو أن السويد وفنلندا بصفتهما دولتين في شمال أوروبا كانتا مترددتان لحد الآن في الانضمام إلى الناتو، قررتا القيام بذلك. رغم ردة فعل روسيا الحادة على هذا القرار وتهديدها لهما برد حازم، لكن يبدو أن البلدين قلقان من أن تقوم روسيا بشن هجوم على أوكرانيا على غرار حرب شتاء 1941 بين الاتحاد السوفيتي وفنلندا. تنطبق نفس الحالة على السويد التي حافظت على حيادها حتى في الحرب العالمية الثانية”.
وتطرق الخبير إلى توضيح مواقف الصين في الآونة الأخيرة حيث انتقدت سلوك الناتو تجاه روسيا وأكدت على أن هذا الحلف كان يجب حله بعد انتهاء الحرب الباردة، قائلاً: “ترى الصين أنه لم تكن هناك حاجة للناتو بعد الحرب الباردة وأن بقاءه هو من أسباب نشوب الحرب في أوكرانيا”.
احتمال تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية بين الصين وروسيا
وقال الخبير في الشؤون الدولية: “في الوقت الحالي، أدركت الصين أنها قد تتعرض مستقبلاً لتهديدات مماثلة من جانب الغرب ـ وليس الناتو ـ في إطار تحالفات أخرى مثل كواد وخاصة أوكوس التي عقدت بين الولايات المتحدة ودول المنطقة في عام 2021. بشكل طبيعي، تجد الصين نفسها مع روسيا في خندق واحد. لذلك، قد تتطور العلاقات العسكرية والأمنية بين الصين وروسيا أكثر مما مضى وقد يلجأ البلدان إلى اتخاذ إجراءات محددة ومتناسبة ومشتركة ضد تهديدات مشتركة في منطقتي آسيا – باسيفيك وأوروبا”.
0 تعليق