المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: اعتبر أستاذ في القانون الدولي إنشاء لجنة للتحقيق في "جرائم الحرب الروسية" من قبل مجلس حقوق الإنسان إجراء سياسياً يهدف إلى الضغط على موسكو، قائلاً: "الجرائم التي ارتكبت في حرب أوكرانيا من قبل الجانبين لا ينبغي أن يتم تجاهلها، لكن يجب على المنظمات القانونية الدولية التحقيق أيضاً في الأسباب الحقيقية لبدء الحرب في أوكرانيا والمسببين الرئيسيين وراء نشوبها".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار الدكتور غلام رضا خواجي إلى الاتهامات الثقيلة التي وجهتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة ضد روسيا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، بما في ذلك قصف المدنيين والبنية التحتية المدنية والقتل العمد والاحتجاز غير القانوني والتعذيب واختطاف الأطفال، موضحاً: “أعلنت هذه اللجنة أن الجيش الروسي ارتكب جرائم حرب في أوكرانيا مع أنه لم يتم العثور على أدلة تؤكد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. تم اختيار أعضاء هذه اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لكن لم يتضح بعد الموقع القانوني لهذا المجلس ضمن هيكلية الأمم المتحدة، ولا تستند قراراته إلى أساس قانوني متين”.
وتابع: “في الحقيقة، عندما أثيرت قضية الإصلاحات في الأمم المتحدة، حل هذا المجلس محل لجنة حقوق الإنسان. ألغيت لجنة حقوق الإنسان بسبب أدائها السياسي وغير المهني وتم تشكيل مجلس حقوق الإنسان مكانها، لكن مجلس حقوق الإنسان بدوره ليس له وضع قانوني واضح في الأمم المتحدة. رغم أنه لم يكن من المفترض أن يحل هذا المجلس محل المحكمة الجنائية الدولية منذ البداية، لكن صمموا للمجلس نظاماً شبيهاً بالمحكمة. إذن، في الوقت الحالي، لم يتم تحديد مثل هذه المهام لمجلس حقوق الإنسان، وينبغي للجمعية العامة أن توضح وضعه من خلال إصدار قرار”.
ولفت أستاذ القانون الدولي إلى عدم البت في النظام الأساسي لمجلس حقوق الإنسان، وعدم الوضوح في ضمان تنفيذ قراراته وكذلك أدائه المسيس تجاه القضايا، قائلاً: “لن تصوت الجمعية العامة لصالح إشراف مجلس الأمن على مجلس حقوق الإنسان في الوضع الراهن؛ لأن مجلس الأمن لم يترك سجلاً جيداً ويبدو أن هذا المجلس سيكون تحت إشراف الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن وفقاً للمادة 12، لا تتمتع هذه الجمعية كذلك بالعديد من الصلاحيات”.
واعتبر خواجي تشكيل لجنة التحقيق في “جرائم الحرب الروسية” من قبل مجلس حقوق الإنسان بأنه إجراء سياسي يهدف إلى الضغط على موسكو، وتابع: “للأسف، شهدنا في السنوات الأخيرة مقتل وتشريد أعداد كبيرة من سكان دول مثل العراق واليمن وسوريا. في كندا وأستراليا شهدنا جريمة “الجيل المسروق”. هذه هي أمثلة دقيقة لانتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها بالكامل. هناك المئات من الأولويات للمتابعة في ما يتعلق قضايا حقوق الإنسان”.
وإذ شدد على أن المنظمات القانونية الدولية يجب أن تحقق في الأسباب الحقيقية لبدء الحرب في أوكرانيا والمسببين الرئيسيين وراء هذه الحرب، أوضح دور الناتو والخطة طويلة المدى للولايات المتحدة لزيادة الضغط العسكري والأمني على روسيا وقمع الروس في أوكرانيا مضيفاً: “إذا تقرر أن تقوم لجنة بالتحقيق بشأن الحرب في أوكرانيا، فينبغي أن تنظر في هذه القضايا. لكن ما شهدناه هو فقط في اتجاه ممارسة ضغط سياسي على روسيا”.
بالإشارة إلى رأي لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن اعتبار الهجمات الروسية على منشآت إمدادات الطاقة الأوكرانية “جريمة ضد الإنسانية”، قال محلل القانون الدولي: “تعريف الجرائم الدولية واضح ولا يمكن أن يكون هذا الرأي أساساً قانونياً لقرار دولي؛ لكن للأسف، عندما تشعر الدول الغربية بالحاجة، فإنها تسيء استخدام المصطلحات الفنية والقانونية بما يتماشى مع مصالحها وتقدم تفسيراً آخر لها”.
العقوبات الأحادية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد الشعوب “جريمة دولية”
وأكد خواجي على أنه لا ينبغي تجاهل الجرائم التي ارتكبها كلا الجانبين في حرب أوكرانيا، قائلاً: “إذا أردنا تحديد الجريمة الدولية بدقة، فإن جميع العقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد الدول هي جرائم دولية ويجب فتح ملفات لكل منها في هذه اللجان. ما نشهده اليوم في هذه المنظمات هو سلوك تمييزي وسياسي لا يساعد شيئاً على خلق الاستقرار والسلام الدوليين فحسب؛ بل يتسبب في تصعيد النزاعات وتعقيد البيئة الدولية”.
وتطرق إلى إصدار مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي موضحاً: “هذه الإجراءات هي حرب نفسية وسياسية تمارس ضد روسيا. خاصة وأنه لم يتم في هذه الحالة استدعاء لإبلاغ التهم بل صدر قرار من جانب واحد. لقد شهدنا خلال العقد الماضي تكثيف الدول الغربية لهذه الممارسات، حيث تم اتخاذ إجراءات متطرفة وغير عقلانية وأحادية الجانب”.
وشدد أستاذ القانون الدولي في معرض شرحه لتداعيات الإجراءات السياسية للمنظمات الدولية الفنية والقانونية: “إننا نشهد تراجعاً في دور المنظمات الدولية وتعزيزاً لدور المنظمات الإقليمية. كما رأينا هذا الأمر مرات عديدة فيما يتعلق بقارة أفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تصر دولها على حل مشاكلها إقليمياً؛ لأن مصداقية الأمم المتحدة والثقة فيها قد ضاعت. على مر كل السنوات خلال الفترة من 1945 إلى 2022، أجاز مجلس الأمن الحرب العسكرية مرتين فقط، مرة ضد كوريا ومرة ضد العراق وفي كلتا الحالتين كانت المصالح الأمريكية في خطر! الآن يعلم الجميع أن هذه الإجراءات التي تقوم بها الأمم المتحدة هي إجراءات سياسية ولم تستفد منها سوى عدد قليل من الدول الغربية والكيان الإسرائيلي”.
0 تعليق