المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: أشار سماحة آية الله الخامنئي، قائد الثورة الإسلامية المعظم، في كلمته في لقاء كوادر القوة الجوية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الهجوم المركب الذي يشنه العدو في المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية، داعياً إلى تبنّي هجوم مركب مضاد.
حسن هاني زادة ـ خبير في الشؤون الدولية
رغم أن مفهوم الهجوم المركب كلمة مفتاحية جديدة دخلت مؤخراً في الأدبيات السياسية والإعلامية في إيران، إلّا أن دقة قائد الثورة وذكاءه في إحباط مفعول هيمنة أعداء الثورة في جميع مجالات الحرب العسكرية والناعمة أمر جدير بالثناء. اتخذت وسائل إعلام الجمهورية الإسلامية الإيرانية موقفاً دفاعياً على مدار العقود الأربعة الماضية وهو ما يعتبر ثغرة كبيرة في البنية الإعلامية؛ لكن التوجه نحو تبنّي إستراتيجية الهجوم المركب من شأنه إحباط مفعول جزء مهم من المخططات الإعلامية للعدو.
اليوم، يُعتبر الإعلام عضداً قوياً لدعم الأمن القومي والقوة العسكرية في أي بلد ومن هنا، تعزز في العقد الأخير التوجه نحو توظيف أساليب الهجوم المركب في مجالات الإعلام والسياسية والاقتصاد والأمن. في حين أن إيران تحولت إلى القوة العسكرية الفائقة في المنطقة، لكن هذه القوة افتقرت دائماً إلى دعم ناعم خاصة في مجال الهجوم المركب. وعليه، يتعرض الجانب العسكري في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهجوم مركب من العدو دائماً.
في المجال الاقتصادي كذلك تتعرض إيران لهجوم مركب من قبل العدو بشدة؛ حيث تسعى وسائل الإعلام المعادية إلى تصوير إيران من الناحية الاقتصادية بأنها دولة مشلولة لا تقدر على تقديم نماذج للإقتصاد المقاوم والوطني. في عصر تفجر المعلومات، لا مكان للإعلام الدفاعي لأن العالم اليوم يخوض حرباً إعلامية. إن الكثير من الحكومات غير الديمقراطية والقبلية التي تعاني من هشاشة في هيكليتها الاجتماعية استطاعت من خلال الاستفادة الذكية من قوة الإعلام وتبنّي أساليب الهجوم المركب أن تقدم صورة ديمقراطية وإنسانية جداً عن أنظمتها والتي تختلف عن حقائقها الداخلية تماماً.
تمثل السعودية والكيان الصهيوني نموذجين بارزين لمثل هذه الأنظمة التي تقدم صوراً مغايرة للحقيقة تماماً عبر امتلاك قدرة المناورة الإعلامية.
تعتمد السعودية على شبكة إعلامية مؤلفة من 100 قناة فضائية نشطة بميزانية تصل إلى 10 مليار دولار ومن خلال وضع خطط ذكية لتطبيق إستراتيجية الهجوم المركب في العقدين الماضيين استطاعت من خلق هامش من الأمان لنفسها في العالم رغم انتهاكاتها السافرة لحقوق الإنسان والمشاكل الاجتماعية والأمنية التي تعاني منها.
كما أن الكيان الصهيوني يمتلك 5 آلاف وسيلة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة في الولايات المتحدة والدول الغربية تمكن من خلالها إثارة أجواء أعلامية واسعة ضد الشعب الفلسطيني وإيران ومحور المقاومة واستقطاب الرأي العام الغربي إلى صفه.
لذلك، فإن الخطاب الأخير لقائد الثورة الإسلامية المعظم بشأن وضع آليات الهجوم المركب نبع عن المعرفة العميقة لسماحته بخفايا إثارة الموجات الإعلامية على المستوى الإقليمي والدولي ويجب اعتبارها بوصلة تحدد اتجاه وسائل الإعلام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وإذا كانت وسائل الإعلام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ركزت حتى الآن على الملاحظات المحلية لاعتبارات سياسية وتقاعست عن التوجه نحو تبنّي هجوم مركب، فبعد توجيهات قائد الثورة الأخيرة عليها أن تعيد النظر بشكل جذري في أساليبها الإعلامية.
إنشاء غرفة فكر بمشاركة النخب والمفكرين الإعلاميين الملتزمين يعتبر خطوة مهمة نحو وضع إستراتيجية الهجوم المركب الذي دعا قائد الثورة إليه.
تولي معظم الدول اهتماماً كبيراً بالدور الهجومي للإعلام وتوجد لديها مثل غرف الفكر هذه وهو ما وفر الأرضية لها لتحقيق النجاح في مجال الإعلام وهندسة الرأي العام.
في الساحة الإعلامية يقال إن الإعلام الفائز هو الذي ينظّم أول هجوم دعائي ضد خصمه بشكل ذكي وهادف. لذلك، يوظف العالم الغربي الإعلام كسند للأمن والدفاع الوطني؛ الأمر الذي أدى إلى خفض تكاليفه الأمنية مقارنة بالعقود الماضية.
0 تعليق