المجلس الاستراتيجي أونلاين: قال رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: فيما يتعلق بمسألة مدى الصواريخ، كنا نأخذ في الاعتبار حساسية الغربيين، خاصة الأوروبيين، لكن عندما لا يأخذون هم حساسياتنا في الاعتبار، خاصة في مسألة سلامة أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فلا يوجد سبب يجعلنا أن نأخذ في الاعتبار حساسياتهم ولذلك، من المحتمل أن تزيد إيران من مدى صواريخها.
وشدد الدكتور خرازي على أن الكيان الصهيوني أخطأ في حساباته في الحرب ضد غزة ولبنان، قائلاً إنهم كانوا يعتقدون أن بإمكانهم تدمير حماس وحزب الله من خلال العدوان على غزة ولبنان. وظنوا أنه باستشهاد قادة حماس وحزب الله ستخمد هاتان الحركتان الشعبيتان. لكنها كانت حسابات خاطئة. وفي إسرائيل نفسها يعترف كثيرون بكون هذه الحسابات خاطئة؛ لأن فكر المقاومة والحرية لا يمكن تدميره بالعمليات العسكرية.
وبدوره، هنأ رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران تعيين الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله وتمنى له التوفيق، مضيفاً: “حزب الله بالتأكيد سيواصل عمله بكل قوة تحت قيادة سماحته. إحدى السياسات التي تبناها المرحوم سيد حسن نصرالله هي تهيئة أشخاص لخلافته وخلافة القادة في مختلف مستويات الحزب، ليحلوا في أقرب وقت محل مسؤولي وقادة حزب الله السابقين. وبفضل هذه السياسة يواصل حزب الله عمله بقوة اليوم، ولم تتحقق رغبة الإسرائيليين في انهيار الحزب باستشهاد أمينه العام.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السادة المشاهدون، اهلاً وسهلاً بكم إلى هذه المقابلة مع الدكتور خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في الجمهورية الإسلامية في ايران.
س/ دكتور خرازي، أهلاً وسهلاً بكم على شاشة الميادين. أريد أن أبدأ من العدوان الإسرائيلي على إيران، بين تضخيمه وأيضاً التقليل من شأنه، كيف تقيمون هذا العدوان قياساً بعملية الوعد الصادق 2 التي هزت الكيان الاسرائيلي؟
ما فعله الإسرائيليون رداً على ضرباتنا الصاروخية الناجحة، والتي تمت بـ 200 صاروخ، لم يكن متناسباً؛ وقد تمكنت الدفاعات الإيرانية من اعتراض معظمها، مما أثار احتجاجاً كبيراً في إسرائيل؛ لأنه كان لديهم توقعات أعلى بكثير مما قامت به إسرائيل فعلاً. لذا من الواضح أن ما نفذوه لم يكن رداً يتناسب مع عملياتنا.
س/ كان هناك تعليق لقائد الثورة والجمهورية السيد علي الخامنئي على هذا العدوان بأن اسرائيل ارتكبت حماقة و كان واضحاً بتحذيره لإسرائيل بأن السياسيين الإيرانيين سيقررون كيفية الرد. هل تستعد اليوم الجمهورية الإسلامية في إيران لعملية الوعد الصادق 3 ؟
من المؤكد أن إيران سترد في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة. الأمر المهم هو أن الإسرائيليين أخطأوا في حساباتهم منذ البداية. فقد كانوا يعتقدون أن بإمكانهم تدمير حماس وحزب الله من خلال العدوان على غزة ولبنان. وظنوا أنه باستشهاد قادة حماس وحزب الله ستخمد هاتان الحركتان الشعبيتان. لكنها كانت حسابات خاطئة. وفي إسرائيل نفسها يعترف كثيرون بكون هذه الحسابات خاطئة؛ لأن فكر المقاومة والحرية لا يمكن تدميره بالعمليات العسكرية. هذه هي التجربة البشرية. لذلك فإن حماس وحزب الله ما زالا يواصلان عملهما بقوة، كما ترون. ورغم استشهاد السيد حسن نصرالله، قائد حزب الله، إلا أن الحزب ما زال صامداً، وجرى في الأيام الأخيرة تعيين الشيخ نعيم قاسم خلفاً له. الشيخ نعيم قاسم مسؤول في حزب الله منذ 30 عاماً ويعرف كل تفاصيل الحزب. ولا شك في أن حزب الله سيواصل عمله بكل قوة تحت قيادته.
س/ هنا أريد أن أستطرد قليلاً دكتور خرازي، هل اليوم يمكن أن نقول إنه بعد عمليتي الوعد الصادق 1 و 2 وأيضاً بعد العدوان الاسرائيلي على إيران، اليوم تجاوزت إيران مرحلة الردع إلى مرحلة الحرب الفعلية مع إسرائيل؟ في حال توسعت هذه الحرب بعد الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي، هل اليوم الجمهورية الإسلامية جاهزة لذلك ؟
إننا مستعدون للحرب. مع ذلك لا نريد أن تمتد الحرب إلى المنطقة بأكملها. لقد أثبتنا قدرتنا على الردع بهجماتنا على إسرائيل. لذلك، إذا قررت إسرائيل مواصلة اعتداءاتها، فمن الطبيعي أن نرد عليها.
س/ دكتور خرازي، عدة لقاءات جمعتكم بالشهيد السيد القائد حسن نصرالله، ماذا يمكن أن تخبرنا عنه، عن هذا الانسان العظيم، هذا القائد الذي كان وفياً ومؤمناً وصادقاً في مناصرته للمظلومين وتحديداً لقضية فلسطين، واليوم هو بات سيد الشهداء على طريق القدس. ماذا تخبرنا عن الشهيد نصر الله؟
لقد كان الشهيد نصرالله قائداً قوياً وحكيماً وشجاعاً وشعبياً. كانت سمات شخصيته هذه هي التي جعلت منه سياسياً عظيماً في العالم الإسلامي. بطبيعة الحال، فقدان مثل هذا القائد العظيم هو خسارة للجميع، خاصة اللبنانيين الذين يعوّلون في أمنهم على حزب الله. في كثير من الحالات، فقدت حركات التحرر كبار قادتها لكن آخرون حلوا محلهم. إحدى السياسات التي تبناها المرحوم سيد حسن نصرالله هي تهيئة أشخاص لخلافته وخلافة القادة في مختلف مستويات الحزب، ليحلوا في أقرب وقت محل مسؤولي وقادة حزب الله السابقين. وبفضل هذه السياسة يواصل حزب الله عمله بقوة اليوم، ولم تتحقق رغبة الإسرائيليين في انهيار الحزب باستشهاد أمينه العام. بل نرى حزب الله يواصل أداءه بقوة سواء في ميدان الحرب أو الساحة السياسية.
س/ في غمرة التحديات العسكرية والسياسية والأمنية، أعلن حزب الله أنه انتخب أميناً عاماً له الشيخ نعيم قاسم. بالنسبة لحلفاء حزب الله، ماذا يعني هذا الانتخاب؟ ما دلالاته وتحديداً لإيران وأيضاً كيف يدعّم انتخابه أي مسار أو أي مسعى دبلوماسي في هذه المرحلة؟
الشيخ نعيم قاسم كان منذ سنوات طويلة نشطاً في الساحة السياسية وأظهر قدراته العالية. ينبغي أن نهنئ شعب لبنان والمجلس الأعلى لحزب الله على تعيينه خلفاً للشهيد نصرالله. لقد هنأت السلطات الإيرانية هذا التعيين، وأنا بدوري أيضاً أهنئ هذا التعيين. لا شك في أن حزب الله سيواصل مهامه بقوة تحت قيادة سماحته.
س/ دكتور خرازي، ما هو أفق المحادثات الإقليمية والدولية الجارية اليوم لوقف إطلاق النار سواء في غزة أو في لبنان و كيف تسهم الدبلوماسية الإيرانية في الضغط على الاحتلال و دفعه إلى وقف إطلاق النار على لبنان خاصة؟
إيران لا تتدخل في محادثات وقف إطلاق النار. إن مسؤولية التفاوض بهذا الشأن تقع على عاتق اللبنانيين والفلسطينيين أنفسهم. لكننا نؤيد أي قرار يتخذونه.
س/ في العلاقات مع الغرب والتفاوض غير المباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستعد اليوم لانتخاباتها الرئاسية. إيران اليوم هل ما زالت تتمسك بمسار التفاوض للتوصل إلى اتفاق بشأن النووي؟
إننا ملتزمون بمحادثاتنا وتوافقاتنا السابقة، بشرط أن تلتزم بها الأطراف الأخرى أيضاً. مع الأسف، هم غير ملتزمين بها، وبدلاً من التفاوض يواصلون فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
س/ استراتيجياً، أي آفاق عملية تراها طهران وتعمل عليها في علاقاتها مع روسيا والصين لبناء نظام دولي جديد؟
إن روسيا والصين تبحثان عن نظام عالمي جديد حتى يتحرر العالم من سيطرة الغرب، ونحن نتقاسمهما نفس الموقف. إننا نعتقد أن القوى الناشئة، بما في ذلك إيران، لابد وأن تلعب دوراً بارزاً في النظام العالمي الجديد حتى تتسنى إدارة العالم بقدر أكبر من الديمقراطية، بدلاً من أن يبقى خاضعاً لهيمنة الغرب مالياً وسياسياً. إن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن في إطار منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس وبنك التنمية الجديد تأتي في هذا الاتجاه. إيران عضو في هذه المنظمات وتسعى إلى المضي قدماً نحو بناء نظام عالمي جديد.
س/ فيما يخص اتفاق التعاون الاستراتيجي مع روسيا، لماذا تأخر توقيعه ومتى سيوقع؟
هذا الاتفاق جاهز ويغطي جميع جوانب العلاقات الإيرانية – الروسية. كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه على هامش قمة بريكس الأخيرة في كازان، لكن تقرر فيما بعد أن يتم ذلك خلال زيارة ثنائية لإظهار أهميتها. وإن شاء الله سيتم ذلك قريباً.
س/ دكتور خرازي، كنتم أول من لمّح الى تغيير العقيدة النووية في حال تم تهديد أو استهداف الجمهورية الإسلامية في إيران، لو تشرح أكثر ما الذي قصدته في تغيير العقيدة النووية؟
هذا الموقف لا يزال قائماً وهو أنه إذا واجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تهديداً وجودياً، فسنغير حتماً عقيدتنا العسكرية. إننا اليوم قادرون على إنتاج السلاح، والعائق الوحيد أمامه هو فتوى قائد الثورة التي حرّمت إنتاج السلاح النووي. وفيما يتعلق بالصواريخ، يعترف الجميع بقدراتنا الصاروخية. لقد أثبتنا هذه القدرات بشكل كامل في عمليتي الوعد الصادق. فيما يتعلق بمسألة مدى الصواريخ، كنا نأخذ في الاعتبار حساسية الغربيين، خاصة الأوروبيين، لكن عندما لا يأخذون هم حساسياتنا في الاعتبار، خاصة في مسألة سلامة أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فلا يوجد سبب يجعلنا أن نأخذ في الاعتبار حساسياتهم ولذلك، من المحتمل أن تزيد إيران من مدى صواريخها.
س/ أما في العلاقات والانفتاح على دول الجوار، أي نهج اليوم تعمل عليه ايران وفق أفق هي تراها في علاقاتها مع السعودية، مع مصر، مع تركيا؟
إن السياسة الإستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي توسيع العلاقات مع هذه الدول بغض النظر عن نوع أنظمة الحكم والخلافات التي قد توجد بين دول المنطقة، حتى نتمكن من العمل بشكل جماعي من أجل السلام والأمن في المنطقة. كل جيراننا يدركون هذه السياسة ونحن الآن نتحرك في هذا الاتجاه. بطبيعة الحال، قد لا يكون البعض راضين عن مثل هذه السياسة وقد يروجون في الإعلام ما لا يخدم مصالح المنطقة. لقد رأيتم مؤخراً أنني تحدثت عن تاريخ البحرين وقلت إن البحرين كانت ذات يوم جزءاً من الأراضي الإيرانية وكانت تُعتبر المحافظة الرابعة عشرة في إيران. مع ذلك، البحرين الآن دولة عربية مستقلة ونحن نعترف بها. أثار البعض في وسائل الإعلام الإقليمية ضجة بأن فُلان شكّك في استقلال البحرين وعروبتها، بينما لم يطرح هذا الموضوع وكلامي كان مجرد إعادة سرد لحقيقة تاريخية.
دكتور خرازي، شكراً لكم على إتاحة الفرصة لهذه المقابلة و تحديداً في هذه المرحلة المهمة والحساسة.
آمل أن تنتهي في أقرب وقت هذه الحرب غير المتكافئة، التي أحد طرفيها الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس الإبادة الجماعية وقتل الأطفال وطرفها الآخر أولئك الذين يدافعون عن وجودهم وأرضهم. يظن الكيان الإسرائيلي أنه سينتصر من خلال التمادي في التدمير والإبادة الجماعية والجرائم، إلا أن هذا لا يعد انتصاراً، بل هو إنكار للإنسانية. آخر ما فعله الإسرائيليون هو حظر نشاط منظمة الأونروا في فلسطين، لأنهم يريدون منع الخبز والماء عن أهل غزة. هذه هي ذروة الجريمة ضد الإنسانية. نأمل أن يستيقظ العالم ويضغط على الكيان الإسرائيلي. ومن المؤسف أن الغربيين، سواء الأوروبيين أو الأميركيين، يدعمون هذا الكيان المجرم عن طريق إرسال الأموال والأسلحة. لكن النتيجة واضحة. لا يمكن أبداً تدمير إرادة الإنسان. لقد قرر الفلسطينيون واللبنانيون الوقوف في وجه هذا العدوان والجرائم حتى تحقيق النصر النهائي.
الشكر أيضاً موصول لكم مشاهدينا على متابعة هذه الحلقة. بأمان الله و الى اللقاء.
0 تعليق