المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: على الرغم من أن استخدام النموذج الصيني قد يكون مجدياً لإيران في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه السياسات يجب أن تُعدّل بما يتماشى مع حجم السوق، والقدرات البشرية، والخصائص الثقافية والسياسية للبلاد.
برويز سنكين ـ خبير في مجال الذكاء الاصطناعي
إيران وتحديات الذكاء الاصطناعي
بدلاً من الاعتماد فقط على استيراد التكنولوجيا أو التنافس المباشر مع الدول المتقدمة، يمكن لإيران أن تتبع نهج “الذكاء الاصطناعي المقاوم”، بما في ذلك:
- التركيز على تطوير التقنيات التمكينية الرئيسية (Key Enabling Technologies) محلياً، مثل الذكاء الاصطناعي، والكم، والأمن السيبراني؛
- إنشاء أقطاب وطنية للذكاء الاصطناعي بالاستفادة من قدرات الجامعات، والشركات المعرفية، والهيئات الدفاعية؛
- تطوير البنى التحتية المحلية للمعالجة والحوسبة السحابية، خاصة لمواجهة التهديدات المرتبطة بالعقوبات وتقليل الاعتماد على المنصات الغربية؛
- إعداد وثائق استراتيجية منسقة بين القطاعات، بالتوافق بين وزارات الاتصالات والدفاع والاستخبارات والمؤسسات الأكاديمية.
العقوبات والذكاء الاصطناعي
إن الاستفادة من تجارب دول كالصين والهند وروسيا، التي قطعت خطوات مهمة في هذا المجال بالرغم من العقوبات الدولية، يمكن أن تكون مفيدة لإيران. وبناءً على ذلك، يوصى بما يلي:
- استلهام النماذج الصينية والهندية والروسية في فترات فرض العقوبات أو العزلة: مثل تطوير أنظمة تشغيل محلية، ومحركات بحث، وبنى تحتية حسابية داخلية؛
- بناء سلسلة قيّمة محلية للأجهزة الصلبة، من الرقائق الإلكترونية حتى مراكز البيانات؛
- اتباع سياسات داعمة للشركات المعرفية وتصدير البرمجيات إلى دول مماثلة (مثل فنزويلا، سوريا، العراق، أرمينيا، وآسيا الوسطى)؛
- التعاون التقني مع الصين وروسيا والهند ودول مجموعة البريكس في إطار مشاريع مشتركة؛
- التنبؤ وتطوير مقاومة رقمية ضد الأسلحة العقابية (مثل GPT و AWS و Azure و Google Cloud وغيرها).
فيما يتعلق بالعقوبات والعوائق والتحديات التي تواجه دخول إيران إلى مجال الذكاء الاصطناعي، السؤال المهم هو: إذا تم رفع العقوبات عن إيران، فما هي العوائق البنيوية والبرمجية التي ستواجهها في هذا المجال؟
في حال رفع العقوبات، سنواجه ما يلي:
- اندفاع التكنولوجيا المستوردة والعودة للاعتماد على المنصات الغربية؛
- إضعاف الصناعات المحلية الناشئة في مواجهة عمالقة التكنولوجيا (مثل مايكروسوفت وغوغل و NVIDIA)؛
- خطر تسرب المعلومات الوطنية والاعتماد البنيوي على خدمات أجنبية؛
- غياب المعايير واللوائح الوطنية لاستقطاب التكنولوجيا ونقل المعرفة.
إيران وتجربة الصين في استخدام الذكاء الاصطناعي
يرى الكثيرون أنه يمكن الاقتداء بالنموذج الصيني في الذكاء الاصطناعي، مع اجراء بعض التعديلات تراعي النقاط التالية، مثل:
- لدى الصين سوق داخلي ضخم وحماية صارمة للإنتاج المحلي؛
- تركيز الصين على التصنيع، عسكرة التكنولوجيا، والتحكم في المعلومات؛
- يمكن لإيران أن تستفيد من النماذج الداعمة، ووضع اللوائح التكنولوجية، والاستثمار الحكومي في البحث والتطوير، والدبلوماسية التكنولوجية، كما في الصين. لكن يجب تعديل هذه السياسات بما يتناسب مع حجم السوق، وقدرة القوى العاملة، والخصائص الثقافية والسياسية الداخلية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب السيبرانية بين الصين والغرب ستؤثر على الأمن السيبراني في إيران، مما يستدعي النظر في الجوانب التالية عند استخدام النموذج الصيني:
- تصاعد النزاع بين الصين والغرب حوّل الفضاء السيبراني إلى جبهة متعددة الطبقات وغير قابلة للسيطرة؛
- في هذه الأثناء، تتعرض إيران لهجمات إلكترونية (Proxy Cyberattacks) بالوكالة؛
- يجب أن تكون أدوات الدفاع قادرة على التصدي لهجمات الغرب، وكذلك التهديدات البرمجية من الحلفاء (بسبب التشارك التكنولوجي)؛
- الأمن السيبراني في إيران بحاجة إلى بنية محلية موحدة تتنبأ بالتهديدات المتعددة المصادر.
إيران والتحديات المقبلة
تواجه البلاد حالياً مشاكل ونقصاً ملحوظاً في مجالي الموارد البشرية والتعليم في مجال الذكاء الاصطناعي، لذا، لا بد من القول إن إيران تواجه التحديات التالية في مجال الذكاء الاصطناعي:
- الاعتماد على بنى تحتية معالجة أجنبية (GPU, Cloud)؛
- هجرة النخب العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي؛
- عدم وجود نظم محلية لتدريب نماذج اللغة؛
- الافتقار إلى التنسيق بين المؤسسات، وضعف ترسيم السياسات التكنولوجية.
في الوقت نفسه، ورغم كل العوائق الداخلية والخارجية، هناك حلول يمكن من خلالها، في حال اتخاذ قرارات حاسمة ومنسقة وجادة في هذا الصدد، التغلب إلى حد كبير على المشاكل، ومن بينها:
- إنشاء مجلس أعلى للتقنيات الناشئة بميزانية وصلاحيات تنفيذية؛
- تطوير بنية تحتية وطنية سحابية مخصصة للذكاء الاصطناعي؛
- تدريب النخب بنهج حل المشاكل الوطنية؛
- توظيف الإمكانيات العسكرية والأمنية في تطوير التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام؛
- تصميم نموذج وطني للذكاء الاصطناعي قائم على الأخلاق والمقاومة.
0 تعليق