جدیدترین مطالب
الفرصة الاستراتيجية لإيران كي تصبح قطباً دوائياً في غرب آسيا
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال محلل بارز في مجال الصحة والعلاج: على إيران، إذا أرادت أن تتحول إلى قطب دوائي في المنطقة، أن تغيّر قواعد اللعبة لصالحها. ويجب أن يقوم نهجها الاستراتيجي على ثلاثة محاور: سرعة التنفيذ، الاستفادة من الذكاء المحلي، والاعتماد الاستراتيجي الإيجابي، كي تتحول من مجرد بائع للمنتجات إلى مهندس وضامن لأمن الصحة الإقليمي.
ارتباك الغرب في الحرب الأوكرانية
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: تُظهر تجربة السنوات الثلاث والنصف من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما رافقها من توترات في هذا الإطار مع الغرب، أنّ الروس لم يتراجعوا في أيّ مرحلة أمام الضغوط الغربية المفروضة عليهم، بما في ذلك العقوبات، بل أدّت تلك الضغوط إلى تصعيد التوترات والخلافات والمواجهات، سواء في المنطقة أو في العلاقات بين روسيا والغرب. وعملياً، فإنّ كلّ محاولة في هذا الاتجاه لم تُسفر حتى اليوم عن نتائج إيجابية بالنسبة للأوكرانيين، بل كانت عواقبها عليهم سلبية، إذ واجهوا مزيداً من الهجمات الروسية.
أحدث المقالات
الفرصة الاستراتيجية لإيران كي تصبح قطباً دوائياً في غرب آسيا
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال محلل بارز في مجال الصحة والعلاج: على إيران، إذا أرادت أن تتحول إلى قطب دوائي في المنطقة، أن تغيّر قواعد اللعبة لصالحها. ويجب أن يقوم نهجها الاستراتيجي على ثلاثة محاور: سرعة التنفيذ، الاستفادة من الذكاء المحلي، والاعتماد الاستراتيجي الإيجابي، كي تتحول من مجرد بائع للمنتجات إلى مهندس وضامن لأمن الصحة الإقليمي.
ارتباك الغرب في الحرب الأوكرانية
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: تُظهر تجربة السنوات الثلاث والنصف من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما رافقها من توترات في هذا الإطار مع الغرب، أنّ الروس لم يتراجعوا في أيّ مرحلة أمام الضغوط الغربية المفروضة عليهم، بما في ذلك العقوبات، بل أدّت تلك الضغوط إلى تصعيد التوترات والخلافات والمواجهات، سواء في المنطقة أو في العلاقات بين روسيا والغرب. وعملياً، فإنّ كلّ محاولة في هذا الاتجاه لم تُسفر حتى اليوم عن نتائج إيجابية بالنسبة للأوكرانيين، بل كانت عواقبها عليهم سلبية، إذ واجهوا مزيداً من الهجمات الروسية.
الحرب الأوكرانية؛ من الاستنزاف إلى إعادة توزيع القوة

عابد أكبري ـ باحث في الشؤون الأوروبية
الحرب التي بدأت بشعار الدفاع عن النظام الدولي وردع روسيا ودعم أوكرانيا دعماً مطلقاً، تحولت اليوم إلى اختبار لقياس قدرة الغرب وإرادته وتماسكه. ما كان يُراد له أن يكون رمزاً لوحدة الديمقراطيات، بات اليوم موضع شكّ عميق داخل الغرب نفسه.
في بداية الحرب، تحدثت الولايات المتحدة وأوروبا بثقة عن هزيمةٍ سريعة لروسيا، غير أن النصر في ساحة المعركة لم يعد في المتناول، فيما أدت التكاليف السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة إلى التشكيك في شرعية الاستراتيجية الغربية برمتها. فالتضخم المتصاعد، وأزمة الطاقة، وتراجع الدعم الشعبي، وظهور الحركات الشعبوية المناهضة للحرب في أوروبا، كلها مؤشرات على التآكل الاستراتيجي والانقسام الداخلي في الغرب. هذا بينما خرج الهدف الأولي، أي إعادة أوكرانيا إلى حدود ما قبل عام 2014، فعلياً من أجندة صناع القرار.
أوروبا هي الضحية الأكبر لتناقضاتها. فمن جهة، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إظهار جبهة موحدة في مواجهة روسيا، لكنه من جهة أخرى يواجه واقعاً من الاعتماد الاقتصادي على الطاقة، وتباين المصالح بين شرق القارة وغربها، وضغوطاً اجتماعية ناجمة عن تكاليف الحرب، جعلت من تماسكه الظاهري تحدياً عميقاً. فدول أوروبا الشرقية تصرّ على استمرار الحرب، بينما تتعالى في العواصم الغربية مثل باريس وبرلين أصوات تدعو إلى التفاوض والتسوية. هذه الانقسامات تُظهر أن أوروبا لا تملك لا استراتيجية خروج من الحرب، ولا القدرة على مواصلة حرب استنزافية طويلة.
أما الولايات المتحدة، التي دخلت المواجهة في البداية بدافع استعادة مكانتها العالمية وردع روسيا، تواجه اليوم تحدياً مزدوجاً: من جهة الحاجة إلى احتواء الصين في شرق آسيا، ومن جهة أخرى تصاعد الضغوط الداخلية لتقليص الإنفاق الخارجي. وتزيد الانقسامات السياسية الداخلية من تعقيد المشهد؛ فتصريحات دونالد ترامب المتناقضة – من انتقاده للتكاليف الباهظة لدعم أوكرانيا إلى وعوده بإعادة هيبة الغرب في مواجهة روسيا – تعكس أزمة هوية في السياسة الخارجية الأمريكية، وأزمةَ إجماع استراتيجيّ آخذة في التآكل داخل واشنطن.
كما أن ادعاء الغرب الدفاع عن “النظام الدولي القائم على القواعد” بات موضع تساؤل متزايد. فبينما يقدم دعمه غير المشروط لأوكرانيا في مواجهة روسيا، يلتزم الصمت إزاء الأزمات الإنسانية في مناطق أخرى، خصوصاً في غرب آسيا وأفريقيا، الأمر الذي شوّه صورته كمدافع عن القيم العالمية. ترى العديد من دول الجنوب العالمي هذه الحرب لا كدفاع عن النظام الدولي، بل كمسعى للحفاظ على احتكار الغرب للسلطة. وقد أدى هذا التصور، خصوصاً في المنظمات الدولية، إلى تزايد المسافة السياسية عن مواقف الغرب، وتعميق انعدام الثقة به.
ورغم الخطاب الغربي حول تماسك حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن الواقع يُظهر أن التحالف أكثر عرضة من أي وقت مضى لتوترات داخلية خفية. فالخلافات حول تمويل الدفاع، والعجز عن صياغة استراتيجية خروج، وتردد بعض الأعضاء إزاء تكاليف الدعم المفتوح لأوكرانيا، كلها تكشف عن تصدعات هيكلية في الحلف. كما أن اعتماد أوروبا المفرط على الولايات المتحدة في قراراتها الأمنية، أظهر مجدداً ضعف الاتحاد الأوروبي الاستراتيجي. فما زالت أوروبا عاجزة عن صياغة سياسة أمنية مستقلة عن واشنطن، وهو ما يجعل مستقبل تماسكها موضع شك.
وعلى المستوى الأوسع، سرّعت الحرب الأوكرانية من وتيرة الانتقال من نظام أحادي القطب إلى نظام أكثر تعددية. ففشل الغرب في تحقيق أهدافه أتاح المجال لقوى أخرى – مثل الصين والهند – لتلعب أدوار الوساطة والموازنة. ونتيجة لذلك، يتشكل الآن نظام دوليّ أكثر توزيعاً للقوة، حيث لم يعد الغرب اللاعب المهيمن المطلق. هذا التحول لم يكن نتيجة قرارات مدروسة من الغرب، بل نتيجة غير مقصودة لسياساته.
كما كشفت الحرب عن الفجوة بين الأهداف المثالية للغرب والحقائق الجيوسياسية. فبينما أراد الغرب أن يبعث برسالة ردع إلى القوى الأخرى من خلال دعمه لأوكرانيا، جاءت النتيجة عكسية: فقد ازداد تشدد موقف الصين بشأن تايوان، وتعزز تعاون روسيا مع القوى غير الغربية، وابتعد النظام الدولي أكثر فأكثر عن مركزية الغرب. وربما تكون خسارة المصداقية أكبر ثمن دفعته الولايات المتحدة وحلفاؤها في هذه الأزمة.
في ظل هذه الأوضاع، فإن تحقيق السلام في أوكرانيا، وإن بدا مستبعداً، لن يشكّل نهاية للأزمة، بل بداية مرحلة جديدة من إعادة تعريف الأدوار وإعادة توزيع موازين القوى. فستُضطر أوروبا إلى إعادة صياغة استراتيجيتها الأمنية، بينما يتعين على الولايات المتحدة إعادة توزيع مواردها بين أولوياتها العالمية، وستسعى روسيا بدورها إلى تعديل سياساتها لمواجهة عزلتها الدولية.
وفي خضم هذا كله، فإن المسألة الأهم بالنسبة لدول مثل إيران ليست الحرب أو السلام بحد ذاتهما، بل تداعياتهما الهيكلية على النظام الدولي. فسلام محتمل في أوكرانيا قد يُعيد تركيز اهتمام الغرب نحو مناطق أخرى، منها غرب آسيا، بما قد يضاعف الضغوط السياسية والأمنية. لذلك، ينبغي على إيران أن تعتمد الواقعية، وتعمل على تنويع علاقاتها الخارجية، وتتجنب الاعتماد على أقطاب القوة المتغيرة، لتُعيد تعريف موقعها في النظام العالمي الجديد، نظام لن ينجح فيه سوى من يستطيع توظيف التحولات والانقسامات لتعزيز استقلاله ونفوذه.
0 تعليق