المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرّح خبير في شؤون المنطقة بأن أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف في الكيان الصهيوني يسعون إلى القضاء الكامل على حركة حماس، ويواصل نتنياهو الحرب لكسب رضاهم.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية حول التطورات والأجواء الداخلية في الأراضي المحتلة، قال هادي سيد أفقهي: الحرب وتداعياتها على القضايا الداخلية للكيان الصهيوني واضحة وجلية؛ فكلما طُرحت احتمالية التفاوض بين الكيان الصهيوني والفصائل الفلسطينية، وظهرت مؤشرات على انفراج محتمل، يعمد نتنياهو إلى قلب طاولة المفاوضات رأساً على عقب، ما يدلّ على أن مصلحة هذا الكيان ومصلحته الشخصية تكمن في استمرار الحرب.
وأضاف: قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان نتنياهو يواجه عدة مشاكل أساسية؛ من بينها ملف الفساد المالي الذي يطاله هو وأفراد أسرته، إضافة إلى الإصلاحات القضائية التي تقضي بضرورة مرور الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية عبر الكنيست، وهو أمر قد يؤدي إلى تمرير أحكام تتعلق بفساده إذا لم يكن الكنيست معه، مما كان سيشكل أزمة خطيرة في حكومته.
وقال الخبير في شؤون المنطقة: بعد السابع من أكتوبر، أضيفت قضية هجمات حماس ومسألة الأسرى – التي لم تُحل بالكامل حتى الآن – إلى تلك المشاكل، حيث لا يزال ٥٩ أسيراً لم يُطلق سراحهم، وكلما طال أمد هذه القضية، كان ذلك في غير صالح نتنياهو.
وفي معرض رده على سؤال حول سبب خرق نتنياهو لوقف إطلاق النار واستمراره في الهجمات على غزة، قال: أولاً، ترامب منح نتنياهو حرية كاملة في غزة، لكنه حدّد له سقفاً زمنياً للتوجه نحو السلام وحلّ القضية. ومن الطبيعي أن استمرار الوضع الراهن في غزة وانتهاك القوانين الإنسانية لا يصبّ في مصلحة ترامب.
وأكد الخبير في شؤون المنطقة أن الوضع الحالي لنتنياهو داخل الكنيست جيد، وأحد أسباب تعامله المتساهل مع مسألة الأسرى وعدم استعجاله في إطلاق سراح الباقين هو دعم الكنيست له، وأضاف: من خلال التبديلات والإقالات والتعيينات التي أجراها، إضافة إلى الامتيازات التي قدّمها للتيارات الدينية واليمينية المتطرفة في الأراضي المحتلة، حصل على دعم أكبر. وفي الوقت الراهن، يحظى نتنياهو بدعم ٦٨ مقعداً في الكنيست، وهو عدد لا يُستهان به. وإذا ما أدت التظاهرات في تل أبيب إلى الإخلال بالأمن الداخلي للكيان الإسرائيلي، فقد يعلن الكنيست حالة الطوارئ، وهو أمر لا يصبّ في صالح نتنياهو.
وتابع: إن استقالة أو إقالة رئيس جهاز الشاباك كانت من ضمن الإجراءات التي اتخذها نتنياهو للبقاء في السلطة، لكن رئيس الشاباك لم یکن مجرد فرد یعارض هذا النهج، بل هناك تيار بأكمله وقف في وجه نتنياهو. وشهدنا لاحقاً توقيع عرائض غير مسبوقة في الكيان الصهيوني من قبل طيارين وأطباء وعسكريين وموظفين في الموساد، الذين انضموا إلى الاحتجاجات الداخلية. وقد صرّح مؤخراً كل من إيهود باراك ولابيد بأن الوضع بات قريباً من الحرب الأهلية، وإذا ما تصاعدت هذه التطورات، فسيواجه الكيان الصهيوني وضعاً خطيراً. مع ذلك، فإن دعم الكنيست لنتنياهو يمنحه اليد العليا لمواصلة الحرب.
وقال الخبير في شؤون المنطقة: إن أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف في الكيان الصهيوني يسعون إلى القضاء الكامل على حماس، ويواصل نتنياهو الحرب لكسب رضاهم. من جهة أخرى، فإن مسألة إفراغ غزة من سكانها تحظى بدعم كل من ترامب والتيار اليميني المتطرف في الكيان الإسرائيلي.
وتابع سيد أفقهي: بعيداً عن الأزمات الاقتصادية والسياسية، فإن إصرار نتنياهو على إعادة الذين غادروا الأراضي المحتلة منذ بداية الحرب، يُظهر مدى أهمية هذه المسألة بالنسبة له. وقد هدّد نتنياهو بقطع الامتيازات عنهم إذا لم يعودوا خلال شهرين، إلا أنه اضطر إلى تمديد هذه المهلة نظراً للظروف غير المستقرة.
وفيما يخص مفاوضات إيران والولايات المتحدة وموقف الكيان الإسرائيلي منها، قال: نتنياهو بالتأكيد غير راضٍ عن هذه المفاوضات، وكان يسعى إلى تكرار سيناريو مشابه لما جرى في ليبيا مع إيران. هذه كلها ضغوط تدفعه إلى توسيع رقعة الحرب في محاولة لتثبيت وضعه. وإذا كانت آفاق المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إيجابية، فإن ترامب سيمنع نتنياهو من اتخاذ خطوات أحادية وعدوانية، نظراً لكونه ينظر إلى القضايا من منظور اقتصادي بالدرجة الأولى، حتى في الملفات الأمنية البحتة مثل مستقبل حلف الناتو.
وصرح سيد أفقهي: إن نتنياهو يواجه وضعاً هشاً داخل الأراضي المحتلة، وقد تتدهور الأوضاع في أي لحظة. وفي الوقت ذاته، اندلعت الحرب مجدداً، وأعادت كل من حماس والجهاد الإسلامي نشاطهما ضد الكيان الإسرائيلي؛ فعندما حاولت القوات الصهيونية دخول غزة برياً، ردّت حماس بقوة. وعلى الرغم من هشاشة وضعه الداخلي، إلا أن نتنياهو لا يزال قوياً في الكنيست، ولذلك ينبغي الانتظار حتى يتضح إلى أي جانب ستميل كفة الميزان في المستقبل.
وختم الحوار قائلاً: يعتمد نتنياهو داخلياً على الأحزاب الدينية اليمينية وعلى خصومه داخل حزب الليكود، ويعارض بشدة أي خطوة من شأنها الإبقاء على حركة حماس، كوقف إطلاق النار. مع ذلك، يرى كثيرون أن دعم اليمين المتطرف لنتنياهو لن يدوم طويلاً، وقد يضطر نتنياهو في النهاية إلى اللجوء لمفاوضات السلام واتفاق لوقف إطلاق النار لتهدئة الولايات المتحدة.
0 تعليق