المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الدولية: يجب تحليل دعم بوتين لقرار ترامب بضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة في إطار الأهداف طويلة الأمد لروسيا. هذه الموقف ليست سوى تكتيك للحصول على فوائد أكبر في المستقبل.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية حول دعم فلاديمير بوتين الأخير لخطة ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، قال محمود شوري: يجب دراسة تصريح بوتين في إطار مجموعة من الأهداف الاستراتيجية لروسيا. قد يبدو للوهلة الأولى أنه يريد تبرير الهجوم الروسي على أوكرانيا، لكنني أعتقد أن الهدف الرئيسي هو منح ترامب تنازلات في مجالات أقل أهمية حتى لا يتعرض للضغط في القضايا الأكثر حيوية، مثل التوترات الثنائية أو الأزمات الدولية.
المواجهة بين الولايات المتحدة وأوروبا؛ فرصة لروسيا
وأضاف: خلاف ترامب مع الأوروبيين حول غرينلاند يصب في مصلحة موسكو. كلما اشتد التوتر بين الولايات المتحدة وأوروبا، كلما قل تركيز الغرب على روسيا. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يسعى بوتين من خلال هذا الموقف إلى تجنب تقديم تنازلات أكبر لواشنطن في المستقبل.
هل سيؤدي هذا الموقف إلى تغيير في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة؟
وأكد الخبير أن هذه التصريحات ليس لها تأثير حاسم على سياسات روسيا، مشيراً إلى أن: غرينلاند قضية سيادية، والقرار النهائي يعتمد على عوامل متعددة، وليس فقط على دعم أو معارضة روسيا. ومع ذلك، ترحب موسكو بالأجواء التي طرأت بين الولايات المتحدة وأوروبا. كذلك، إذا تحقق الانضمام، ستتوسع أوجه التعاون بين روسيا والولايات المتحدة في القطب الشمالي، رغم أن ذلك سترافقه تحديات أيضاً.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هذا يعني تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، أوضح: إن الفكرة القائلة بأن العلاقات بين البلدين تسير نحو التحسن، هي مجرد تفاؤل لا أساس له من الصحة. فالتوترات بشأن أوكرانيا لا تزال قائمة، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق في هذا الصدد. لذلك، لا ينبغي اعتبار دعم بوتين لضم غرينلاند علامة على تغيير في النهج الاستراتيجي لروسيا.
وحسب قول المحلل؛ يجب اعتبار موقف بوتين جزءاً من لعبة دبلوماسية معقدة تهدف إلى خلق توازن في مواجهة الغرب والحصول على مكاسب استراتيجية، وليس تعبيراً عن رغبة في التقارب مع الولايات المتحدة.
أهمية غرينلاند الاستراتيجية؛ لماذا يسعى ترامب للضم؟
الجدير بالذكر أن غرينلاند، التي تبلغ مساحتها حوالي 2.2 مليون كيلومتر مربع، تُعتبر أكبر جزيرة غير قارية في العالم. هذه الأرض المتجمدة، التي يغطي الجليد 80% منها، لها أهمية استراتيجية من عدة جوانب:
1/ الموارد المعدنية والطاقة: تشير التقديرات إلى أن غرينلاند تمتلك احتياطيات هائلة من المعادن النادرة (الضرورية لصناعات التكنولوجيا العالية)، والنفط، والغاز، واليورانيوم. مع ذوبان الجليد نتيجة التغيرات المناخية، يصبح الوصول إلى هذه الموارد أسهل.
2/ الموقع الجغرافي: تقع غرينلاند بين المحيط الأطلسي والقطب الشمالي، مما يجعلها قاعدة مثالية لمراقبة الأنشطة البحرية لروسيا والصين. ولا تزال قاعدة توله الجوية، التي تم بناؤها خلال الحرب الباردة، تستخدمها الولايات المتحدة.
3/ المنافسة في القطب الشمالي: مع تراجع الجليد القطبي، سيسهل الوصول الى طرق بحرية جديدة وموارد طاقة إضافية. فالسيطرة على غرينلاند يمكن أن يعزز موقف الولايات المتحدة في هذه المنافسة.
في الوقت نفسه، واجهت خطة ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة ردود فعل دولية أخرى. الدنمارك، التي تعتبر غرينلاند جزءاً من أراضيها، وصفت هذا الاقتراح بأنه “مضحك”. كما أن الاتحاد الأوروبي قلق من أن هذه الخطوة قد تشكل نموذجاً لقوى أخرى للتدخل في أراضٍ أخرى. وأعربت الصين، التي قامت في السنوات الأخيرة باستثمارات في غرينلاند، عن معارضتها لهذه الخطة.
يطرح الخبراء عدة دوافع محتملة حول سبب إصرار ترامب على ضم الجزيرة، وهي كالتالي:
1ـ الوصول إلى الموارد: في ظل سعي الولايات المتحدة لتقليل اعتمادها على استيراد المواد المعدنية، يمكن أن تكون غرينلاند خياراً مناسباً.
2ـ مكسب دعائي: قد يرغب ترامب في كسب نقاط سياسية داخلية من خلال الادعاء بأنه “وسّع أراضي الولايات المتحدة”.
3ـ المنافسة مع الصين: الحد من نفوذ الصين في المنطقة، التي نفذت مشاريع منجمية في غرينلاند في السنوات الأخيرة.
على الرغم من كل هذه التحليلات، يبدو أن احتمال تنفيذ هذه الخطة ضئيل جداً، لأنها تواجه معارضة شديدة من سكان غرينلاند الذين فضّلوا مؤخراً الاستقلال أكثر عن الدنمارك، بالإضافة إلى وجود عقبات قانونية دولية لضم الأراضي دون موافقة السكان. علاوة على ذلك، فإن إدارة مثل هذه الأراضي الواسعة ذات الكثافة السكانية المنخفضة (حوالي 56 ألف نسمة) ستتطلب مبالغ طائلة.
0 تعليق