المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال باحث في قضايا غرب آسيا حول نهج أوروبا والغرب تجاه قتل العلويين في سوريا على يد القوات المسلحة التابعة للجولاني: إن مصالح الأوروبيين وبشكل عام النهج الأمني للغرب، هي التي تحدد سلوك وأفعال الأوروبيين تجاه التطورات في سوريا.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية حول التطورات في سوريا والهجمات الأخيرة على العلويين السوريين، قال هوشنك شيخي: إن مستقبل سوريا لا مفر من أن يتشكل في دائرة معيوبة من العنف وذلك بسبب الطبيعة العنيفة للجماعات الموجودة، والخلفية المتناقضة والتنازع بين هذه الجماعات المسلحة، وغياب مظلة خطابية شاملة للهوية الوطنية السورية، بالإضافة إلى الضعف الخطير في التسامح بين المسلحين الموجودين. لا ينبغي أن نتجاهل أن السلطة التي تم الاستيلاء عليها عبر فوهة البندقية، من غير المرجح أن تخضع لصناديق الاقتراع. خاصة لدى الجماعات ذات الفكر السلفي، فصاحب السلاح عند تنفيذ قاعدة “الغلبة” لا يعتبر نفسه ملزماً بالحصول على الشرعية أو القبول الشعبي، وهذه النظرة تؤدي إلى تفاقم دائرة العنف مع الكراهية تجاه الطوائف والمجموعات القومية والدينية في سوريا مثل العلويين من قبل القوات التي تخضع لقيادة الجولاني، مما يحول مصير سوريا إلى ساحة معاداة وصراع داخلي.
وأضاف الباحث: علاوة على ذلك، فإن مسودة الإعلان الدستوري التي وقّعها الجولاني ستؤدي إلى تفاقم التناقضات في سوريا، حيث إن جميع المواد الـ 53 المعلنة ستكون موضع خلاف ونزاع.
وفيما يتعلق بردود الفعل الدولية تجاه التطورات الأخيرة في سوريا وقتل الأبرياء من الطائفة العلوية على يد القوات التابعة للجولاني، أوضح هذا الخبير في الشؤون الإقليمية: إن ردود الفعل الدولية على المجازر الواسعة بحق العلويين في سوريا لم تكن بمستوى الجرائم التي ارتكبت ضد العلويين وسكان المدن الساحلية. لو كانت نفس هذه الجرائم قد ارتكبت من قبل قوة أو مجموعة سياسية غير مرتبطة بالغرب، لكان من المحتمل جداً أن يتم طرح القضية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأن تخضع لآليات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إن التوصيات الأخلاقية التي قدمتها فرنسا والولايات المتجدة وغيرها من الدول الغربية والعربية بشأن المجازر والتعذيب في محافظات طرطوس واللاذقية وحمص ليست شيئاً يمكن أن يبرر مسايراتهم للجولاني في الأشهر الأخيرة.
وتابع القول: لقد جرت لعبة سياسية – إعلامية في هذا السياق بإدارة أمريكية، حيث تم الكشف عن رسالة استسلام قوات سوريا الديمقراطية أمام الجولاني. وقد تم نقل مظلوم عبدي، قائد قوات قسد، عدة مرات تحت حماية قوات سنتكوم إلى دمشق، حيث التقى بالجولاني بشكل غير قابل للنشر (off the record)، وقام بمصافحته والتفاوض معه عشية تصاعد أجواء الرأي العام الاقليمي والعالمي ضد قتل العلويين، ودمج جميع التشكيلات الخاضعة تحت قيادته مع حكومة الجولاني، ومع نشر الصورة، استحوذ على العناوين الرئيسية لجميع وسائل الإعلام، مهمشاً بذلك موضوع قتل العلويين، وفرض رواية المصالحة على واقع الصراع في سوريا، ولكن بالطبع لا يمكنه إخفاء الكراهية السائدة في الميدان.
وصرّح أن الديناميكيات داخل المجتمع السوري، والتنوع ونزاعات الهوية، والخلفيات العدائية، وتدخلات الغرب لصالحه، خصوصاً فرنسا والولايات المتحدة في فترات مختلفة، تفاقم تعقيد القضايا السورية، مشيراً إلى أن تحليل ومراجعة مسودة الإعلان الدستوري السوري الجديد التي كشف عنها وأعلنها الجولاني، تظهر تماماً الفخاخ الدستورية لسوريا وإمكانيات تفجير الأزمات التي يحملها هذا الدستور وعقلية الجولاني، التي تتعارض مع معظم القيم المعلنة من قبل الأوروبيين.
وأضاف هذا الخبير والباحث في شؤون الشرق الأوسط: نظراً لوجود فجوة عميقة بين السياسة المعلنة والعملية للأوروبيين، فمن غير المرجح أن يسعى الأوروبيون إلى اتخاذ خطوات عملية ومصيرية لتعديل مسودة الإعلان الدستوري المعلنة لتتوافق مع مواقفهم المعلنة، حيث أن العديد من حلفاء أوروبا لديهم علاقات دافئة مع الأوروبيين بمثل هذه القوانين المماثلة، وفي النهاية، للحفاظ على الهيبة، كما حدث في مجزرة العلويين على يد قوات الجولاني، سيكتفون بالتقارير البحثية وبيانات الإدانة والتوصيات الأخلاقية.
0 تعليق