المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الإقليمية إن الواقع الميداني في المنطقة، وخاصة في غزة والضفة الغربية، لا يسمح لترامب ونتنياهو بالبقاء في هذه المنطقة أو نقل ساكنيها إلى مكان آخر.
في حواره مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية حول خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، شدد سيدهادي سيدأفقهي على أن هذه الخطة مرفوضة وتشبه إلى حد كبير الوهم، وقال: من وجهة نظر القوانين الدولية، تعتبر غزة والضفة الغربية مناطق محتلة. بعد عام 1967، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن هذه الأراضي محتلة، كما أنها تعترف بمقاومة الدول التي تُحتل أراضيها من قبل العدو والمعتدي، وتعتبر أن هذه المقاومة بأي شكل ووسيلة هي حق مشروع للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال.
وأضاف: المسألة الأخرى هي أن الواقع الميداني لا يسمح لا لترامب ولا لنتنياهو بالبقاء في هذه المنطقة؛ إنهم يريدون أن يفعلوا في الضفة الغربية مثل ما قاموا به في غزة، بالطبع ليس بحجم الحرب البرية في غزة، لكن هدفهم الرئيسي هو الاحتلال والضغط على الشعب الفلسطيني هناك لإجبارهم على مغادرة مناطقهم، وفي الوقت نفسه تدمير البنية التحتية.
وفي اشارة إلى ردود الفعل الدولية والإقليمية تجاه هذه الخطة قال الخبير في الشؤون الإقليمية: إن الأردنيين والمصريين أعلنوا رسمياً أنهم يرفضون الخطة. وقد أعلن وزير الخارجية الأردني أنه حتى لو وصلنا إلى الحرب بسبب هذا الموضوع، فلن نسمح للفلسطينيين بدخول الأردن، ومن الأفضل أن تبقى الأردن للأردنيين.
وتابع سیدأفقهي: من جهة، يعتقد العديد من مؤيدي الحزب الجمهوري أنها خطوة جنونية لا تؤثر على المنطقة فحسب، بل وتؤثر سلبياً أيضاً على جميع التطورات في النظام الدولي. أضف إلى ذلك، فإن دول العالم باستثناء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني قد رفضوا هذه الخطة واعتبروها امراً مستحيلاً؛ فليس من المقبول أن يتم طرد اصحاب الأرض من أرضهم لأن ترامب يريد أن يحولها إلى منطقة سياحية.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان ترامب يعلم أن تنفيذ هذه الخطة أمراً محالاً، قال سيدأفقهي: هناك فرضيتان في هذا الصدد؛ الأولى هي أنه أعلن عن خطته ليرى كيف ستكون ردود الفعل تجاهها ولإحداث خلل في التوازن المعنوي في المنطقة، وهي فرضية ضعيفة بالطبع. الفرضية الثانية هي أنه طرحها ليتمكن، رغم ردود الفعل والرفض الدولي والإقليمي، من تحقيقها في النهاية من خلال تكراره المستمر.
وعن ردود فعل المجتمع الدولي، والجامعة العربية، والفلسطينيين قال الخبير في الشؤون الإقليمية: إذا أبدت المنطقة مقاومة وردود الفعل جدية تجاه الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، فإن تنفيذ هذه الخطة سيتوقف بالتأكيد. فالعديد من المحللين يرون أن هذه الخطة لن تتحق في النهاية مع هذا الحجم الهائل من الرفض، وأن المتضرر الأول منها هي الولايات المتحدة.
وأضاف أن المحفز الرئيسي لهذه الخطة هو نتنياهو، قائلاً: ليس فقط هذه الخطة، بل حتى وجهات نظر وتوجهات ترامب الأخرى تزعزع استقرار العالم. قال إيلون ماسك إن ترامب يشعر بالخطر من هذه الإجراءات، وقد تنعكس الآثار السلبية لهذه التوجهات والقرارات داخل الولايات المتحدة. لأن الأمر لا يتعلق فقط بغزة والضفة الغربية، بل بمواقفه حول قناة بنما، والمكسيك، وكندا، وغيرها. بالطبع، كانت ردود فعل الدول تجاه أطماع ترامب إلى الآن مناسبة، مما يدل على أنه إذا لم يتمكن ترامب من فرض آرائه، فسيتعين عليه إعادة النظر في سياساته العامة.
وفيما يتعلق بنظرة أوروبا تجاه خطة ترامب بشأن غزة والضفة الغربية قال سيدأفقهي: أمام الأوروبيين عدة تحديات مع الولايات المتحدة. أحدها مسألة الرسوم الجمركية، حيث ادعى ترامب أنه سيرفعها من 10% إلى 25%، وقد أعلن الأوروبيون أيضاً أنهم في حال تحقق ذلك، سيتخذون إجراءات مماثلة. المسألة الأخرى هي زيادة نسبة المساهمة في الناتو، حيث قال ماكرون في هذا الصدد إن الدول الأوروبية يمكنها أن تنشئ ناتو أوروبي خاص بها. المسألة التالية هي أنه إذا تم تنفيذ خطة ترامب لإخراج الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، فإن المنطقة بأكملها ستصبح غير آمنة، وقد تؤدي إلى حروب واسعة النطاق، خاصة وأنها تهدد أمن نقل الطاقة في المنطقة.
واستطرد القول: واجه الأوروبيون خلال حرب أوكرانيا مشاكل في ما يتعلق بنقل الغاز إلى أوروبا، في حين لم تتعرض الولايات المتحدة لأي خسائر في هذا الصدد. لذلك، من المؤكد إن الأوروبيين يفكرون في مسألة ضمان أمن الطاقة فيما يتعلق بأي تهديد للأمن في منطقة غرب آسيا. اليوم، يأخذ الأوروبيون هذه الخسائر بعين الاعتبار ويقفون بطريقة ما في وجه الولايات المتحدة، وكلما زاد ترامب الضغط، كان ذلك في غير صالح الولايات المتحدة.
وأضاف: العالم لن يبقى ساكتاً أمام هيمنة ومطامع الولايات المتحدة، وقد شهدنا ذلك في هذه الفترة القصيرة.
وحول اعتقاد البعض أن بعض خطط ترامب لترحيل الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية ناجمة عن ضعف جبهة المقاومة، صرح الخبير: من قال إن حماس وجبهة المقاومة قد ضعفت؟ لماذا ذهب نتنياهو مسرعاً إلى الولايات المتحدة؟ الجواب لأنه لا يستطيع المضي قدماً في المراحل التالية من الحرب مع حماس. بينما كان نتنياهو قد أعلن أنه دمر 80% من حماس، إلا أن حماس نفسها جلبت كل قواتها من أجل تحرير الأسرى، وكانت فضيحة كبيرة للكيان الإسرائيلي. من جهة أخرى، وقف إطلاق النار في لبنان كان بسبب ضعف الكيان الإسرائيلي في الرد على صواريخ حزب الله.
0 تعليق