المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: تشير الأنباء إلى أنه في يومي الخميس والجمعة 31 أكتوبر و 1نوفمبر، اجتمع حوالي 50 ناشطاً سياسياً ومسؤولاً في الحكومة الأفغانية السابقة خلف الأبواب المغلقة ليومين في إسطنبول بتركيا، لمناقشة إمكانية استئناف المحادثات بين الأطراف الأفغانية. هذا الاجتماع، الذي عقد بدعم من الحكومة التركية وبمبادرة من "مؤتمر الحوار الوطني" الذي أسسه في عام 2022حكمت كرزي، ومصطفى مستور، وذبيح الله زيارمل، ونبيله مصلح، وإدريس زمان، وأيوب عرفاني، وفريما نوابي، من المسؤولين السابقين في الحكومة الأفغانية.
سيد رسول موسوي ـ المدير العام السابق لشؤون جنوب آسيا في وزارة الخارجية الإيرانية
إن الهدف من هذا الاجتماع هو السعي إلى تمهيد الطريق لبدء المحادثات السياسية لحل الأزمة الأفغانية من خلال “استئناف محادثات الدوحة بين الأطراف الأفغانية” التي توقفت بعد سقوط كابول بيد طالبان عام 2021.
يقال إنه تمت دعوة “جميع التيارات السياسية في أفغانستان”، بما في ذلك حكومة طالبان، للمشاركة في هذا الاجتماع، كما شارك فيه نشطاء سياسيون وممثلات للنساء من كابول وبلخ وهرات. وهناك تقارير تفيد بأنه على الرغم من أن طالبان لم ترسل ممثليها الرسميين، إلا أنها أعطت “الضوء الأخضر” للمشاركة في الاجتماعات المقبلة.
في قائمة المشاركين أسماء مثل جعفر مهدوي، وعبد القيوم سجادي، وفوزيه كوفي، وشكريه باراكزي، ونيلوفر أيوبي، وفرخنده زهرا نادري، من الأعضاء السابقين في مجلس النواب الأفغاني، وحبيب الرحمن حكمتيار، وعالم خليلي، ممثلي قلب الدين حكمتيار ومحمد كريم خليلي من القادة الجهاديين، ونصير أحمد أنديشه سفير أفغانستان في سويسرا، وبشير أحمد تينتش، وسيد أنور سادات، وأصيله وردك، وشاه محمود مياخيل ومحمد عالم ساعي.
وحتى كتابة هذا المقال، لم يُنشر مزيد من المعلومات حول هذا الاجتماع. وبالنظر إلى الوضع في أفغانستان ودول الجوار والمجتمع الدولي (الجهات المانحة) المهتمة بالتطورات في أفغانستان، واستناداً إلى البيانات الحالية، يمكن – إلى حد ما – تحليل النتائج المحتملة للاجتماع ودراسة مكانته في التطورات ذات الصلة في أفغانستان.
تنقسم العمليات المؤثرة في تطورات أفغانستان إلى صنفين، داخلي وخارجي. ومن أهم العمليات الداخلية هي 1. جبهة المقاومة الوطنية، 2. جبهة تحرير أفغانستان، 3. الجبهة المتحدة لأفغانستان، 4. مجلس المقاومة الوطنية لإنقاذ أفغانستان، 5. حركة التحرير الأفغانية، 6. الاتجاه الأخضر (أمر الله صالح) و 7. عملية فيينا (الفرع السياسي لجبهة المقاومة الوطنية). كما يمكن تصنيف العمليات الخارجية المؤثرة في أفغانستان إلى فئتين: العملية الدولية (الدوحة) والعملية الإقليمية (موسكو واجتماع وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان).
من دون الخوض في شرح أهداف وغايات كل من هذه العمليات، فإن النقطة المهمة هي أن أي آلية جديدة للتأثير على مستقبل أفغانستان ستكون في نهاية المطاف جزءاً من هاتين العمليتين الكليتين، داخل أفغانستان وخارجها. تشير المعلومات المنشورة حول اجتماع إسطنبول إلى أنه إذا تجاوز هذا الاجتماع مجرد كون حدث عقد لمرة واحدة وأصبح يمتلك خطة طويلة المدى، فيمكن اعتباره جزءاً من العمليات الأفغانية الداخلية.
مع ذلك، فإن جميع العمليات الأفغانية الداخلية تراقب العمليات خارج أفغانستان وتحاول زيادة قدرتها على التأثير على مستقبل أفغانستان من خلال التعاون معها. ومن أجل فهم أفضل لتوجه اجتماع اسطنبول، إذا تمكنا من الإجابة على السؤال بأنه “هل ستكون قرارات هذا الاجتماع أكثر انسجاماً مع أي من العمليات الإقليمية أو الدولية؟” فسيكون لدينا تحليل أدق لهذا الحدث.
قبل التطرق إلى هذا السؤال، سيكون من المفيد الإشارة إلى ما أفادته وزارة الخارجية القطرية مؤخراً بأن علياء بنت أحمد بن سيف آل ثاني، مندوبة قطر لدى الأمم المتحدة، تحدثت مع روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن عقد الجولة الرابعة من اجتماع الدوحة. رغم أن وزارة الخارجية القطرية لم تحدد موعد هذا الاجتماع، لكنها أشارت إلى أنه سيتم الاستفادة من الزخم الإيجابي الذي أحدثه نجاح اجتماع الدوحة الثالث والبناء على مخرجاته في الاجتماع الرابع الذي سيعقد في الدوحة.
تجدر الإشارة إلى أن اجتماع الدوحة الثالث الذي عقد يومي 30 يونيو و1 يوليو من هذا العام في قطر برئاسة روزماري ديكارلو. وشارك ممثلو طالبان في هذا الاجتماع لأول مرة، لكن غابت النساء والمجتمع المدني والمعارضون السياسيون لحكم طالبان، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة من قبل المنظمات الدولية ونشطاء حقوق الإنسان. وفي نهاية الاجتماع أكدت ديكارلو أن هذا التفاعل لا يعني تطبيع العلاقات مع طالبان وأن مشاركة الأفغان، بما في ذلك النساء، في صنع القرار أمر ضروري.
بالنظر إلى أنه سيعقد اجتماع الدوحة الرابع والاجتماع الخامس لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان في عشق آباد قريباً، فمن المحتمل أن تولي كل عملية من العمليات الأفغانية الداخلية مزيداً من الاهتمام لأحد هذه الاجتماعين. وبحسب تركيبة الحاضرين، يبدو أن اجتماع إسطنبول يسعى إلى استقطاب اهتمام اجتماع الدوحة ويحاول إيصال وجهة نظره إلى منظميه ويكون بمثابة غرفة فكر لذلك الاجتماع.
وأخيراً، في حين أن عملية الدوحة تعقد مدعومة بإمكانيات مادية كبيرة والآن أصبح اجتماع اسطنبول يلعب دور الداعم الفكري والنظري له، من المؤسف أن اجتماع وزراء خارجية دول الجوار لم يبذل اهتماماً كافياً للجوانب الفكرية والنظرية.
0 تعليق