المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رداً على سؤال فيصل العباس، الصحافي السعودي ورئيس تحرير صحيفة عرب نيوز الناطقة باللغة الإنجليزية، أن السعودية "خيار مناسب" كمكان لعقد اجتماع سلام محتمل بين موسكو وكييف.
كامران كرمي ـ باحث في شؤون الشرق الأوسط
يمكن تفسير رغبة بوتين هذه على أنها انعكاس لعلاقات روسيا المتوسعة مع السعودية باعتبارها واحدة من شركاء موسكو الناشئين؛ العلاقات التي اكتسبت أبعاداً واسعة منذ عام 2019، خاصة في أوبك بلس. من ناحية أخرى، فإن رغبة موسكو في حل الأزمة الأوكرانية عبر السعودية هي انعكاس لعلاقة الرياض الممتدة على مدار عقود مع الكتلة الغربية، مما يجعل السعودية لاعباً محتملاً بين الأطراف المتصارعة. لذلك فإن موقع الرياض من حيث المقومات السياسية والاقتصادية جعل موسكو تبدي رغبة في إسناد مثل هذا الدور للسعودية.
فعلاً قد لعبت السعودية دوراً في هذا الصدد من قبل، ومن الطبيعي أن بوتين قد أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في رده على الصحافي السعودي؛ فقد اجتمع ممثلون عن أكثر من 40 دولة في مدينة جدة السعودية مطلع سبتمبر/أيلول 2023، دون حضور روسيا، لبحث الحرب في أوكرانيا وكيفية احتواء هذه الأزمة. تلك المحادثات، رغم عدم توصلها إلى نتيجة ملموسة، ساهمت في تقديم الرياض كلاعب وسيط بين الطرفين.
رغم ذلك، أكد بوتين في رده على أن الانتقال إلى أي محادثات سلام يجب أن يتم بناءً على المسودة التي تم التوصل إليها خلال محادثات 2022 في تركيا. ففي عام 2022 عُقدت محادثات بين كييف وموسكو لحل الخلافات من خلال مسودة معاهدة سلام، واقترب الطرفان من السلام بشكل كبير، لكن لم يتم التوقيع عليها. اوكرانيا لو كانت وقعت على هذه المعاهدة، تكون قد وافقت بأن تصبح دولة محايدة ذات جيش محدود مقابل ضمانات أمنية دولية.
وفقاً لبوتين، وافق الوفد الأوكراني أولاً على مسودة المعاهدة، لكنه غادر طاولة المحادثات بعد ذلك فجأة. وقال مسؤولون في كييف في وقت لاحق إنهم لا يثقون في الروس وإن الزعماء الغربيين نصحوهم بعدم قبول شروط موسكو. في الوقت ذاته، يعتقد الجانب الروسي أن الوعد بالانضمام إلى حلف الناتو جعل أوكرانيا تنسحب من المحادثات.
وتماشياً مع استعداد بوتين لعقد محادثات سلام في السعودية، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطته المقترحة باسم “أمن الطاقة” واعتبر هذه الخطة على أنها بداية إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. لكن إذا وضع الطرفان مسألة الطاقة جانباً، فمن الممكن أن يكون ذلك أساساً وبداية لمحادثات بشأن إنهاء الصراع.
مع ذلك، فإن مواقف الطرفين، خاصة إصرار أوكرانيا على خطة السلام المؤلفة من 10 نقاط والتي قدمتها لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وتتضمن استعادة أوكرانيا سلامة أراضيها وتبادل الأسرى بموجب صيغة الكل مقابل الكل وضمانات نووية وأخرى متعلقة بالأمن الغذائي وأمن الطاقة، تجعل التوصل إلى السلام أمراً بعيد المنال للغاية. وبطبيعة الحال، لن يكون بمقدور الرياض أن تساعد في هذه العملية إلا عندما يتم أولاً خلق توازن بين مواقف روسيا وأوكرانيا بحيث يضع السلام في متناول اليد.
0 تعليق