المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الدولية: إن تعلل الاتحاد الأوروبي وعدم دعمه لفرض عقوبات ضد مسؤولي الكيان الإسرائيلي هو دلالة على ضعف الاتحاد امام ضغوط الكيان والولايات المتحدة.
في حواره مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار علي بيكدلي الى عدم دعم الاتحاد الأوروبي لطلب جوزيب بوريل، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، الداعي الى معاقبة وزيرين متطرفين في الحكومة الإسرائيلية وقال: جزء من طلب بوريل معاقبة مسؤولي الكيان الإسرائيلي هو للحفاظ على الظروف الداخلية لأوروبا والاحتجاجات التي اجتاحت هذه القارة في الأشهر الأخيرة رداً على الإبادة الجماعية والجرائم في غزة.
وتابع: بالطبع، لأن بوريل في الأشهر الأخيرة من مسؤوليته كرئيس للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ويحمل أفكار اشتراكية وشعبية، فهو يحاول اتخاذ إجراءات وقرارات تتعلق بحقوق الإنسان والإنسانية. كان لدى بوريل أيضا ميول شخصية لجلب إنتباه الرأي العام عندما كان وزيراً للخارجية الإسبانية. لذا يمكن القول أن جزءاً كبيراَ من مساعي مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على مسؤولي الكيان الإسرائيلي هو قرار شخصي.
وفيما يتعلق بعدم دعم الإتحاد الإوروبي لفرض عقوبات على وزراء حكومة الكيان الإسرائيلي الذين ينشرون الكراهية ضد الفلسطينيين بشكل علني، قال بيكدلي: على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي وحتى بعض الدول الأوروبية دعموا الفلسطينيين جيداً وعارضوا قتل النساء والأطفال في غزة، فمن المهم أن تتخذ الدول الأوروبية قراراً سياسياً جماعياً في هذا الصدد، سواء بشكل مستقل أو في إطار الاتحاد الأوروبي. بالطبع، يبدو أن هذه الدول لم تصل بعد إلى مرحلة تكون فيها معادية للكيان الإسرائيلي وضد مصالحه ومسؤوليه. لذا لا يمكن تحقيق طلب بوريل.
وأضاف: من الناحية القانونية، يجب تمرير مثل هذا القرار في البرلمان الأوروبي، وهذا يجعل من الصعب على جوزيب بوريل تحقيق طلبه.
وفي إشارة إلى الإستياء من مسؤولي الكيان الصهيوني، خاصة بنيامين نتنياهو، بشأن القرارات التي اتخذها حتى الآن فيما يتعلق بحرب غزة، قال الخبير في الشؤون الدولية: رغم أن نسبة الاستياء العالمي والمحلي من نتنياهو في الأراضي المحتلة عالية جداً، إلا أنه من غير الممكن سياسياً للأوروبيين مواجهة هذا النظام ورئيس وزرائه. يمكن لهذه الدول أن تفرض عقوبات قانونية أو مستقلة على المسؤولين الإسرائيليين، نظراً لقوانين حقوق الإنسان الموجودة في الاتحاد الأوروبي وحتى في بلدانهم، لكن العقبة الرئيسية أمام تحقيق ذلك هي التفاعلات واللعبة السياسية التي لا تسمح للأوروبيين بالقيام بذلك في الوقت الحالي.
وتابع: “الأوروبيون بالتأكيد لا يقدموا على فرض عقوبات على مسؤولي الكيان الإسرائيلي، وذلك لأنهم يتخذون مواقف سياسية وإنسانية لمواجهة الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي، وخلافاً للمواقف السياسية والاجتماعية التي يتخذونها، فقد دعموا هذا الكيان وأفعاله حتى الآن. في الواقع، هم مجبرون، في حالات بسيطة جداً، على اتخاذ إجراءات لحماية حقوق الإنسان، والتي هي مثلهم وشعاراتهم السياسية. على سبيل المثال، أعلنت المملكة المتحدة أنها ستخفض 10 في المائة من مبيعاتها من الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي. إن تحرك لندن يرجع فقط إلى ضغط الحزب الحاكم وضغط الرأي العام في البلاد، إلا إن دعمها المالي والعسكري للكيان، باق. في الواقع، هذه الإجراءات هي مجرد مسرحية لتبرير وإدارة أجواء الرأي العام الداخلي.
وعن منع الكيان الإسرائيلي جوزيب بوريل من زيارة الأراضي المحتلة، قال بيكدلي: ربما كان رداً على تصرفات بوريل ومواقفه الحادة تجاه حرب غزة وسياسات الكيان الإسرائيلي. على الرغم من أن هدف السيد بوريل من السفر الى الأراضي المحتلة، يبدو أنه لتبرير وشرح تصريحاته ومواقفه الحادة الأخيرة تجاه الكيان الإسرائيلي، إلاّ أن مسؤولي الكيان لم يسمحوا له بذلك. ولا يستبعد أن يكون مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قد حاول حل الخلافات الأخيرة مع مسؤولي الكيان بناءً على نصيحة بعض الدول.
وذكر الخبير في الشؤون الدولية: رغم أن الدول لديها سياسة خارجية مستقلة وينطبق هذا على الدول الأوروبية، إلا أن التفاعلات الدولية والثنائية تمنع أحياناً تطبيق سياسات مستقلة للبلدان. وقد اتخذت بعض الدول الأوروبية حتى الآن خطوات مهمة ضد الكيان الإسرائيلي، ويصح هذا القول في قضايا أخرى مثل الحرب الأوكرانية. على سبيل المثال، رغم أن الرئيس المجري اتخذ تدابير تدعم روسيا وقام بزيارات في هذا الصدد، إلا أن المصالح الجماعية في إطار الاتحاد الأوروبي تفرض قيوداً على دعمه لروسيا.
وقال بيكدلي: لسوء الحظ، تتبنى الدول الأوروبية بسهولة سياسات ومعايير مزدوجة في مجال حقوق الإنسان في أوكرانيا وغزة وإيران ومناطق أخرى. كذلك، فيما يتعلق بمسألة حرب غزة وقتل الأبرياء في القطاع، فبينما يصرون على أن ما يفعله الكيان الإسرائيلي هو إبادة جماعية صريحة، فإنهم ما زالوا يتجنبون فرض عقوبات أو وقف التعامل مع هذا الكيان. هذا النهج الأوروبي هو دلالة على ضعف الحكومات الأوروبية أمام الولايات المتحدة وضغوطها لدعم الكيان الصهيوني.
واختتم الحوار بالقول: إن دولاً مثل فرنسا وبريطانيا التي تتواجد فيها اعداد كبيرة من المواطنين المسلمين واليهود، يجب أن يأخذوا في قراراتهم الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية لهؤلاء المواطنين بعين الإعتبار. لكنهم في النهاية يأخذون مصالحهم ومصالح حلفائهم بعين الإعتبار، وليس مصالح ومطالب أناس لحماية حقوق الإنسان.
0 تعليق