المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح خبير في القضايا الإقليمية: سنشهد في المستقبل تكثيف السياسات المناهضة للهجرة من قبل الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لأن هذه الدول تعتقد أن العديد من أعضاء داعش دخلوا بأشكال مختلفة، خاصة في سياق المهاجرين إلى الدول الأوروبية والأمريكية ويجب التعامل مع هذا المسار بطريقة أو بأخرى.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية قال علي رستمي عن تهديد داعش في أوروبا باعتباره إرهاباً أجنبياً: يقال أنه في أفغانستان توصلت حكومة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية إلى تفاهم غير مكتوب حول عملية الحكم في أفغانستان، حتى يتمكن كلاهما من مواصلة أنشطتهما في هذا البلد لكن داعش ذبح الكثير من الناس من قبائل الهزارة، وقد أثار ذلك ردود فعل دولية وإقليمية، وبسبب هذه الضغوط، توصلوا إلى اتفاق جديد على ألا يكون لداعش شأن داخل أفغانستان وأن يركز فقط على خارج هذا البلد ويرسل قواته فقط إلى خارج أفغانستان.
وأشار إلى أن وجود ونشاط داعش بأشكال مختلفة في أوروبا ليس لإنشاء خلافة إسلامية على مبادئ الجماعات التكفيرية، بل هو محاولة لخلق نوع من الخوف الجماعي. إن الإجراءات التي تم تنفيذها في مختلف البلدان الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا وبعض المدن في إنجلترا، وما زالت مستمرة، هي نتيجة لهذا النهج. إن سياسة خلق الخوف من داعش في أوروبا من مصدر طالبان تصب في هذا السياق. بينما من بين الأشخاص المنسوبين إلى داعش، هناك أيضاً العديد من المواطنين الأوروبيين، كما شهدنا خلال نشاط داعش في سوريا. من ناحية أخرى، في السنوات الأخيرة، هاجر العديد من أعضاء هذه المجموعات إلى الدول الأوروبية كمهاجرين، مع الحفاظ على مبادئهم ومعتقداتهم وقد تغلغلوا في مختلف القطاعات والتحقوا برفاقهم.
وذكر رستمي أن تنظيم داعش أنشأ بعض الخلايا الأمنية في أوروبا ذات تماسك داخلي وتنشط في قضايا مختلفة، مضيفاً: بالإضافة إلى ذلك، مالياً، يتم تغذية هذه الخلايا الصغيرة بشكل غير مباشر من قبل بعض الجماعات. قد لا تدعم الولايات المتحدة داعش في أوروبا، لكن هناك مجموعات تستفيد من تدمير أوروبا ومصلحتها هي خلق التوتر والصراع في أوروبا، لذلك فهي تدعم داعش مالياً أيضاً.
وذكر هذا الخبير في القضايا الإقليمية أن صعود الأحزاب اليمينية في بعض الدول الأوروبية أدى إلى تأجيج أجواء التوتر بين المهاجرين ذوي وجهات النظر المختلفة عن الأوروبيين وقال: بصرف النظر عن الأعمال والحركات الإرهابية التي تحدث دائماً في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، فإن الوجود الكبير للمهاجرين من مختلف البلدان الآسيوية والأفريقية قد أدى إلى نشوب هذه المشكلة، وفي السنوات الأخيرة، حاولت أوروبا جاهدة من خلال مكافحة الهجرة، التقليل من الضغوط السياسية والأمنية والثقافية والمالية الناجمة عن وجودهم؛ حيث أن التقارير والتحليلات حول عواقب وجود المهاجرين في أوروبا تحاول الحث على أن المهاجرين يأتون إلى أوروبا بموجب ثقافتهم ومعتقداتهم ويتأثرون بسهولة بالحركات المتطرفة.
وأكد أن القلق من وجود أعداد كبيرة من المهاجرين لا يشمل أوروبا والولايات المتحدة فقط، بل إن هذه المشكلة موجودة لدى جميع الدول التي تقبل المهاجرين؛ وذكر: أن إدارة المهاجرين ومراقبة الحدود هي قضية تم طرحها على جدول الأعمال في العديد من الدول، على عكس السياسات والآراء الديمقراطية التي لديهم في بعض الأحيان في أوروبا، كما أن مسألة ترحيل المهاجرين من الدول الأوروبية هي إحدى القضايا الرئيسية اليوم. وفي السنوات الأخيرة، في كثير من الحوادث والصراعات والاعتداءات بالأسلحة الباردة والساخنة في الدول الأوروبية، تورط المهاجرون للأسف، مما جعل الرأي العام في هذه الدول يتفق على ترحيلهم أو منعهم من دخول هذا البلد. ويمكن رؤية هذه المشكلة حتى في إيران. وبينما ظلت إيران ترحب بالمهاجرين الأفغان منذ عقود، فإن السياسات والخطط الأخيرة لقبول المهاجرين على نطاق واسع تعرضت لانتقادات من الرأي العام، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وتابع رستمي: للأسف، هذه حقيقة أن إرهابيي داعش دخلوا هذه الدول بسهولة عن طريق الهجرة إلى الدول الأوروبية، وبسبب القوانين الديمقراطية في أوروبا وأنشطة جماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الداعمة للمهاجرين، تمكنوا من ايجاد مأوى وملجأ لهم في هذه البلدان، وكذلك يقومون بتجنيد الأعضاء. ومن الطبيعي بعد عدة سنوات أن يتنبه المسؤولون في هذه الدول والمؤسسات المرتبطة بها إلى هذا الخطر. واليوم لم تعد تصرفات هذه المجموعات تشبه التصرفات التي كانت تقوم بها في سوريا والعراق، ولكن من خلال تصرفات صغيرة جداً أصبح لهم تأثير كبير ومهم على نمط الحياة والشؤون الاجتماعية لشعوب هذه الدول.
وقال: لقد رحبت الحكومات الأوروبية بالعديد منهم بسبب قوانينها الداعمة للمهاجرين وحقوق الإنسان، ودعمت هذه القوانين والإجراءات ضد بعض المعارضين، لكنها لا تستطيع أن تتجاهل معارضة الشعب لوجود المهاجرين، والتي أصبحت أساساً لمشاكل أمنية. إذا كان الرأي العام لا يؤيد وجود المهاجرين ويرى الجميع على أنهم دواعش وإرهابيين، فإن الوضع سيصبح خطيراً للغاية وهذا أمر مقلق يهدد مستقبل أوروبا.
وعن المستوى الواسع من المعارضة لقبول المهاجرين في أوروبا، أكد هذا الخبير في القضايا الإقليمية: ليس من الواضح مدى تسليح تنظيم داعش في أوروبا وما مدى الدعم المالي الذي يحظى به؟ لكن صعود الحكومات المناهضة للمهاجرين وترحيلهم الجماعي من هذه البلدان ربما يكون وسيلة لتدمير أهدافهم وخططهم.
وتابع: العديد من التقارير الدولية تؤكد أن الحياة الاجتماعية في أوروبا في خطر بسبب وجود المهاجرين. ويبدو أن الطريق الأسهل هو أن تتخلص أوروبا من الموضوع برمته، وترحّل قسماً كبيراً من المهاجرين بذريعة خطر داعش. تعتقد بعض الدول الأوروبية أن تكلفة قبول المهاجرين مرتفعة بالنسبة لأمن بلدانهم وأن غالبية الناس يريدون طرد المهاجرين، ولكن بما أنهم لا يستطيعون طرد المهاجرين بشكل مباشر بما يخالف قوانين ومبادئ الديمقراطية، فإن أسهل طريقة هي أن يقوموا بهذا الأمر من خلال حكومة يمينية متطرفة ضد المهاجرين.
وأكد رستمي: نشهد الآن في المجتمعات الأوروبية عداوة خفية لدى السكان الأصليين تجاه غالبية المهاجرين، وخاصة المهاجرين غير الشرعيين، وهو أمر ضار وقد يسبب مواجهة بين الناس والمهاجرين. وذلك على الرغم من أن خطر داعش وتوسع نفوذه بشكل منفصل وأيضاً من خلال وصول المهاجرين إلى الدول الأوروبية، أمر جاد بشكل كبير.
0 تعليق