المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في القضايا الإقليمية: "الوضع في المنطقة أصبح معقداً للغاية، والغموض يكتنف أفق محادثات وقف إطلاق النار بين حماس والكيان الإسرائيلي وارتباطها بالرد الانتقامي الإيراني."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، صرح سيدهادي برهاني أن الوضع في المنطقة كان معقداً أصلاً، ألا أن اغتيال إسماعيل هنية في طهران زاده تعقيداً، قائلاً: “اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران أثناء سفره إلى إيران لحضور مراسم إداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني الجديد كان عملاً ضد الأمن القومي الإيراني، وإذا لم ترد إيران على تجاسر الكيان الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، سواء عن طريق رد متبادل أو عن طريق انتزاع امتياز وقف إطلاق النار، فستزداد اعتداءات هذا الكيان أكثر فأكثر.”
وفيما يتعلق بأفق محادثات وقف إطلاق النار، قال الخبير في القضايا الإقليمية: “باغتيال اسماعيل هنية، كان من الطبيعي أن تتأثر محادثات وقف إطلاق النار. لكن وقف إطلاق النار مسألة مهمة؛ لأن الفلسطينيين يعانون من الحرب منذ 10 أشهر وتحولت غزة إلى أنقاض بسبب الهجمات المكثفة للكيان الإسرائيلي، ولذلك فإن جميع دول المنطقة، بما في ذلك إيران، تريد أن تنتهي هذه الاعتداءات وأن يُنقَذ سكان غزة من هذه الظروف المأساوية.”
وتابع: “بعد اغتيال إسماعيل هنية، توجهت أطراف في المنطقة وبعض الدول الغربية والعربية إلى إيران وأثارت فكرة امتناع إيران عن شن هجوم أو تنفيذ رد يزيد التوتر، مقابل قبول الكيان الإسرائيلي وقف إطلاق النار، وأكدت على أن هناك مبادرة عملية في هذا الإطار وينبغي إعطاؤها فرصة.”
وقال برهاني: “يرى بعض الخبراء أن إيران قبلت بهذه الفكرة، ولذلك أصدرت الأطراف الثلاثة المشاركة في المفاوضات، وهي مصر وقطر والولايات المتحدة، بياناً أكدت فيه أن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق وحددت يوم 15 أغسطس/آب لإجراء جولة جديدة من المحادثات لهذا الاتفاق. يبدو أن حماس بدورها راضية عن استمرار المحادثات بهدف وقف هجمات الكيان الصهيوني. كما أن إيران تتحرك بناء على ما تقبله حماس. لكن حماس أعلنت مؤخراً أن هذه المفاوضات ليست ضرورية، لأنه في الجولات السابقة تم التفاوض بشأن القضايا المطروحة وجرى الاتفاق عليها فعلاً، حيث تم إجراء المحادثات والتوصل إلى اتفاق بناء على قرار مجلس الأمن والمقترح الأمريكي. لذلك، إذا تريد الأطراف المعنية وقف إطلاق النار، فعليها أن تفكر في كيفية تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه. تم التوصل إلى الاتفاق المذكور قبل أسبوعين، وكان مبنياً على مقترح بايدن، وقبل به كل من حماس والكيان الإسرائيلي، لكن لاحقاً تنصل الصهاينة عن الاتفاق وأعلنوا أنهم يقبلون هذا الاتفاق بشكل عام، لكن لديهم ملاحظات بشأن بعض التفاصيل؛ وعلى كل حال، لم يُنفَّذ هذا الاتفاق. قد يكون انتخاب يحيى السنوار رئيساً جديداً للمكتب السياسي لحماس أحد أسباب التغير في موقف حماس. فمعروف عن السنوار أنه صاحب موقف حازم ومتشدد تجاه الكيان الإسرائيلي.”
وعن وجهة نظر حماس فيما يخص محادثات وقف إطلاق النار، قال: “حماس لم تتحدث عن وقف المحادثات، بل أكدت أنها غير مجدية؛ لأنه كان قد تم التوصل إلى الاتفاق بالفعل ويكفي تنفيذه.”
وأردف الخبير في القضايا الإقليمية قائلاً: “في موقف جديد، أعلنت حماس أن إطلاق الجولة الجديدة من محادثات وقف إطلاق النار يهدف إلى منع انتقام إيران ولبنان رداً على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر. ولذلك، فإن الوضع الحالي معقد للغاية وغامض. وليس من الواضح في أي اتجاه ستسير التطورات. مع ذلك، ليس من المستبعد أن يكون قرار الاجتماعات الأخيرة في قطر بتأجيل المحادثات لمدة أسبوع يهدف إلى كسب الوقت وتأجيل رد إيران وحزب الله على الأعمال الإرهابية للكيان الصهيوني والذي يمكن أن يزيد من حدة التوتر في غرب آسيا ويخرجها عن السيطرة.”
وأوضح موقف السعودية وقطر تجاه الأمر قائلاً: “السعودية وقطر تريدان تخفيف التوتر وتحاولان إبرام اتفاق وقف إطلاق النار. ومن ناحية أخرى، تدعوان إيران إلى الامتناع عن الرد بحزم على الكيان الإسرائيلي من أجل تخفيف التوتر. ظروف المنطقة زادت من مخاطر انعدام الأمن مما ينطوي على مخاطر وضغوط اقتصادية على هذه الدول، مثلما تراجعت سوق الأسهم السعودية بشكل كبير من جراء التطورات الأخيرة. لذلك كلما توصلت مفاوضات وقف إطلاق النار إلى النتيجة بشكل أسرع، كان ذلك أفضل لهذه الدول.”
وحول موقف الولايات المتحدة عن وقف إطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قال برهاني: “الولايات المتحدة والديمقراطيون بشكل خاص يريدون وقف إطلاق النار ولهذا الغرض يمارسون الضغط على قادة الكيان الإسرائيلي ويرون أن وقف إطلاق النار يخدم فوزهم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. أنصار الديمقراطيين وجزء كبير من الرأي العام الأمريكي يريدون وقف إطلاق النار، أو على الأقل يريدون من الولايات المتحدة عدم تقديم المساعدات المالية والعسكرية للكيان الإسرائيلي وعدم المشاركة في جرائم هذا الكيان. وكلما اشتد التوتر في المنطقة واستمرت الصراعات، سيكون ذلك على حساب الديمقراطيين، وسيزيد من الاستياء من بايدن والديمقراطيين بين الناخبين الأمريكيين.”
0 تعليق