المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في شؤون القوقاز: "قبل فترة، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في موسكو بعد أشهر من الخلاف والتوتر في العلاقات بين البلدين. ونشر الكرملين مقطع فيديو للاجتماع، يقول فيه بوتين لباشينيان إن العلاقات الثنائية تتطور بنجاح."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال حسن بهشتي بور: “رغم أن نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا الذي تم تعيينه في هذا المنصب عام 2018، وضع سياسة التقارب مع الغرب على جدول أعماله لكنه في الحقيقة، لم يكن أبداً معادياً لروسيا؛ إذن، رغم أن البعض يصفونه بأنه مناهض لروسيا، لكنه ليس هكذا بالفعل.”
وتابع: “إن حقيقة تحول باشينيان إلى الغرب لأي سبب من الأسباب لا تعني بالضرورة أنه مناهض لروسيا؛ لأن باشينيان يدرك أن أرمينيا تربطها علاقات متشعبة مع روسيا. وعلى الرغم من أن البلدين ليسا جارين، إلا أنهما مرتبطان ببعضهما البعض من الناحية العسكرية والدفاعية والأمنية والاقتصادية.”
ووفقاً لبهشتي بور، نظراً لأن الحكومتين السابقتين في أرمينيا كانتا مؤيدتين بشدة لروسيا، فإن موسكو الآن لا يمكنها أن تتسامح مع وجود حكومة موالية للغرب في يريفان.
ورأى الخبير أن البعض لجأ إلى الحديث عن تجارب الثورة الملونة لادعاءأن هناك أيادي خفية في أرمينيا وأن الغرب هو الذي تسبب في وصول باشينيان إلى السلطة. إلا أن رصد التطورات في أرمينيا، يكشف عن أن حكومتي كوتشاريان وسركيسيان، وكلاهما من قره باغ، لم تتمكنا من تحسين وضع أرمينيا التي يظهر تخلفها بوضوح عند مقارنتها بجارتها جورجيا التي شهدت تطورات جيدة. لذلك، فإن السبب وراء إقبال الشعب الأرميني لباشينيان لم يكن بسبب الدعايات الغربية والثورة الملونة فحسب، بل بسبب عدم الكفاءة التي عانى منه خلال عهدي كوتشاريان وسركيسيان.
وقال الخبير في شؤون القوقاز عن سبب الخلاف بين موسكو ويريفان: “بعد هذه التطورات، شهدنا هجوم جمهورية أذربيجان على أرمينيا. في ذلك الوقت، كان بإمكان روسيا أن تمنع باكو من التقدم، لكن هناك سببين حالا دون ذلك؛ أولاً، تورط روسيا في حرب أوكرانيا، وثانياً، عدم رضا موسكو من سياسات باشينيان. في الحقيقة، كان تحرير جمهورية أذربيجان أراضيها المحتلة من قبل الأرمن فرصة لمعاقبة الجانب الأرميني.”
وفي إشارة إلى محادثات موسكو، قال بهشتي بور: “خلال هذه المحادثات، أجلست روسيا طرفي الصراع، أرمينيا وأذربيجان، على الطاولة وتم ترتيب اتفاق وقف إطلاق نار بطريقة لا تخلّ بالوجود الروسي هناك. وبعد حدوث هذه التطورات وتحرير الأراضي الأذربيجانية المحتلة، ألقى باشينيان كامل المسؤولية على روسيا، وأعلن أن بلاده لم تعد ترغب في بقاء روسيا في قاعدتها العسكرية في أرمينيا. في الحقيقة، لقد تبنى علناً موقفاً مناهضاً لروسيا بسبب إضعاف موقعه.”
وأكد بهشتي بور: “في ظل هذا الوضع، واجهت روسيا موقفاً أرمينياً لم يكن يميل نحو الغرب فحسب، بل كان يطالب بسحب روسيا وجودها في هذا البلد.”
وذكر الخبير في قضايا القوقاز أن الخلاف الرئيسي بين باشينيان وبوتين هو حول تقليص الوجود العسكري الروسي في أرمينيا، مضيفاً: “الخلاف الآخر هو أن أرمينيا تؤيد بقوة التقارب مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين أن روسيا ترى هذا التوجه نفوذاً للغرب في حديقتها الخلفية في القوقاز.”
وبشأن ما إذا كانت أرمينيا قادرة على البقاء بدون روسيا، قال بهشتي بور: “هذا مستحيل في الوقت الحالي، حيث يحتاج باشينيان إلى 10 سنوات على الأقل حتى يتمكن من إدارة البلاد بدون روسيا”.
واختتم قائلاً: “هذا التوجه سيشکل مشكلة بالنسبة لأرمينيا؛ لأن الولايات المتحدة وفرنسا لا تستطيعان لعب الدور الذي لعبته روسيا في أرمينيا منذ سنوات، إذن الاعتماد على هاتين الدولتين لن يوفر الأمن ليريفان، حيث لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة وفرنسا على الإطلاق.”
0 تعليق