المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في شؤون غرب آسيا: "بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، ادعى مؤخراً في بيان له أن تدمير حماس دون أي ذرائع هو الشرط الأول بشأن اليوم التالي للحرب. وفي الوقت نفسه، قال إنه غير مستعد لاستبدال حكومة حماسستان بفتحستان. تأتي هذه التصريحات في حين أنه في التصويت الذي أجرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، صوت 143 من أصل 193 عضواً لصالح دعم منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال جعفر قنادباشي: “تصويت الدول لصالح تشكيل دولة فلسطينية أثار غضب نتنياهو بشدة؛ لأن سياسة هذا الكيان، من الناحية الاستراتيجية، هي تأسيس إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهو ما صرحوا به علناً في بعض الأحيان، واتبعوه بصمت في أحيان أخرى.”
وتابع: “سلوكيات إسرائيل سياسياً وعسكرياً تثبت أنها لن توافق أبداً على تشكيل دولة فلسطينية حتى وإن كانت بجوارها في الأراضي المحتلة.”
وبحسب قنادباشي، فإن الكيان الإسرائيلي يتابع هذه الإستراتيجية بالفعل من الناحية السياسية والعسكرية. فعلى الساحة السياسية، تبنى إجراءات كالسعي إلى إبرام صفقة القرن في عهد دونالد ترامب وتطبيع العلاقات مع الدول العربية تحت مسمى اتفاقيات إبراهيم للسلام بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين إلى مناطق أخرى مثل صحراء سيناء أو الأردن أو أماكن أخرى.
ورأى الخبير أن هذه الأهداف تظهر أن قادة الكيان الإسرائيلي سيعارضون دائماً تشكيل دولة فلسطينية، بل يهدفون إلى منع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم.
وتابع: “ذلك على الرغم من أن الشخصيات والفصائل الفلسطينية كلها، حتى ياسر عرفات، كانت تؤكد على وجوب الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يوافق عليه أبداً؛ وهو بالتوازي مع رفض عودة اللاجئين، عارض عملياً تشكيل دولة تسمى فلسطين.”
وأشار قنادباشي إلى أن الكيان الإسرائيلي لا يزال اليوم يتمسك بقوة بنفس الإستراتيجية، مؤكداً: “قادة الكيان الإسرائيلي يعتبرون قيام دولة فلسطينية بمثابة تهديد لأمن الكيان ولذلك عارضوا دائماً حل الدولتين الذي قبلت به حتى أوروبا والولايات المتحدة”.
وأوضح الخبير في قضايا غرب آسيا أسباب هجمات الكيان الإسرائيلي واسعة النطاق على قطاع غزة قائلاً: “من الناحية العسكرية، حاول الكيان الصهيوني دائماً تقليص القدرة العملياتية لدى الفلسطينيين من خلال شن هجمات مختلفة عليهم؛ ففي الفترة من 2005 إلى 2024، شنّوا عشر حروب على غزة من أجل تدمير القوة العسكرية للفلسطينيين، والتي يمكن أن تشكل الأساس لتشكيل الدولة الفلسطينية.”
وقال: “من بين إجراءاتهم الأخرى هو الاحتلال التدريجي للأراضي الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية، حيث احتلوا بشكل مستمر المزيد من مناطق الضفة الغربية من خلال تهجير الفلسطينيين وطردهم من منازلهم وقراهم تحت مسمى الاستيطان. وهذه خطة زاحفة للقضاء على الظروف الملائمة لتشكيل دولة فلسطينية.”
واعتبر قنادباشي أن موضوع تشكيل دولة فلسطينية يشكل حالياً مشكلة إضافية بالنسبة للكيان الإسرائيلي في سياق تحقيق أهدافه المعلنة من الهجوم العسكري على قطاع غزة.
وأردف قائلاً: “يؤكد نتنياهو والمقربون منه في الحكومة بوضوح أنهم يريدون تهجير جميع الفلسطينيين من غزة وتفكيك الهياكل العسكرية والسياسية في تلك المنطقة. لذلك، عندما تتحدث الحكومات الأوروبية عن ضرورة تشكيل الدولة الفلسطينية، فمعناه دعم الفلسطينيين ومعارضة الهدف الذي أعلنته تل أبيب في غزة.”
وذكر الخبير في شؤون غرب آسيا أن موضوع حل الدولتين قد أثار اليوم غضب الصهاينة، خاصة نتنياهو، أكثر من أي وقت مضى، موضحاً: “هذا الحل يعني معارضة عمليات الكيان الإسرائيلي في غزة. اليوم، يرتبط مصير نتنياهو الشخصي بحرب غزة؛ أي إذا واجه نتنياهو في معركة غزة وضعاً تدعم فيه الدول الأجنبية الفلسطينيين وأهداف حماس، فإنه سيكون أقرب إلى الهزيمة، وبالنظر إلى الهيكلية السياسية للكيان الإسرائيلي، سيضطر للتنحي عن السياسة.”
وشدد: “لم يكن نتنياهو وبعض المسؤولين الآخرين في الكيان الإسرائيلي يتصورون انطلاق حراك عالمي لدعم غزة في ذروة الحرب عليها.”
واختتم قنادباشي قائلاً: “بينما يرى قادة الكيان الإسرائيلي، خاصة نتنياهو، أن الحل الرئيسي للقضية الفلسطينية هو إلغاء الجماعات السياسية والعسكرية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني، فإن معظم الدول الغربية اليوم تدافع عن حل الدولتين ورغم أنه لن يكون قابلاً للتحقيق لكنه سيشكل عائقاً كبيراً أمام تحقيق أهداف نتنياهو.”
0 تعليق