المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال باحث في الشأن السعودي: وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخراً إلى الرياض خلال زيارته للمنطقة وعقد اجتماعات مع المسؤولين السعوديين. يبدو أن أحد المواضيع الموضوعة على جدول الأعمال بين السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التباحث حول حرب غزة، هو مسار تطبيع العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وهذا البلد العربي.
قال كامران كرمي في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “طالما أن النهج العدواني يسود عقلية الحكومة الحالية للكيان الإسرائيلي، فلا مجال للمضي قدماً في التطبيع”.
فيما يلي النص الكامل للحوار:
سؤال: ما الذي كان يبحث عنه بلينكن في رحلته الأخيرة إلى السعودية؟
تعتبر زيارة بلينكن جزءاً من الجولة المكوكية لوزير الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تدور حول المحور الرئيسي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتقريب وجهات نظر بعض الفاعلين العرب الرئيسيين معاً وذلك لتهيئة الأرضية للأجزاء الأخرى من جدول أعمال الرحلة، يعني الاتفاق على التطبيع بين السعودية والكيان الإسرائيلي ومستقبل إدارة غزة في ظل تشكيل دولة فلسطينية مستقلة. فالزيارات المتكررة من قبل وزير الخارجية الأمريكي إلى العواصم العربية بما في ذلك الرياض، هي جزء من هذا الإطار تتحرك ذهاباً وإياباً بهدف النهوض بالعناصر الرئيسية لاستراتيجية إدارة بايدن لغرب آسيا.
سؤال: ما الذي تغيّر في عملية التطبيع قبل وبعد السابع من أكتوبر؟
يجب اعتبار 7 أكتوبر/تشرين الأول عاملاً جديداً في شرح ما يحدث في منطقة غرب آسيا. بعبارة أخرى، كانت الأرضية قبل 7 أكتوبر، على ما يبدو، يجري إعدادها لتطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الإسرائيلي في إطار اتفاق أمني بين الرياض وواشنطن دون الحاجة لتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، لكن بعد ذلك التاريخ، أصبحت هذه العملية لغزاً حيث كل قطعة منه دون القطع الأخرى لا معنى لها وعقيمة. ما قاله جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي في مقابلة أجراها مؤخراً إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق ثنائي مع الرياض دون تطبيع وتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، تعكس صحة السابع من أكتوبر كحدث حاسم في حسابات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية. كذلك في حسابات السياسة الخارجية للرياض يتم النظر الى تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، مع إعادة الاعتبار للموقف السياسي للسعودية في العالم العربي، كأداة تفاوضية قوية للضغط على الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي.
سؤال: هل يقبل الكيان الإسرائيلي بالشرط السعودي؟
الواقع السياسي والعسكري والأمني الذي يحكم الكيان الإسرائيلي الحالي جعل احتمال تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب أبعد من أي وقت مضى مما كان عليه في الأشهر الأخيرة. طالما أن النهج العدواني يسود عقلية الحكومة الحالية للكيان الإسرائيلي، فلا مجال للتطبيع، حتى لو سلطت وسائل الإعلام الغربية الضوء على الاتفاقية الأمنية السعودية الأمريكية كشرط مسبق للدخول في العملية وتحدثت عن تقدمها. هذا الشرط المسبق نفسه محفوف بالتعقيد، خاصة في مجلس الشيوخ الأمريكي والقضية الاستراتيجية للدعم غير المشروط للسعودية، والتي أعادت القصة المتكررة لتكلفة التدخل في الشرق الأوسط إلى النقاش النظري في الولايات المتحدة. الشيء الحاسم بالنسبة للولايات المتحدة هو أن قول نعم لحليف شرق أوسطي يجعل من الصعب قول لا للآخرين.
سؤال: تبحث الولايات المتحدة عن اتفاق ثلاثي، ما هي عناصر هذا الاتفاق ومدى احتمال أن يتم تنفيذه عملياً وفقاً لما قاله سوليفان؟
عناصر الاتفاق الثلاثي هي إنشاء مظلة للدعم الأمريكي للسعودية في شكل معاهدة أمنية، والتي تشمل في حد ذاتها الأطراف الثلاثة للاتفاق الأمني الثنائي، وشراء الأسلحة المتطورة وبرنامج التخصيب السلمي. العنصر الثاني لهذه المعادلة هو تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الإسرائيلي في إطار اتفاقيات إبراهيم التي سبق توقيعها مع الكيان الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2020 بين الإمارات والبحرين، والعنصر الثالث هو كيف ستُحكَم غزة مستقبلاً في إطار تشكيل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
في فترة ما بعد السابع من أكتوبر، ومع القيمة المضافة لتشكيل دولة فلسطينية مستقلة ومناورة الرياض عليها، لا يمكن للعناصر الأخرى أن تشكل الإطار دون هذا المتغير. حديث جيك سوليفان أنه بدون تطبيع العلاقات، فإن القطع الأخرى من اللغز لا معنى لها، هو أيضاً باسطاً ظله على الجوانب المعقدة الأخرى التي جعلت من الصعب أكثر من أي وقت مضى تقريب وجهات النظر من بعضها البعض. والحقيقة هي أنه بدون حدوث تحول ملموس في السياسة العسكرية والأمنية للكيان الإسرائيلي، سيظل الاتفاق الثلاثي محصوراً في إطار فكرة لا أكثر ولا أقل.
0 تعليق