المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال دبلوماسي إيراني سابق: اعتمدت محكمة العدل الدولية في لاهاي في أوائل أبريل إجراءات جديدة، والتي بموجبها يتعين على الكيان الصهيوني اتخاذ التدابير اللازمة والفعالة للتعاون مع الأمم المتحدة دون أي تباطؤ.
قال كوروش أحمدي في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “إن المحكمة طالبت بزيادة عدد المعابر البرية في غزة وإبقائها مفتوحة لأطول فترة ممكنة. كما نصت هذه المحكمة على أنه يجب على الكيان الصهيوني أن يضمن عدم انتهاك جيش هذا الكيان لحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك عدم منع وصول المساعدات إليهم”.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت قرارات المحكمة ملزمة، أوضح أحمدي: “في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة لأطراف النزاع وتنشئ التزاماً قانونياً؛ ويعني ذلك أن أطراف النزاع ملزمون بقبول قرارات المحكمة وتنفيذها. لكن المشكلة هي أن هذه الأصوات والقرارات ليس لها ضمانة تنفيذية”.
وأضاف: “بعبارة أخرى، الوضع هو أنه إذا لم تنفذ دولة ما القرارات، فإن المحكمة لا تملك الوسائل اللازمة لإلزام هذه الدولة بتنفيذ القرارات. وبالطبع، وفقا للمادة 41 من النظام الأساسي، تلتزم المحكمة بإعلان مجلس الأمن بآرائها بالإضافة إلى إعلانها إلى أطراف النزاع”.
وبحسب أحمدي، إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة، يستطيع المجلس اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ مع ضمان التنفيذ لتطبيق قرارات المحكمة. وبطبيعة الحال، ونظراً للتكوين غير المتجانس لمجلس الأمن، فإن هذا الاحتمال ضعيف.
كما أكد هذا الدبلوماسي الإيراني السابق: “الحقيقة هي أنه في القانون الدولي، المبدأ يتعلق بالسيادة الوطنية للدول، وبسبب السيادة الوطنية لكل واحدة من الوحدات السياسية أو البلدان، باعتباره مبدأً، وأن هذه الوحدات السياسية هي التي أنشأت النظام الدولي، فإن سيادتها الوطنية هي المبدأ، وهي أساس القانون الدولي والنظام الدولي”.
وأشار إلى أن قيام منظمة عابرة للوطنية تتمكن من فرض رأيها على دولة ما هو أمر نادر للغاية في القانون الدولي، وأوضح: “الاستثناء الوحيد هو مجلس الأمن، الذي يمكنه استخدام الضمانة التنفيذية لتمرير قراراته وفرضها على الدول حسب ميثاق الأمم المتحدة. وفي المادتين 41 و 42 من الميثاق أحكام خاصة بتطبيق قرارات مجلس الأمن، ومنها العقوبات والعمل العسكري”.
وأوضح أحمدي: “لذلك، لا تملك أي مؤسسة عابرة للوطنية، باستثناء مجلس الأمن، إمكانية تطبيق قراراتها، حتى لو كانت هذه القرارات ملزمة قانوناً”.
وقال هذا الخبير: “إن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانوناً، لكن لا يوجد ضمان لتنفيذها. وبطبيعة الحال، في حالة مجلس الأمن، فإن الإجراء هو أن أنواع معينة من الأحكام والقرارات الصادرة عن هذه المنظمة تعتبر ملزمة، أي أن القرارات الواردة في الفصل السادس هي على شكل توصيات وغالباً ما لا تعتبر ملزمة، على الرغم من وجود اختلافات في وجهات النظر بين الخبراء القانونيين حول هذه الحالة.”
وذكر أن القرارات التي تتخذها الجمعية العامة تعتبر بشكل عام توصيات، وأكد: “مع ذلك تجدر الإشارة إلى أن القرارات الصادرة عن الجهات الدولية مثل محكمة العدل الدولية، رغم أنها في معظم الحالات لا تتمتع بضمان التنفيذ، فهي ذات ثقل سياسي كبير وتؤثر على شرعية ووجاهة الوحدات السياسية، أي الحكومات ومصالحها”.
وأضاف أحمدي: “بمعنى آخر، الدولة التي لا تتبع هذه القرارات تعتبر دولة ذات خلفية سيئة من الناحية الدولية. ولذلك فإن الدول التي لها تعتدّ بمصداقية نفسها تحاول عادة ألا تكون في موقف تتخذ فيه المؤسسات الدولية قراراً ضدها فتتمرد ولا تنفذه”.
وشدد الدبلوماسي الإيراني السابق كذلك على أن الحكم الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن جرائم الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة كان له بلا شك آثار كبيرة؛ وخاصة التأثيرات السياسية في تشكيل الرأي العام الدولي.
وأوضح: «الرأي العام هو القوة العظمى الرئيسية في عالم اليوم؛ وحتى القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين تواجه مشاكل إذا وقفت أمام الرأي العام. وكما نرى، تغير الرأي العام والسياسة في أوروبا والولايات المتحدة خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية من الدعم الأولي غير المحدود للكيان الإسرائيلي، وتحوّل إلى ضده بشكل غير مسبوق.
وبحسب أحمدي، فإن مثل هذا التغيير في السياسة يرجع إلى حد كبير إلى تأثير الرأي العام الداخلي في الدول وعلى المستوى الدولي من جهة، وقرارات المنظمات الدولية وتصريحات مسؤوليها من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه، كان لقرارات محكمة العدل الدولية وتدابيرها المؤقتة بشأن جرائم الكيان الإسرائيلي في غزة، الأثر الكبير في تشكيل الرأي العام الدولي.
وقال أحمدي في الختام: “إذا أردنا تصور نهايةً لحرب غزة، فبالإضافة إلى إرادة الأطراف، فإن ضغط الرأي العام وضغط المنظمات الدولية فعالان أيضاً، وكل هذه العوامل ستعمل جنباً إلى جنب لخلق تيار يدفع الكيان الإسرائيلي نحو نهاية الحرب والضغط من أجل وقف إطلاق النار وفي هذا الصدد نرى أن هذا الكيان يحاول الهجوم على رفح منذ نحو شهرين لكنه لم يتمكن من ذلك، والسبب الرئيسي لذلك هو الضغوط التي تمارَس على تل أبيب من قبل النظام الدولي والرأي العام بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة والمنظمات الدولية “.
0 تعليق