المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح دبلوماسي إيراني سابق أن إلغاء الحكم الذاتي لكشمير تطور مهم في تاريخ الهند بعد الاستقلال قائلاً: في الوقت الذي لا توجد في الهند أي جماعات سياسية معارضة نشطة وقوية، تمكنت الحكومة الهندية من إقناع المحكمة العليا بإصدار قرار ضم كشمير بشكل كامل للهند. يظهر هذا الإجراء أن الهند الحالية لم تعد الهند بعد الاستقلال، والتي كانت تسمى أكبر ديمقراطية في العالم.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وصف محسن روحي صفت إلغاء الوضع الخاص لجامو وكشمير بالتطور المهم، مصرحاً: “قبل حوالي أربع سنوات، ألغى ناريندرا مودي من خلال البرلمان الحكم الذاتي لجامو وكشمير والذي كان بنداً في الدستور. وقتها شهدت منطقة كشمير احتجاجات كبيرة جداً واشتباكات طويلة لدرجة أن الإنترنت انقطع بالكامل عن كشمير لمدة شهر، وقامت منظمات حقوق الإنسان الدولية بالضغط على الهند في هذا الصدد.”
وتابع: “رغم ذلك، لم تغير الهند ممارساتها. وفي نهاية المطاف، قام حزب بهاراتيا جاناتا، باعتباره حزباً هندوسياً، بقمع الاحتجاجات بمساعدة الجيش ووقف ضد تطلعات شعب كشمير. كان هذا الإجراء بمثابة تطور مهم في تاريخ الهند ما بعد الاستقلال، وانتهى إلى إلغاء الحكم شبه الذاتي لإقليم كشمير.”
وذكر محلل الشؤون الدولية: “كانت بعض الأحزاب الهندية، بما فيها الأحزاب الكشميرية، ترى أن الإجراءات القانونية لمثل هذا القرار لم تراعَ وأن تصرفات مودي لا تتوافق مع القانون، ولهذا السبب تقدمت بشكوى إلى المحكمة منذ حوالي ثلاث سنوات، لكن طوال كل هذا الوقت تجنبت المحكمة تصديق الأمر؛ لأنه بسبب الظروف الداخلية للهند، لم تكن ترغب في الدخول في قضية مثيرة للجدل كانت الحكومة طرفاً فيها.”
وأوضح روحي صفت: “نظراً لاستقلال القضاء الهندي، وهو أمر بالغ الأهمية تاريخياً، فقد قاومت المحكمة العليا في الهند الرضوخ لطلب الحكومة الهندية. لكن في الوضع الحالي بسبب ضعف أحزاب المعارضة في الهند، صدر قرار المحكمة العليا. وجدير بالذكر أن حزب المؤتمر فقد في الفترة الأخيرة الأغلبية في أربع ولايات وتغيرت التركيبة السياسية فيها لصالح حزب بهاراتيا جاناتا. وفي وقت لا توجد في البلاد جماعات سياسية معارضة نشطة وقوية، تمكنت الحكومة الهندية من إقناع المحكمة العليا بإصدار قرار لصالح ما تريده الحكومة.”
وأردف قائلاً: “كان التأخير في إصدار قرار المحكمة نتيجة القلق من تداعيات الأمر والاعتقاد بأن هذا القرار سيواجه رد فعل شعبي. لذلك، بالتزامن مع إعلان القرار، كان الجيش الهندي في حالة تأهب قصوى في إقليم كشمير للسيطرة على أي رد فعل محتمل من جانب الأهالي.”
وقال روحي صفت: “داخلياً، تمكن الحزب الحاكم في الهند من أن يتحول إلى حزب متماسك. وفي هذا الصدد، قامت تكتلات اقتصادية كبرى مثل “تاتا” و “أمباني” وغيرها من الشركات العملاقة بتنسيق خططها وإجراءاتها مع الحزب الحاكم. وأصبح هذا التنسيق بمثابة دعم قوي للحكومة. لذلك فإن الوضع الاقتصادي والسياسي في الهند، إلى جانب مكانتها ونفوذها المتزايد في المنطقة والعالم، يحول دون أن يخلق هذا التغيير في الدستور مشكلة تذكر للهند رغم بعض الاحتجاجات.”
وبحسب الخبير في القضايا الدولية، يبدو أنه في الانتخابات المقبلة، وبسبب ضعف الجماعات السياسية المعارضة، سيحتفظ الحزب الحاكم بالسلطة.
وفي إشارة إلى تصريح وزير الخارجية الباكستاني بأن كشمير ظلت على جدول أعمال مجلس الأمن كنزاع دولي منذ أكثر من سبعة عقود وأن إسلام آباد لا تعترف بالولاية الدستورية للهند على كشمير، تابع: “باكستان ليست في وضع مناسب لاتخاذ إجراءات لمواجهة هذا القرار الهندي. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً للمكانة المهمة التي تتمتع بها الهند في علاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا وغيرها من الدول المؤثرة، فتلك الأطراف ليست كذلك في وضع يسمح لها بدعم كشمير.”
وأكد روحي صفت أنه من خلال هذا الإجراء فقد ضمت الحكومة الهندية بشكل رسمي كشمير إلى أراضيها ثم أمرت بإجراء الانتخابات في إقليم كشمير، كإحدى ولايات الهند، بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) 2024، وأضاف: “بناءً على ما كان ينص عليه دستور الهند سابقاً، لم يكن بإمكان غير الكشميريين امتلاك الأراضي في منطقة جامو وكشمير، وكان يمكن فقط للسكان الأصليين الذين يعيشون هناك امتلاك الأراضي؛ لأن الهدف كان الحفاظ على الهوية الإسلامية لمنطقة كشمير. لكن بإلغاء هذا البند من الدستور، فقد أزيل هذا القيد ويمكن للهنود أيضاً الاستقرار في هذه المنطقة وشراء الأراضي، مما سيؤدي إلى إفقاد كشمير هويتها الإسلامية الموحدة.”
واختتم الخبير قائلاً: “النقطة الأخيرة هي أن الضم الرسمي لكشمير إلى الهند سيظل قضية مثيرة للجدل في العلاقات الهندية – الباكستانية. كذلك، إذا واجه مسلمو كشمير التمييز من حيث التمتع بنفس حقوق المواطنة التي يتمتع بها الهندوس، فقد يتحول الأمر إلى تحدي محتمل للحكومة الهندية.”
0 تعليق