المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: ذكر أستاذ في القانون الدولي أن التصرف النادر للأمين العام للأمم المتحدة باستخدام المادة 99 من الميثاق، تم تحت ضغط سياسي وضغط الرأي العام الذي سبّبه حجم الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة وأكد قائلاً: يجب أن يرفع أنطونيو غوتيريش القضية إلى المجلس العام مع استخدام المادة 12 من الميثاق واستخدام أدوات مثل إرسال ذوي القبعات الزرق أو فريق تقصي الحقائق أو المقرر الخاص أو المراقبين إلى المناطق المحتلة.
أوضح الدكتور غلامرضا خواجي، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أن الأمين العام للأمم المتحدة، في خطوة نادرة، استخدم المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لتسريع عمل مجلس الأمن فيما يتعلق بالحرب التي يشنها الكيان الإسرائيلي على غزة، وطلب اهتمام هذا المجلس نظراً للمآسي التي تشهدها غزة، قائلاً: نظراً لعجز مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، فإن الأمين العام للأمم المتحدة حذّر في رسالته إلى رئيس مجلس الأمن من أن النظام العام في غزة سوف ينهار قريباً وبشكل كامل بسبب ظروفها المخيّبة للأمل، ومن الضروري أن يتخذ مجلس الأمن إجراءات فورية فيما يتعلق بإحلال السلام في غزة.
وأشار إلى أن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لم تستخدم إلا ست مرات من قبل، واعتبر استخدامها دبلوماسياً ورمزياً وأضاف: إن هذا الإجراء الذي قام به الأمين العام، والذي كان نادراً على أي حال، كان تحت ضغط سياسي وضغط الرأي العام. وكان سببه حجم الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة؛ لأننا نشهد زيادة في التوقعات العالمية بشأن ضرورة قيام الأمين العام للأمم المتحدة بدور فعال في هذا الصدد.
وأشار هذا الأستاذ الجامعي إلى نص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، موضحاً: جاء في هذه المادة “أننا نمنح الأمين العام للأمم المتحدة حقاً خاصاً يتجاوز أي سلطة سبق منحها لرئيس منظمة دولية حتى يتمكن من إثارة أي قضية ولفت انتباه مجلس الأمن إليها”. لكن للأسف، من هذه المرحلة فصاعداً، لم تُعرّف أي آلية أخرى للأمين العام ولم يتم منحه أي صلاحيات. وكما شهدنا الفيتو الأمريكي على هذا الإجراء للأمين العام؛ ولذلك فإن المادة 99 لا يمكنها أن تلغي حق النقض للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وأشار خواجي إلى رسالة غوتيريش إلى الرئيس الحالي لمجلس الأمن تفيد بأن الوضع في غزة فظيع للغاية وله عواقب خطيرة على سكان تلك المنطقة، معرباً في الوقت نفسه عن أسفه لعدم فاعلية هذه الإجراءات، وأضاف: هذه التصرفات من غوتيريش تدل على غضب الأمين العام للأمم المتحدة بسبب حجم المآسي والجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة، ومن خلال زيادة التكاليف السياسية على الكيان الصهيوني، جعلت من الممكن للدول الأخرى التعبير عن مواقفها السياسية من خلال الإشارة إلى هذا الإجراء الذي اتخذه الأمين العام.
وفي الوقت نفسه، انتقد أسلوب رسالة غوتيريش إلى مجلس الأمن، واصفاً إياها بالمنحازة، وقال: “إذا تمت ترجمة النص الإنجليزي لرسالة السيد غوتيريش بشأن غزة، فإن العالم أجمع سيصاب بخيبة أمل تجاه دور الأمم المتحدة. لكن مع ذلك جاء وزير خارجية الكيان الإسرائيلي بكل غطرسة واعتبر فترة غوتيريش تهديداً للسلام العالمي وألغى اجتماعه معه احتجاجاً على طلب الأمين العام وقف إطلاق النار. بل إن الكيان الإسرائيلي أمر بطرد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة. لكن تجدر الإشارة إلى عدد موظفي الأمم المتحدة الذين قتلوا في غزة وفي هجمات الكيان الإسرائيلي! وعلى الرغم من أن الأمين العام أعرب فقط عن أسفه لمقتلهم، إلا أن لهجة الكيان الإسرائيلي وأفعاله أصبحت الآن وقحة للغاية تجاه لعب دور الأمين العام للأمم المتحدة.
وأكد هذا الخبير في الشؤون القانونية على ضرورة اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة استخدام أدوات مثل إرسال فرق تقصي الحقائق أو المقرر الخاص أو مراقبين إلى المناطق المحتلة، وقال: يمكن للأمين العام للأمم المتحدة إرسال ذوي القبعات الزرقاء إلى المنطقة. أصحاب القبعات الزرقاء هم الذين تم منحهم الحق في الانتشار في المنطقة ومتابعة تطبيق القانون والدخول في الصراع مع الطرف المخالف. رغم أن أمريكا لن توافق بالتأكيد على إرسالهم إلى هذه المنطقة.
وذكّر خواجي: تعيين جميع الأمناء العامين للمنظمات الحكومية الدولية هو من مسؤولية الأمين العام للأمم المتحدة. وهناك لدينا منظمات يمكنها الآن إعلان موقفها، ويجب تفعيلها بأمر من الأمين العام. وإن كانت القوى العظمى لا تسمح للأمين العام للأمم المتحدة باستخدام صلاحياته.
وفي معرض إشارته إلى لهجة وأسلوب رسالة الأمين العام للأمم المتحدة عندما استخدم المادة 99 من الميثاق بشأن احتلال وكر التجسس (الأمريكي في إيران) ومقارنتها برسالة غوتيريش التي تحدث فيها بشكل متحيز تجاه إسرائيل قال: إن استخدام هذه المادة في قضية احتلال وكر التجسس (في إيران عام 1979) كان أقل تكلفةً للأمين العام من تفعيل هذه المادة ضد جرائم الكيان الإسرائيلي في غزة. في الأساس، لا يتم انتخاب الأمين العام للأمم المتحدة إلا بموافقة أعضاء مجلس الأمن الخمسة، بينما لو كان للأمم المتحدة أمين عام مستقل لتمكن من اتخاذ العديد من الإجراءات حتى الآن حيال الجرائم التي تحدث حالياً في غزة. ومن المؤكد أن الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة مارسا ضغوطاً كبيرة على غوتيريش من أجل هذا الإجراء.
وأشار هذا الأستاذ في القانون الدولي إلى الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني من قتل المدنيين وخاصة النساء والأطفال، ومهاجمة المستشفيات والمدارس، فضلاً عن منع إيصال المساعدات وإرسال الغذاء والدواء، وأكد قائلاً: مع كل هذه المآسي التي تحدث الآن أمام أعين الأمم المتحدة وأمينها العام، أقل ما يمكن أن يفعله الأمين العام هو الاستقالة إذا لم يتمكن من فعل أي شيء. عليه أن يقول إنه لا يستطيع العمل وأن يعلن رسمياً أنه لا يملك الأدوات اللازمة لإحلال السلام الدولي.
وشدد خواجي على أنه يجب على غوتيريش رفع القضية إلى الجمعية العامة للمنظمة باستخدام المادة 12 من الميثاق، وأضاف: للأسف، إذا كان هناك سلام الآن، فهو نتيجة للسلوك المتبادل للدول والعمل المتبادل بينها، ولا أمل في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإحلال السلام في بعض الميادين الدولية الخاصة.
0 تعليق