المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح أحد أعضاء هيئة التدريس بمعهد الدراسات الاستراتيجية بأنه ينبغي رؤية ما إذا كان الصينيون سينتهكون اتفاقية إعادة العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة بسبب وصف بايدن شي جين بينغ بالدكتاتور، وقال: إذا توصلوا إلى هذه النتيجة مرة أخرى فإن تأخر إعادة العلاقات بين عسكريي البلدين يدل على أن اللقاء الأخير بين الرئيسين لم يكن ناجحاً.
اعتبر مهدي شابوري، في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، اللقاء الأخير بين رئيسي الصين والولايات المتحدة بمثابة بداية جديدة للعلاقات بين البلدين بعد فترة توتر استمرت عامين وقال: بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة لتايوان، توترت العلاقات بين البلدين وزاد تحليق البالونات الصينية فوق الأراضي الأمريكية من حدة التوتر. بينما وصلت العلاقات السياسية بين هذين البلدين خلال العامين الأخيرين إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة.
وأشار إلى أنه في ظل هذه الظروف، لم يتراجع مستوى العلاقات التجارية فحسب، بل ارتفع أيضاً خلال فترة بايدن، وقال: في المجال العسكري، هناك خلافات كبيرة بين البلدين في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، وفي هذا السياق، هناك أيضاً توترات أمنية في ما بينهما. وبعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك إلى تايوان وحادثة البالونات الصينية، انقطعت العلاقات بين جيشي البلدين وزادت حدة التوتر.
مشيراً إلى أنه ينبغي أن نرى ما إذا كان الاجتماع الأخير يمكن أن يقلل من مستوى التوتر المرتفع الذي نشأ خلال عامين، ذكر محلل القضايا الاستراتيجية أن القضية الرئيسية في هذا الاجتماع هي إدارة التوترات والتعاون في الشؤون العالمية المشتركة وقال: بعض القضايا مثل السيطرة على العواقب السلبية للذكاء الاصطناعي والمشاكل البيئية والأمراض المعدية، وهي من بين القضايا العالمية التي يرغب البلدان في العمل عليها. إن ما كان في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة وما حاولت تحقيقه في علاقاتها مع الصين خلال العامين الماضيين هو إعادة العلاقات بين عسكريي البلدين.
وتابع شابوري: إن الانفصال بين جيشي البلدين أثار احتمالية حدوث حسابات خاطئة وسوء تفاهم بينهما في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان، وهذا القلق كان موجوداً بشكل خاص لدى الجانب الأمريكي، أن سوء الفهم أو الانطباعات الخاطئة قد تجر الخلافات بين البلدين إلى مرحلة الأزمة العسكرية. لكن بناء على ما تم الإعلان عنه توصلوا إلى ضرورة إعادة هذه العلاقات. وبطبيعة الحال، كان هذا الإنجاز أحد الأهداف التي كان الأمريكيون يبحثون عنها، ولم يرغب الصينيون في القيام بذلك.
وأشار هذا الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية إلى المفاوضات بين البلدين حول السيطرة على النتائج السلبية للذكاء الاصطناعي وأضاف: تسعى الصين والولايات المتحدة إلى منع آثاره المدمرة على العلاقات بين البلدين والعالم من خلال إدارة العواقب السلبية للذكاء الاصطناعي. وعلى كل حال، عليهم أن يتجهوا نحو هذه المفاوضات؛ لأنهم إذا لم يتعاونوا في هذا المجال فإن الطرفين سيتكبدان الكثير من الخسائر بسبب التوتر والخلافات في علاقاتهما.
وأشار شابوري إلى المناقشات التي جرت حول القضايا البيئية العالمية ومكافحة الأمراض المعدية، مذكراً بأن هذا التعاون وصل إلى مستوى منخفض وحتى التعاون البيئي بين الصين والولايات المتحدة انقطع بعد تصاعد التوتر في العلاقات واعتبر عواقبها مدمرة للعالم أجمع، وقال: إن التجارب السابقة أظهرت أن اللقاء بين الرئيسين لم يتمكن من تخفيف التوترات وإدارة الخلافات، والأحداث التي وقعت حالت دون فعالية اللقاء السابق بين رئيسي البلدين. والآن، على الرغم من أنه يتعين على البلدين التعاون بينهما في بعض القضايا والاتفاق على إدارة التوترات، لا يزال من غير الممكن القول على وجه اليقين ما إذا كانت الاتفاقيات ستؤدي إلى نتيجة عملية.
وأدرج السيطرة على مشكلة المخدرات كإحدى القضايا الأخرى التي أثيرت في اللقاء بين بايدن وشي جين بينغ وتابع: في السنوات الأخيرة، تمت مناقشة أن الصينيين هم المورّد الرئيسي للمواد الكيميائية لإنتاج نوع من المخدرات يتم إنتاجه في المكسيك ويباع في الولايات المتحدة. وقد أصبحت الولايات المتحدة حساسة تجاه هذه القضية، ويظهر المضمون الذي دار بين الرئيسين أن الرئيس الصيني وافق على متابعة هذه القضية. وإذا تم تنفيذ هذا الموضوع، فإنه سيكون نجاحاً مهماً للولايات المتحدة.
واستذكر شابوري أن الرئيس الصيني أعلن أن تايوان هي أكبر وأخطر قضية تواجه العلاقات بين البلدين، وأشار إلى تأكيد بايدن على الموقف السابق للولايات المتحدة في هذا الصدد وقال: إن الولايات المتحدة تدعي أنه لم يحدث هناك تغيير في سياسة “أمة واحدة ودولتين” فيما يتعلق بتايوان، وإذا لم تمارس الصين ضغوطاً على تايوان فإن النهج نفسه سيستمر.
فيما يتعلق بالأخبار المنشورة عن المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة بشأن حرب الكيان الصهيوني ضد المقاومة في غزة ومطالبة الصين بالتباحث مع إيران لمنع انتشار الحرب، وكذلك حول البرنامج النووي الإيراني، أضاف: إن الدولتين، رغم خلافاتهما، متفقتان على شيء واحد، وهو عدم السماح للملف النووي الإيراني بالتحول إلى أزمة إقليمية. كما جرت محادثات بشأن أوكرانيا، وكان موقف الصين موقفاً وسيطاً حتى الآن، وربما تكون أمريكا راضية عن استمرار هذا النهج، والصين، لا تريد تغيير نهجها رغم رغبة الروس.
واعتبر تنفيذ الاتفاقيات مرهوناً بالتطورات التي ستحدث في العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى نعت بايدن شي جين بينغ بالدكتاتور بعد لقائه معه، قال: علينا أن ننتظر لنرى الصينيين هل ينتهكون اتفاق إعادة العلاقات العسكرية بسبب هذه التصريحات أم لا، فإذا توصلوا مجدداً إلى نتيجة مفادها أن إعادة العلاقات بين عسكريي البلدين سوف تتأخر، فهذا يدل على أن هذا اللقاء لم يكن ناجحاً.
مؤكداً أن هناك خلافات جدية بين البلدين وستزداد التوترات اللفظية في العلاقات بين البلدين، لكن من غير المرجح أن تؤدي هذه التوترات اللفظية إلى صراعات ميدانية، مضيفاً: بايدن هذه المرة، على عكس المرة الماضية، وعندما رد على أحد المراسلين الذي سأله عما إذا كان لا يزال يعتبر شي جين بينغ دكتاتوراً، أجاب بنعم، موضحاً أن النظام السياسي الصيني يختلف عن النظام السياسي الأمريكي. ويبدو أنه من خلال تقديم هذه التوضيحات أظهر أنه عدل مواقفه قليلاً مقارنة بالمرة السابقة. وعلى أية حال فإن هذه التصريحات غير مقبولة بالنسبة للصينيين؛ كما أن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بعد اجتماع العام الماضي، لم تسفر عن أي نتائج ولم تحسّن العلاقات بين البلدين. بشكل عام، الخلافات بين البلدين لا تختفي، وعلى الأكثر يمكن أن يتوصل البلدان إلى تسويات مؤقتة. ومع ذلك، فإن هذا الوضع جعل العلاقات بين البلدين غير قابلة للتنبؤ.
0 تعليق