المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: ذكر خبير في القضايا الأوروبية أن سياسات الهجرة يمكن أن تؤدي إلى خلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد، قائلاً: "الاختلافات في سياسات الهجرة يمكن أن تكون أحد العوامل التي تؤدي إلى زيادة الضغوط على الاتحاد الأوروبي؛ وتداعياتها خاصة الخلاف بين اليمين واليسار السياسي إلى جانب العنف الاجتماعي تخلق تحديات خطيرة للاتحاد".
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار أمير حسين عسكري إلى تحذيرات مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بشأن عواقب الفجوة العميقة بين الدول الأعضاء بشأن سياسات الهجرة مصرحاً: “أزمة الهجرة هي حالياً أحد أهم التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، لدرجة أن جوزيب بوريل تحدث عن احتمال حل الاتحاد الأوروبي نتيجة التحديات والتهديدات الناشئة عنها”.
وأكد على أن تصريحات بوريل تظهر أن الاتحاد الأوروبي يواجه فجوة عميقة في سياسات الهجرة، مضيفاً: “في حين تُعرف بعض الدول مثل ألمانيا والسويد بأنها دول تقبل المهاجرين، فإن دولاً أخرى مثل المجر وبولندا تعارض سياسات قبول المهاجرين. وبعد وصول “جورجيا ميلوني” إلى السلطة من حزب إخوة إيطاليا اليميني في هذا البلد، انضمت روما أيضاً إلى ركب الدول المناهضة للهجرة”.
وأشار عسكري إلى موافقة ألمانيا على حزمة إصلاحات مثيرة للجدل لقوانين اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وقال إن “مشروع قانون تنظيم الأزمة يقترح سياسات أكثر صرامة لوقت تشكل فيه الأعداد الكبيرة من المهاجرين ضغوطاً كبيرة على نظام اللجوء. ومن بين الدول الأعضاء، تم تأمين أغلبية للموافقة على هذه الأنظمة الجديدة، ولكن يجب الموافقة على مشروع القانون هذا في البرلمان الأوروبي أيضاً، وقد أعلن البرلمان أنه لن يوافق عليه. وقد تسببت هذه الفجوة في عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرار موحد بشأن الهجرة واقتراح سياسات مماثلة”.
وأشار مدير مركز الدراسات الأوروبية البحثي ـ الإخباري إلى أن بعض الدول الأوروبية تحاول الانتهاء من إصلاحات قوانين اللجوء في الاتحاد الأوروبي، والتي بدأت منذ أزمة اللاجئين عام 2015، حتى ما قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في يونيو/حزيران 2024من أجل منع نجاح الشعبويين واليمين المتطرف في هذه الانتخابات من خلال إساءة استخدام قضية طالبي اللجوء، وتطرق إلى الأسباب التي دفعت بولندا والمجر والنمسا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى إلى معارضة مشروع القانون هذا موضحاً: “على الرغم من أن إعلان ألمانيا موافقتها على حزمة الإصلاح هذه من شأنه أن تدفعها إلى الأمام، لكن بعض الدول، بسبب القلق من تزايد أعداد المهاجرين، اتجهت نحو سياسات صارمة للغاية، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين دول الاتحاد. وقد دفعت هذه الظروف بوريل إلى الحديث بشكل ما عن احتمال تفكك وحل الاتحاد الأوروبي نتيجة التداعيات التي تسببها الهجرة على الاتحاد”.
وذكر عسكري: “يمكن أن تكون الاختلافات في سياسات الهجرة أحد العوامل التي تؤدي إلى زيادة الضغوط على الاتحاد الأوروبي؛ وما يترتب على ذلك من تداعيات، خاصة الاختلاف بين التيارات السياسية اليمينية واليسارية إلى جانب العنف الاجتماعي، يخلق تحديات خطيرة للاتحاد. لكن هذه القضية وحدها لا يمكن أن تكون سبباً في حل الاتحاد. يواجه الاتحاد الأوروبي العديد من التحديات، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والتغير المناخي والتهديدات الأمنية؛ ولذلك، من أجل الحفاظ على الاتحاد، يتعين على الدول الأعضاء أن تعمل بطريقة منسقة والتعاون في مواجهة التحديات”.
وإذ أوضح تداعيات الهجرة وآثارها على سياسة ومجتمع واقتصاد أوروبا، والزيادة الحادة في عدد طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين وعدم قدرة الاتحاد على إدارة هذه القضية والسيطرة عليها، اعتبر الخلافات بين الدول الأعضاء في سياسات الهجرة وعدم الاتفاق في هذا المجال، والآثار السلبية على اقتصاد الدول الأعضاء بسبب اشتداد موجات الهجرة، وزيادة العنصرية والتمييز ضد المهاجرين في بعض الدول الأعضاء، والآثار السياسية والأمنية لتزايد أعداد المهاجرين على العلاقات بين الدول الأعضاء من بين تداعيات زيادة الهجرة على أوروبا، والتي يمكن أن تغذي احتمالية تفكك الاتحاد بسبب سياسات الهجرة”.
وتابع المحلل للقضايا الأوروبية بالقول إن سياسات الهجرة يمكن أن تسبب خلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد مردفاً: “في هذا السياق، ستكون ميول الأحزاب اليمينية أو اليسارية حاسمة للغاية. هناك اختلافات عديدة بين الأحزاب السياسية اليمينية واليسارية في أوروبا فيما يتعلق بسياسات الهجرة. تعارض الأحزاب السياسية اليمينية بشكل عام بشدة دخول المهاجرين إلى بلدانها وتحاول إبعاد هؤلاء الأشخاص عن بلادهم من خلال فرض قيود صارمة على دخول المهاجرين. وتعتقد هذه الأحزاب بشكل عام أن قدوم المهاجرين إلى الدول الأوروبية أدى إلى زيادة البطالة والفقر في هذه الدول”.
وذكر عسكري أن أحزاب اليسار السياسي تنشط ضد التمييز العنصري والتمييز ضد المهاجرين وتؤكد بقوة على حقوق المهاجرين في بلدانها، قائلاً: “هذه الأحزاب بشكل عام تعتقد أن الهجرة إلى الدول الأوروبية يمكن أن تكون مفيدة لهذه الدول وتعتبر بمثابة فرصة لهم للتنمية الاقتصادية. من ناحية أخرى، تسعى بعض الأحزاب السياسية إلى إيجاد حل وسط لقضايا الهجرة يضع، مع الاهتمام بحقوق المهاجرين، في اعتبارها قواعد وأنظمة محددة لدخول المهاجرين إلى بلدانها. ولذلك، فإن الاختلاف في سياسات الهجرة في الدول الأعضاء في الاتحاد يمكن أيضاً اعتباره تحدياً آخر”.
وذكر مدير مركز الدراسات الأوروبية البحثي ـ الأخباري أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يهتم بحلين رئيسيين في هذا الصدد، ورأى تعزيز التعاون والتفاعل بين الدول الأعضاء وحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من بين هذه الجهود موضحاً: “نظام اللجوء الأوروبي تضرر بشدة نتيجة تدفق أكثر من مليون مهاجر، معظمهم من سوريا، ثم حدثت في هذا المجال واحدة من أكبر الأزمات السياسية في الاتحاد الأوروبي. والآن، ومع تزايد اللاجئين الأوكرانيين، وقّعت هذه الدول، وبعد مناقشات طويلة، على اتفاق لحل هذه الأزمة السياسية، يتم بموجبه تقسيم مسؤولية التعامل مع وضع المهاجرين الذين يدخلون أوروبا دون تصريح”.
وفي إشارة إلى اعتراضات بعض الدول، خاصة إيطاليا واليونان، تابع عسكري: “الإصلاحات الجديدة ستخلق نظام تضامن جديد للتحقق من وضع طالبي اللجوء حتى يمكن إعادة المهاجرين إلى بلد المنشأ أو بلد العبور بشكل أسرع. بطبيعة الحال، أعطى الخبراء تحذيرات بشأن العواقب المترتبة على تنفيذ هذه الخطط، وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أيضاً أن قوانين مكافحة الهجرة الأكثر صرامة تنتهك حقوق الإنسان”.
0 تعليق