المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: ذكر خبير في السياسة الدولية أنه مع زيادة عدد أعضاء البريكس، ستظل هذه المجموعة بمثابة فضاء سيحدد مستقبله التوازن بين الأعضاء، قائلاً: "إذا كانت هناك حرب باردة بين الصين، ربما بمساندة روسيا، وبين الولايات المتحدة، فسوف تتضرر مجموعة بريكس. أما لو تم تعديل الصراع بين الصين والولايات المتحدة فحينها بإمكان الأعضاء أن يتعاونوا بسهولة مما يمكّن مجموعة بريكس من اتخاذ خطوات أكثر نجاحاً. على أي حال، فإن كيفية التفاعل والتوازن بين الأعضاء هي التي ستحدد مستقبل بريكس".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار الدكتور إحسان كياني إلى عضوية ست دول هي إيران والأرجنتين ومصر وإثيوبيا والسعودية والإمارات في البريكس مؤخراً، وقال: “فيما يتعلق ببعض هذه الدول التي تعتبر شركاء مقربين للولايات المتحدة، ينبغي القول إن طلبها لعضوية بريكس وموافقة أعضاء المجموعة على هذا الطلب جاء بسبب عدم توفر الإمكانية أو القدرة الكافية على تحقيق بعض مصالح تلك الدول في الأنظمة والمؤسسات التي تهيمن عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
وتابع: “بعد جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا بشكل خاص، واجهت معظم الدول الأوروبية وإلى حد ما الولايات المتحدة مشاكل اقتصادية مختلفة فيما يتعلق بالتضخم وأسعار الطاقة. بينما كانت الصين أكثر نجاحاً في التغلب على الجائحة وظلت محصنة إلى حد كبير من عواقب الحرب في أوكرانيا. لذلك توصل قسم من حلفاء الغرب إلى ضرورة اتباع نهج متوازن وإيجابي تجاه الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، واستغلال الفرص الأخرى الموجودة في فضاء العلاقات الدولية. ومن الأمثلة على ذلك هو موقف السعودية والهند من الحرب في أوكرانيا”.
واعتبر الخبير في السياسة الدولية أن تعزيز الصين وجودها في غرب آسيا وشمال إفريقيا وأمريكا اللاتينية يأتي في هذا الإطار موضحاً: “الفرص التي بإمكان الصين أن تخلقها في بريكس أوصلت الأعضاء الجدد في المجموعة إلى قناعة بأنه يمكنها الاستفادة من الفرص والإمكانيات التي يوفرها هذا التحالف”.
وأردف كياني قائلاً: “في الوقت نفسه، على عكس تحالفات مثل مجموعة الدول السبع أو آسيان، فإن مجموعة بريكس تفتقر للتكامل على أساس محور متماسك. قبل عضوية الدول الست الجديدة، لم يكن للدول الخمس السابقة مساحة مشتركة بالضرورة. فالصين والهند لديهما نزاعات إقليمية. وتتنافس الصين وروسيا في آسيا الوسطى. إضافة إلى ذلك هناك اختلافات في الرأي بين هذه الدول من حيث الانحياز أو عدم الانحياز للولايات المتحدة. اليوم فإن الأعضاء الجدد سيغيّرون بدورهم مستقبل بريكس وفقاً للاصطفافات المحتملة. على سبيل المثال، فإن تعزيز هيمنة الصين في مجموعة بريكس غير مرغوب فيه بالنسبة لبعض الأعضاء مثل الهند والبرازيل. وبالتالي فإن كيفية التوازن بين الأعضاء سيحدد مستقبل المجموعة”.
ورأى كياني آن تعزيز التماسك بین دول بريكس أو تفاقم الفجوات بینها يعتمدان على التطورات المستقبلية للنظام الدولي موضحاً: “إذا منيت روسيا بهزيمة ثقيلة في حرب أوكرانيا، فمن المتوقع أن تتعزز علاقات السعودية والإمارات والهند مع الولايات المتحدة. لذلك فإن مصير الحرب في أوكرانيا هو أحد المتغيرات التي ستكون مؤثرة في علاقات أعضاء بريكس مع الصين أو الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، إذا نجحت الولايات المتحدة في احتواء الصين، على سبيل المثال في مجال التكنولوجيا، وتمكنت من تقليص سوق المنتجات الصينية في أوروبا، فهذا متغير آخر سيكون مؤثراً في الطريقة التي يواجه بها أعضاء بريكس هاتين القوتين”.
وإذ أشار المحلل للقضايا الدولية إلى تأثير عضوية الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط وأهمية أمن إمدادات الطاقة للدول الأعضاء في بريكس، قال: “مثل الشراكة في أمن الموارد المعدنية (MPS) بصفتها مبادرة تقودها الولايات المتحدة وأوروبا، بإمكان بريكس ومن خلال عضوية أعضاء جدد أن تسعى إلى زيادة الاستثمارات العامة والخاصة في سلسلة التوريد للمعادن الحيوية بين الحلفاء”.
وأشار كياني إلى الفرص الناجمة عن زيادة أعضاء بريكس، مردفاً: “يمكن أن يكون للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تأثير إيجابي على أداء بريكس بسبب قوتهما الاستثمارية الأكبر؛ شريطة التفكير بشكل أكثر تماسكاً في تضافر الجهود وزيادة التقارب في الخطط المشتركة”.
ووصف الخبير في القضايا الدولية زيادة المنافسة بين الصين والولايات المتحدة ذات آثار سلبية على أداء بريكس قائلاً: “إذا تم تعديل المنافسة بين الصين والولايات المتحدة، فإن بريكس ستحقق نجاحات وستكون محصنة ضد عواقب هذا الصراع. في هذه الحالة، يمكن للأعضاء أن يتعاونوا بشكل مناسب مع بعضهم البعض؛ لأنهم لا يتطلعون إلى تشكيل قطب جديد ضد الغرب”. وأكد: “بريكس ليست ضد القوى الغربية، لكنها قد تكون مختلفة عنها”.
وفي إشارة إلى بعض مواقف أعضاء بريكس فيما يتعلق بالتخلص من الدولرة، قال كياني: “الدولار عملة عالمية لا تزال يتم بها أكثر من 50% من التبادلات بين الدول. ويتبعه اليورو ثم اليوان بمسافة كبيرة. لدى بريكس حالياً نظام دفع للمعاملات بين الأعضاء، ولكن لا يزال بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة يتعامل إلى حد كبير بالدولار”.
وشدد على أنه رغم أن التخلص من الدولرة مطروح كهدف لكن القدرات والإمكانات الحالية لا تخلق أرضية لتحقيق ذلك، مضيفاً: “بعض القوى، خاصة القوى التي لديها صراعات أو خلافات مع الولايات المتحدة أو على الأقل لديها اختلافات في الرأي معها، أبدت توجهاً نحو تقليل الاعتماد على الدولار لكن تحقيق هذا الهدف على المدى القصير وخلق بيئة تمكن القوى المتوسطة والإقليمية من تنفيذ معاملاتها المالية والتسويات الثنائية أو المتعددة الأطراف دون الحاجة إلى الدولار بسهولة، فهو لن يتحقق على المدى القصير”.
0 تعليق