المجلس الإستراتیجي أونلاین ـ رأي: في ظروف تسعی الصین لتحسین مکانتها في مختلف المجالات في النظام الدولي، تشعر الولایات المتحدة بالقلق من فقدان مركزها المتفوق في النظام الدولي.
محمد جواد قهرماني ـ باحث في قضايا الصين
في الفترة الأخیرة، إتخذت الولایات المتحدة إجراءات مختلفة لمنع أو تأجیل هذا النهج. بدأت بالحرب التجاریة في عهد الرئیس دونالد ترامب. إلی جانب ذلك، أصبحت قضیة تایوان أداة بالنسبة لأمریکا لممارسة المزید من الضغط علی بکین، حیث أن البعض یتحدث عن تخلي واشنطن عن نهج “الغموض الإستراتیجي”. وتشير الإجراءات والتحرکات الأمریکیة إلى أن هذا البلد يريد تحدید خطوط حمراء جدیدة بشأن تایوان. التحرکات العسکریة بما في ذلك التواجد العسکري المباشر، وإجراء مناورات عسکریة مشترکة، والسعي لمزيد التنسیق مع الحلفاء والشرکاء، هي من أبرز مظاهر السیاسات الأمریکیة خلال السنوات الأخیرة. إلی جانب هذا، یجب أن نضیف الضغوط في مجال التقنیات الحدیثة، بما في ذلك صناعة الرقائق، والتي یمکن سماعها کل یوم تقریباً في الأخبار المتعلقة بالعلاقات بین البلدین.
من جانب آخر، تواجه الصین وضعاً معقداً. ورغم أن قادة هذا البلد أکدوا علی النمو والنهوض السلمي خلال العقدین الماضیین، إلا أن مواجهة البيئة الأمنیة المعقدة حولها والنظام الدولي، جعلتهم امام وضع صعب. علی الرغم من أن بکین لا تزال ترید الإستقرار في علاقاتها مع الولایات المتحدة حتى تتمكن من مواصلة نموها، إلا أنها لا تستطيع الإبتعاد عن التطورات الحدیثة. ففي المجال العسکري، تحاول بکین استعراض جاهزيتها في هذا المجال من خلال إجراءات مختلفة، من بینها إجراء مناورات عسکریة مختلفة في محيط تایوان، و في مناطق التوتر الأخرى، بما في ذلك بحر الصین الشرقي.
كذلك في المجال الإقتصادي، تتبع الصین قواعد ومعاییر إقتصادیة جدیدة إلی جانب الجهود المبذولة للحفاظ علی النمو ومواصلته. علی سبیل المثال، رغم أن المبادرات الإقتصادیة لهذا البلد یمکن أن تزيد من نفوذ الصین في مناطق مختلفة، إلا أنها یمکن أن تساعد البلد أيضاً في إنشاء معاییر إقتصادیة جدیدة. ويدل الإجراء الذي اتخذته الصین مؤخراً بحظر تصدیر معدنین مهمین في صناعة الرقائق، أن مجال الإقتصاد والتقنیة يعتبر محوراً هاماً في التنافس بین البلدین.
في المجال السیاسي والدبلوماسي، تحاول بکین تصوير نفسها کـناشطة مسؤولة وصانعة للسلام. ولا يمكن لهذا الأمر أن يساعدها فی زیادة قدرتها الناعمة فحسب، بل ربما هناک فکرة في اذهان قادة الصین أنه بهذه الطریقة یمکنهم إظهار قدرتهم على لعب دور القیادة المستقبلية للنظام الدولي. في هذه الأثناء، تقوم بكين ببذل الجهود لإحداث فجوة في صفوف التحالف الأمریکي. و في هذا الصدد، فإن سیاسات بکین بشأن الحرب في أوکرانیا جديرة بالملاحظة؛ فصناع القرار في الصین لم یتخذوا أي إجراء جاد لدعم روسیا، والذي من شأنه أن يؤدي إجماع جاد بین أوروبا والولایات المتحدة في مواجهة أمام الصین، و تعریض هذا البلد لمواجهة جدیة مع هذه الدول.
بشکل عام، أصبح التوتر والتنافس سمة بارزة في العلاقات بین الولايات المتحدة والصین. ومنطقها لیس أمراً معقداً؛ وبما أن الولایات المتحدة لا ترید أن تفقد مركزها، فإن الصین ایضاً ترید الحفاظ علی مکانتها الحالیة وتحسینها. مع ذلک، هناک أمر جدير بالملاحظة وهو أن إدارة المنافسة في الوضع الحالي هي قضية مهمة بالنسبة لکلا البلدین. وتظهر زیارة بلینکن ومن ثم زیارة وزیر الخزانة الأمریکي إلی بکین وإستقبال الصین لهما، أن كلا البلدين لا يریدان أن ينتهي الوضع الحالي إلی صراع بینهما. وهذا الامر یقودنا إلی نقطة مفادها أنه لا يمكن مقارنة العلاقات الأمريكية الصينية الحالية بالعلاقات الأمریکیة الروسیة خلال الحرب الباردة.
0 تعليق