جدیدترین مطالب
ارتباك أوروبي في التعامل مع حرب أوكرانيا
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح خبير في الشأن الأوروبي: “في الذكرى الثانية للهجوم الروسي على أوكرانيا، زار رؤساء وزراء كندا وإيطاليا وبلجيكا ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي العاصمة كييف للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الأوكراني. خلال هذه الزيارة، أعلنت رئيسة وزراء إيطاليا عن توقيع اتفاقية دفاعية – أمنية مع أوكرانيا مدتها 10 سنوات. وبعد التوقيع على اتفاقية مماثلة مع كييف، وعد رئيس وزراء كندا السلطات الأوكرانية بتقديم مساعدات مالية وعسكرية هذا العام تزيد قيمتها عن 2.25 مليار دولار. وفي وقت سابق، كانت فرنسا وألمانيا قد وقعت اتفاقيتي دفاع مماثلتين مع أوكرانيا.”
أحدث المقالات
ارتباك أوروبي في التعامل مع حرب أوكرانيا
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح خبير في الشأن الأوروبي: “في الذكرى الثانية للهجوم الروسي على أوكرانيا، زار رؤساء وزراء كندا وإيطاليا وبلجيكا ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي العاصمة كييف للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الأوكراني. خلال هذه الزيارة، أعلنت رئيسة وزراء إيطاليا عن توقيع اتفاقية دفاعية – أمنية مع أوكرانيا مدتها 10 سنوات. وبعد التوقيع على اتفاقية مماثلة مع كييف، وعد رئيس وزراء كندا السلطات الأوكرانية بتقديم مساعدات مالية وعسكرية هذا العام تزيد قيمتها عن 2.25 مليار دولار. وفي وقت سابق، كانت فرنسا وألمانيا قد وقعت اتفاقيتي دفاع مماثلتين مع أوكرانيا.”
تحليل مشاركة زيلينسكي في القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية
فيما يتعلق بمشاركة زيلينسكي في القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية، ينبغي الانتباه إلى النقاط التالية:
النقطة الأولى؛ لأول مرة في تاريخ قمم جامعة الدول العربية السنوية، يشارك فيها رئيس غير عربي من خارج المنطقة تواجه بلاده حرباً شاملة. في الحقيقة، كانت النقطة الأكثر “إثارة للتأمل” في القمة العربية الثانية والثلاثين هي حضور زيلينسكي وخطابه.
لقد تمت دعوة زيلينسكي رسمياً لحضور قمة جدة من قبل السعودية وبن سلمان شخصياً، ولم يكن للجامعة العربية دور فيها. بالإضافة إلى ذلك، كانت رحلته إلى السعودية ومشاركته في قمة جدة خروجاً واضحاً عن “الإستراتيجية الأساسية” المتمثلة في أن أوكرانيا تتعامل فقط مع الحلفاء الأوروبيين والولايات المتحدة الذين يعارضون روسيا في ميدان الحرب، وليس مع الدول المحايدة في هذه الحرب او الداعمة لروسيا!
النقطة الثانية؛ لا يزال مقتل جمال خاشقجي في عام 2018 يلقي بظلاله على علاقات بن سلمان مع الدول الغربية. لذلك، كانت دعوة زيلينسكي هي إرسال رسالة سياسية إلى الدول الغربية مفادها أن السعودية لا تزال لاعباً نشطاً وديناميكياً في العالم يمكن الاعتماد عليه!
فضلاً عن ذلك، لم تكن “أهداف بن سلمان الطموحة” بلا تأثير في هذه الدعوة؛ بما في ذلك إظهار قدرة الرياض كزعيمة للدول العربية في إدارة القضايا الكبرى على المستوى الدولي، ومحاولة تقلد أدوار في مجال تسوية الأزمات بين القوى الشرقية والغربية.
إن التوسط في أكبر أزمة سياسية خارجية لروسيا مع الغرب في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. من منظور ولي العهد السعودي، فإن تحقيق هذه الأهداف يلعب دوراً مهماً في تحسين وتعزيز مكانة السعودية كدولة ذات أهمية، وبن سلمان كقائد سياسي في المعادلات الإقليمية والدولية.
النقطة الثالثة؛ الدول العربية، المشهورة بامتلاكها احتياطيات ضخمة من النفط والغاز في العالم، تعتبر “خيارات جيدة” لأوكرانيا التي مزقتها الحرب وهي في أمس الحاجة إلى مساعدات مالية واقتصادية وطاقية. لهذا السبب حاول زيلينسكي الحصول على دعم الدول العربية في قمة الجامعة العربية من خلال تحريض الأعضاء وتقديم “صورة مقبولة” عن نفسه وبلده. فقال أمام قادة جامعة الدول العربية “أنا واثق من أننا نستطيع جميعاً أن نتحد لإنقاذ الناس من السجون الروسية. للأسف هناك بعض الناس في العالم وهنا بينكم أغمضوا أعينهم على تلك السجون وضم مناطق بشكل غير قانوني”.
النقطة الرابعة؛ رغم كل الجهود التي بذلها زيلينسكي لتحويل حضوره في قمة جدة إلى “إنجاز” لأوكرانيا، إلا أنه فشل في تحقيق النتائج المتوقعة. تمت قراءة رسالة بوتين في هذه القمة والتي أكدت على تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين موسكو والدول العربية. هذه الرسالة ستجعل بالتأكيد الدول العربية وحتى الرياض أكثر “حذراً” في مساعدة أوكرانيا (على افتراض أن تلك الدول تريد ذلك).
فضلاً عن ذلك، فإن العديد من الدول العربية لديها سياسة محايدة تجاه الحرب في أوكرانيا وهي في نفس الوقت سعيدة بتوسع نفوذ روسيا في المنطقة العربية وغرب آسيا. بعض تلك الدول مثل مصر (من خلال إرسال الصواريخ) وسوريا تدعم روسيا علانية. في الوقت ذاته، تمت صياغة فحوى تصريحات القادة العرب وإعلان جدة المؤلف من 5 صفحات وقرارات القمة المؤلفة من 110 صفحات بطريقة لم تُظهر “أي التزام” تجاه أوكرانيا رداً على تصريحات زيلينسكي.
إلى جانب ذلك، بدأت الدول العربية خاصة السعودية عملية “خفض التصعيد” في المنطقة والتركيز على قضاياها الداخلية، لذا لا يمكنها “لعب دور” في حرب أوكرانيا. في هذا السياق، هناك عقبات واعتبارات سياسية ودولية جدية لا تسمح بمثل هذا الموضوع.
النقطة الخامسة؛ لخطاب زيلينسكي أمام قمة جامعة الدول العربية بعض التداعيات. أولاً؛ كان “متناقضاً” مع الموقف المحايد للدول العربية تجاه الحرب في أوكرانيا. ثانياً؛ أثار تساؤلات عن أهداف وشعار هذه القمة التي عقدت تحت شعار “السلام والمصالحة”. ثالثاً؛ أثّر على مجريات اجتماعات القمة، حيث عبر الأعضاء والدوائر السياسية والإعلامية التابعة لهم عن “عدم ارتياحهم” علانية لحضور زيلينسكي. رابعاً؛ “يشوه” النتائج والإنجازات المحتملة للقمة التي عقدت في وقت مناسب وأجواء إقليمية جيدة. خامساً؛ يعزز في أذهان الجمهور العربي والإقليمي التصور بأن الجامعة العربية منظمة عربية خاضعة للسعودية! وأخيراً، يخل بعملية استعادة مكانة هذه الجامعة التي حضرها بشار الأسد بعد 12 عاماً.
والنقطة الأخيرة هي أن جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية البارزة، بعد 10 سنوات من التورط في سلسلة من الأزمات الأمنية والعسكرية والسياسية التي أضعفت قوتها ومكانتها وخلقت مشاكل لها داخلياً، تحاول “الانسلاخ” عن تلك الفترة.
إن المسار الذي بدأ في الجامعة العربية وبين الدول العربية خطوة إيجابية؛ لأنها إذا استمرت على هذا النحو فستصل إلى نتائج وإنجازات إقليمية جيدة، إلا إذا “لم تتوخَّ الحذر” وسقطت في القضية الأوكرانية.
وقف التصعيد في المنطقة، بما في ذلك في سوريا واليمن ودول عربية أخرى، ليس في صالح الولايات المتحدة على الإطلاق، وهي ستستغل أي فرصة لـ “إضعاف” هذه العملية وآثارها ونتائجها. إن حضور زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية ليس بالتأكيد في مصلحة الدول العربية والنظام والأمن الإقليميين. لذلك قد يكون “فخاً عقابياً” نصبته الولايات المتحدة للدول العربية.
0 تعليق