المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: اقترحت حكومة نتنياهو الفاشية خطة تهدف إلى "القضاء على فصائل المقاومة الإسلامية" في الضفة الغربية، بما في ذلك نابلس ومدينة جنين. تُطرَح هذه الخطة التآمرية في وقت فشلت فيه إجراءات الكيان الصهيوني لمواجهة المقاومة الإسلامية في الضفة الغربية، وبدأت الأخيرة عمليات واسعة النطاق في المناطق المذكورة رداً على جرائم الاحتلال.
حميد خوش آيند ـ خبير في الشؤون الإقليمية
تشير معلومات كشفت عنها بعض المصادر العربية والإقليمية أن مؤامرة القضاء على المقاومة في نابلس وجنين نوقشت بشكل جدي في اجتماع النقب الأخير. وقد تم إعداد هذه الخطة بالتعاون بين الأردن والسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
في الخطوة الأولى، تخطط السلطة الفلسطينية للتخفيف من حدة الاشتباكات من خلال إنشاء حواجز أمنية على مداخل جنين ونابلس في خطوة صورية بزعم منع اقتحامات قوات الكيان الصهيوني للمدينتين. ومن المقرر أن يتم الترويج لهذا الأمر في الشبكات الاجتماعية باعتباره نجاحاً كبيراً!
بعد أن هدأت جنين ونابلس مؤقتاً وظاهرياً وتم تقديم ذلك على أنه إنجاز، سيقوم في الخطوة التالية بعض المجهولين بإطلاق النار على المراكز الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ومن ثم يُنسب هذا العمل إلى فصائل المقاومة لاختلاق ذريعة لقوات السلطة لقمع المقاومة بتهمة زعزعة الأمن والقضاء عليها بمساعدة الكيان الصهيوني المجرم.
سيتكفل الكيان الصهيوني، بمساعدة الأردن والولايات المتحدة، بتغطية كل النفقات المالية وغيرها لتنفيذ هذه المؤامرة، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة وبالتزامن مع إطلاق حملة إعلامية، إلا إذا تحدث تطورات جديدة تحول دون تنفيذها فعلاً.
هناك نقطتان مهمتان فيما يتعلق بمؤامرة القضاء على المقاومة الإسلامية في الضفة الغربية بشكل عام، ومدينتي نابلس وجنين بشكل خاص؛ الأولى هي بشأن “الأسباب والدوافع” والثانية بشأن “التوقعات والنتائج”، سنتطرق لهما فيما يلي.
النقطة الأولى؛ كان عام 2022 والعام الحالي “نقطة تحول” لفلسطين. خلال هذه الخمسة عشر شهراً تمر المقاومة الإسلامية الفلسطينية بفترتها “الأكثر ذهبية”. الأحداث والأزمات التي تقع داخل الكيان الإسرائيلي الفاشي، والتي تكتسب أبعاداً ونطاقاً جديداً في كل يوم، هي بالتأكيد علامة على “تحول كبير” و “وشيك”!
خلال هذه الفترة، أي في عام و 3 أشهر، نفذت المقاومة الفلسطينية حوالي 14000 عملية ضد الصهاينة في الأراضي المحتلة رداً على جرائم الاحتلال، ألحقت هذه العمليات خسائر بشرية بالكيان الصهيوني تعادل خسائره خلال كل حروبه السابقة مع الفلسطينيين.
البؤرة الرئيسية لهذه العمليات هي الضفة الغربية، بما في ذلك مدينتي نابلس وجنين، والتي أصبحت مركز نشاط عدد كبير من جماعات المقاومة التي لا تؤمن بمشاريع المساومة مثل “حل الدولتين” و”معاهدة أوسلو” وهدفها الوحيد هو “تدمير إسرائيل”! هذه القضية مقلقة ومرعبة للصهاينة لدرجة أنهم نشروا بالفعل أكثر من 70٪ من جيشهم في الضفة الغربية، ومعظمه حول جنين!
في هذا الصدد، وللتعامل مع الوضع الذي يتورط فيه، وضع الكيان الصهيوني على جدول أعماله مؤامرته “الأكثر عدوانية” وهي القضاء على المقاومة الإسلامية في الضفة الغربية.
النقطة الثانية؛ إن وتيرة وآفاق التطورات الميدانية والسياسية والعسكرية في الأراضي المحتلة تظهر بوضوح أن أي خطة للقضاء على المقاومة الإسلامية في أي جزء من فلسطين ستبوء بـ “الفشل” فعلاً وبالتالي تؤدي إلى “نتائج عكسية”. فلا يمكن تفسير محاولة القضاء على المقاومة الإسلامية إلا بـ “الانتحار”!
في ظل ظروف تحولت فيها الضفة الغربية إلى مركز المقاومة في فلسطين منذ حرب “سيف القدس” وتسببت في خسائر مادية وغير مادية وبشرية للكيان الصهيوني خلال هذه الفترة القصيرة تعادل ما لحقت به من خسائر في كل السنوات والعقود التي سبقت ذلك، فإن الحديث عن القضاء على المقاومة الإسلامية أشبه بـ “الحلم” أكثر من كونه خطة عملية وقابلة للتحقيق؛ إذ لا يمكن تحقيقها حتى بنسبة 1٪.
أولاً، لا يملك الكيان الصهيوني والأطراف ذات التوجه المماثل له معلومات دقيقة وكاملة عن عدد وطبيعة وقوة مجموعات المقاومة الإسلامية التي تنامت في الضفة الغربية في العامين الماضيين. الجماعات التي لها هيكل تنظيمي فريد وقوي ومسلح ولها في بعض الأحيان هوية عابرة للتنظيمات، أي أنها لا تنضوي تحت أي من فصائل المقاومة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، فهي تتمتع بخبرة كبيرة من حيث العمليات والاستخبارات وحتى النفوذ الإقليمي!
ثانياً؛ من أجل القضاء على المقاومة، يحتاج الكيان الصهيوني إلى جيش فاعل وقوي إلا أن الجيش وأجهزة المخابرات التابعة للكيان الصهيوني ضعفت بشدة في العامين الماضيين. والنقطة المثيرة للتأمل هنا هي أن الكيان الإسرائيلي المحتل واجه في الأسابيع الأخيرة ظاهرة “التمرد” و “رفضاً واسعاً للخدمة في الجيش”، مما يشير إلى حدوث “شرخ” داخل الجيش.
وفي ردة فعل على هذا الأمر قال نتنياهو: “أنا قلق على الجيش. لا ينبغي أن يكون تمرد في الجيش؛ لأن ذلك سيدمرنا”.
وأخيراً، لا تسمح ظروف المنطقة والتطورات الميدانية والسياسية للكيان الصهيوني بتنفيذ مثل هذه المؤامرة. اليوم، أصبح الكيان الصهيوني على حافة الهاوية بوضوح. وقد كتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تحليل: “لا يوجد ما يمنع إسرائيل من السقوط في الهاوية!”
لذلك، في ظل هذا الوضع وبالنظر إلى العقبات الداخلية والإقليمية و “الظروف الخطيرة” التي يواجهها الكيان الصهيوني، فإن مؤامرة القضاء على المقاومة الإسلامية في الضفة الغربية هي حساب خاطئ تماماً يمكن أن يسرع ويسهل وتيرة انهيار الكيان الصهيوني.
0 تعليق