المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح دبلوماسي إيراني سابق أن المشاكل العديدة الموجودة في العلاقات بين إيران وأوروبا تمثل جذر العديد من الخلافات والمشاكل في العلاقات الحالية بين هذا البلد والاتحاد الأوروبي، وقال: بالطبع تجدر الإشارة إلى أن سياسة أوروبا ذات المعايير المزدوجة هي أيضاً واحدة من المشكلات الأساسية التي تصطدم معها هذه المجموعة في بعض القضايا الدولية، ولا توجد حجة مقبولة لتبريرها، لأنه فقط عندما يكون هناك انتهاكاً للقوانين الدولية المتعلقة بأوروبا ومصالحها، يدعي الاتحاد التصدي لذلك، وإذا حدث هذا لدولة أخرى لديها مشاكل مع أوروبا، فإن شكل التعاطي سيكون مختلفاً أو قد يكون متماشياً مع من ينتهك.
أبو القاسم دلفي، سفير إيران السابق في فرنسا، في حديثه مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار إلى أن البرلمان الأوروبي نشر بياناً بمناسبة الذكرى الأولى للعدوان العسكري الروسي على أوكرانيا، وهو ما اعتمده البيان الصادر عن سفراء دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في طهران، وورد خلاله أنه بعد عام من الهجوم الروسي على أوكرانيا، تواجه أوروبا العديد من المشاكل والمصاعب، وتصدياً لهذا الهجوم، فرضت عقوبات على روسيا كجار وشريك تجاري مهم لأوروبا، ولم يكن تطبيقها من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سهلاً في بعض الأحيان وقد تسبب في بعض التكاليف.
وأشار إلى وجود أكثر من 5 ملايين لاجئ أوكراني في أوروبا وتابع قائلاً: في هذا البيان، تناول السفراء الأوروبيون قضية أن إيران هي أيضاً دولة مستقبلة للاجئين وأن عدد المواطنين الأفغان البالغ عدة ملايين في إيران خلق مشاكل لطهران وفي الحقيقة من هذا المنظور تعاطفوا مع مشاكل اللاجئين في إيران.
وأشار محلل الشؤون الدولية إلى مزاعم أوروبا والغرب بشأن المساعدات العسكرية الإيرانية لروسيا في الحرب مع أوكرانيا: ذكر السفراء الأوروبيون في هذا البيان، دون تسمية أي دولة، أن مساعدة المعتدي في الحرب يتعارض مع القوانين الدولية والدولة التي تقوم بمثل هذا الإجراء تعتبر منتهكةً للقوانين الدولية. وأضاف أنه بغض النظر عن تأكيدات إيران في بعض الأحيان، بأن العلاقات العسكرية والتعاون بين إيران وروسيا تندرج في إطار العلاقات الثنائية وأن تسليم الطائرات المسيّرة إلى موسكو يعود إلى ما قبل بدء الحرب مع أوكرانيا، فقد أثار هذا السؤال؛ يجب أن تُسأل أوروبا عما إذا كانت مساعدة المعتدي على الدولة المجاورة، فقط في حالة حرب أوكرانيا، تعتبر انتهاكاً للقوانين الدولية ويجب التعامل معها بأقسى الطرق، أم أنها إجراء يجب الاهتمام به في كافة القضايا والتطورات الدولية وانتهاكات دول الجوار؟
وأوضح دلفي: صحيح أن أوروبا في ورطة بسبب العدوان الروسي وتعتقد أن بوتين انتهك القواعد الدولية، لكن كانت هناك حروب أخرى انتهكت فيها الدولة المعتدية القواعد الدولية، ولكن لم تتصدى لها أوروبا، بل سعت لمساعدة المعتدي؛ بما في ذلك في حرب العراق التي فرضت على إيران وعندما غزا صدام بلادنا واحتل أجزاء منها وتسبب في العديد من الكوارث والمصائب، فإن الأوروبيين بشكل عام وخاصة بعض أعضاء الاتحاد الذين كانت لهم علاقات خاصة مع صدام، أرسلوا علانيةً الكثير من المساعدات لنظام البعث العراقي، بما في ذلك في الأبعاد العسكرية والمدنية …
أشار سفير إيران السابق في فرنسا إلى أن مواقف أوروبا وأدائها في القضايا الدولية يجب أن تعالج بشكل أعم بحيث يكون اهتمام أكثر بالوهم السائد بأن أدائها سليم ويفتقد أي عيوب. على سبيل المثال، لا يقتصر هذا الأداء على مناقشة الحرب فقط، ولكن اليوم توجد مجموعة إرهابية منظمة تسمى مجموعة “المنافقين” مستقرة في أوروبا. هذه الجماعة الإرهابية التي كانت مدرجة سابقاً على قائمة الجماعات الإرهابية في أوروبا وأمريكا، ووفقاً للقوانين الدولية فأن الإرهاب مكروه ومنبوذ أيضاً، ولا يحق لأي دولة التعاون معه، لكننا نرى أن أروبا وأمريكا لديهما تعاطي سلمي مع هذه المجموعة وقد آووا شرذمة المنافقين في أراضيهم ووفروا لهم بعض الإمكانيات ليقوموا بالنشاط تماشياً مع أهدافهم في مهاجمة مصالح إيران. من المؤكد أن هذه الإجراءات تتعارض مع القوانين الدولية وكانت أوروبا دائماً عاجزة عن الإجابة على السؤال عن سبب استقرار هؤلاء على الأراضي الأوروبية.
وأضاف دلفي: بالطبع أعلنت أوروبا في بعض الحالات رداً على متابعة إيران بشأن إرهاب جماعة المنافقين أنها لم تنفذ عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية وبالتالي لا يمكن ملاحقتها! معنى وفحوى هذه الحجة أنه إذا تم تنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية، فيمكن ملاحقتها وإذا طرأت الأحداث خارج أوروبا، فلا علاقة لها بأوروبا. هذا التناقض وازدواجية المعايير من أوجه القصور التي كانت موجودة في الدبلوماسية الأوروبية، وخاصة في الاتحاد الأوروبي ككل، ويتهرب الأوروبيون دائماً من الرد على هذا الاعتراض الذي يأتي في محله.
وأضاف دلفي: إن إيران أعلنت مواقفها من الحرب في أوكرانيا عدة مرات ولم تعترف بضم أجزاء من أوكرانيا إلى روسيا ولم تقبلها كجمهوريات مستقلة. كما أن البيان الأخير الصادر عن وزارة الخارجية بمناسبة ذكرى العدوان العسكري الروسي على أوكرانيا، والمواقف الأخيرة لوزير الخارجية في جنيف، سعت أيضاً إلى إزالة بعض الالتباسات ضد إيران.
في جزء آخر من كلامه، أشار هذا الدبلوماسي السابق إلى محاولة الصين إزالة الاتهام بمساعدات الأسلحة لروسيا وخطة السلام التي اقترحتها تلك الدولة للأزمة الأوكرانية، وذكر: لا يزال يتعين علينا التأكيد على أننا لن نقف أبداً إلى جانب المعتدي، ولا ندافع عن العدوان ولا نزود الدولة المعتدية بالسلاح. يجب علينا إزالة الغموض المتعلق بمواقفنا في العالم بأسرع ما يمكن حتى لا تشمل إيرانَ تلك القرارات التي يتم اتخاذها للتصدي لروسيا وأن نستمر في طريقنا بشكل مستقل مثل بكين. يجب أن نؤكد على أن سياسات إيران تقع في إطار سياسات واستراتيجيات مبدئية قائمة على إستراتيجية “لا غربية و لا شرقية”. نحن دولة ذاقت طعم العدوان لثماني سنوات، ولن نقبل الاتهام بأن العالم يُنسِب إلينا دعم هذا العدوان تحت أي ذريعة وجعله وتيرة سائدة لمواجهات لاحقة.
وفي الختام، ذكر دلفي أن من واجبات السفراء في مهمتهم الدفاع عن مصالح بلدهم في البلد المستقبِل وفي نفس الوقت محاولة تحسين العلاقات بين الجانبين، وقال: إن الجزء الأكبر من مهمة تسهيل وتحسين وتوسيع العلاقات بين البلدين هو مسؤولية سفراء الدول، وهذا الموضوع محدد بوضوح في مهمتهم، وعلى الرغم من أن إيران في جزء من الرأي العام الغربي، يشار إليها بأنها شريكة لروسيا في العدوان، بذريعة التعاون العسكري مع روسيا. لكن السفراء المقيمون في طهران يدركون جيداً أن إيران تواصل التأكيد على موقفها وإزالة الغموض عنه، وأن إيران وروسيا هما دولتان متجاورتان كان لهما تعاون في الماضي، وهذا لا علاقة له بالحرب في أوكرانيا، ولا ينبغي ربط العلاقة بين التعاون العسكري السابق والحرب في أوكرانيا. بالتأكيد سيلعب التعبير الواضح عن مواقف إيران من قبل السفراء دور كبير في مستقبل العلاقات وتحقيق مصالح الطرفين.
في الوقت نفسه قال الدبلوماسي الإيراني السابق في باريس: للأسف العلاقات بين إيران وأوروبا تعاني مشاكل كثيرة ومن الضروري تحديد إطار للحوار والتعاون.
0 تعليق