المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال رئيس معهد دراسات القوقاز: "يبدو أن أهداف تركيا وجمهورية أذربيجان من إنشاء ممر زنغزور، غير اقتصادية في معظمها وذلك في حين أن الأهداف الأرضية والسياسية والأمنية في إنشاء هذا الممر، ستواجه رفضاً من اللاعبين الإقليميين".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار جعفر خاشع إلى تصريحات الرئيس الأذربيجاني بشأن التوصل لاتفاق مع أرمينيا لرسم الحدود وإنشاء ممر زنغزور، قائلاً: ” إذا كان الهدف من إنشاء هذا الممر هو فتح طرق المواصلات فحسب، فقد تم ضم بعض الأمور بشأنه في الاتفاقية التي توصل البلدان إليها بوساطة روسيا في عام 2020 ولا توجد ملاحظات تُذكر حولها لدى دول المنطقة بما فيها إيران؛ حيث أن هذه الطرق كانت موجودة ومستخدمة منذ وقت سابق”.
وأكد خاشع على أهمية توجهات الدول إزاء ممر زنغزور قائلاً: “رؤية جمهورية أذربيجان وتركيا تجاه هذه القضية تتعارض مع الفلسفة الوجودية للممرات؛ حيث أن الممرات ورغم الأهداف الجيوسياسية طويلة المدى التي تشتمل عليها، تخدم الأهداف الاقتصادية بشكل رئيسي، بل ومعظم الدول التي تقوم بإنشاء الممرات تطلق عليها أسماء تزيد من التضافر بين دول المنطقة وترعى مصالح جميع اللاعبين”.
الطابع الهجومي لمفهوم “زنغزور”
وشدد على ضرورة بناء أفق مستقر للممرات، مضيفاً: “لا نجد ذلك في الممر الذي تنوي جمهورية أذربيجان إنشاءه. في الوهلة الأولى، نرى أن اسم زنغزرو يحمل طابعاً هجومياً وادعاءات أرضية. هذه الممارسات تدل أن ما تبتغيه هاتان الدولتان لا يتسق مع الوظائف المألوفة للممرات بل تتبعان أهدافاً أرضية وسياسية وأمنية”.
وأكد الخبير في شؤون القوقاز على أن هذا التوجه لن يؤدي إلى كسب تعاون اللاعبين الإقليميين بل يثير ردود أفعال واحتجاجات منهم، مضيفاً: “في وقت سابق و بعد اجتماع بروكسل، أعلن المسؤولون الأذربيجانيون التوصل إلى اتفاق بشأن الممر، بينما الخارجية الأرمينية نفت ذلك. في الوقت الحالي كذلك ورغم ما قاله علييف لأردوغان في اتصال هاتفي بهذا الشأن، فلم يقدم تفاصيل عن ذلك كما لم يبدِ المسؤولون الأرمينيون ردة فعل عليه”.
وتابع: “في حال رفض الدول الأخرى، يتراجع التعاون ولن يكون بإمكان هذا الممر أن يحقق نجاحاً على المدى البعيد. وبالنظر إلى أن هذا المشروع لا يأخذ في الاعتبار سوى مصالح لاعبينِ، ستزداد تكاليفه ولن يحقق هدفه في إرساء السلام والاستقرار، بل وستتجه الأمور تدريجياً إلى التصعيد وعدم التعاون بين الدول”.
أهداف تركيا وجمهورية أذربيجان غير الاقتصادية
وقال خاشع إن أرمينيا لن تقبل التخلي عن جزء من أراضيها، مردفاً: “يبدو أن لدى تركيا وجمهورية أذربيجان أهدافاً تتجاوز القضايا الاقتصادية؛ لأنه في الوقت الحالي كذلك يوجد الكثير من الطرق التي بإمكانها أن تربط بين البلدين. تمت استثمارات كبيرة في جورجيا، كما أن الطريق عبر إيران اقتصادي وآمن ومستقر تماماً. هذه الطرق كلها ذات جدوى اقتصادي، ولذلك لا جدوى اقتصادياً في القيام باستثمارات جديدة”.
وأضاف رئيس معهد دراسات القوقاز: “في اجتماع بروكسل، تم الاتفاق على تشكيل لجنة دراسات حدودية ويجب أن تستمر هذه المباحثات تفادياً لتصاعد التوترات؛ لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الحدود تُرسم على أساس أي خريطة والوضع السائد في أي عام؟ تشير التقارير الإعلامية إلى اتفاق البلدين لقبول حدود عام 1993، في حين كانت جمهورية أذربيجان تتوقع في وقت سابق اعتماد الحدود القائمة بين عامي 1918 و1926”.
وبيّن أن الإرادة المطلوبة لرسم الحدود من أجل تسوية المشاكل موجودة لدى الطرفين خاصة أرمينيا، مضيفاً: “دول المنطقة لا ترغب في تغييرات ملحوظة في الحدود الدولية. وهو ما لا يقبله المجتمع الأرميني كذلك. كما أن الحكومة الأرمينية لن ترضخ له تحت تأثير ضغط الرأي العام داخل أرمينيا وخارجها”.
وذكر خاشع: “بدوره، نفى أرمن غريغوريان، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الأرميني، تصريحات الرئيس الأذربيجاني بشأن زنغزور مؤكداً على أنه لن يكون هناك أي ممر داخل الأراضي الأرمينية وأن جميع ما تم الاتفاق عليه في بروكسل هو بشأن إعادة فتح طرق المواصلات فحسب. رغم ذلك، فإن المعارضين لباشينيان يتهمونه بالتراجع أمام باكو والتكتم على الاتفاقات بينه وبين الطرف الأذربيجاني”.
وتابع الخبير في شؤون القوقاز: “ما أعلنته الحكومة الأرمينية بشأن نتائج اجتماع بروكسل يشير إلى حصول توافقات لمتابعة العمل على إعادة فتح طرق المواصلات في المنطقة وبدء عمل لجنة رسم الحدود واستئناف المباحثات في شهر يوليو أو أغسطس. في السياق ذاته، أعلن رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أن الطرفين قد توصلا إلى توافق معه لتذليل العقبات الموجودة أمام الترانزيت بينهما وتسهيل النقل بين نخجوان والبر الرئيسي لجمهورية أذربيجان وكذلك بعض المناطق الأرمينية باستخدام أراضي أذربيجان”.
وصرح خاشع: “خلال مباحثات بروكسل، كانت لجمهورية أذربيجان اليد العليا وتميل كفة المباحثات لصالحها حتى الآن”.
رفض إيراني لتغيير الحدود الدولية
وأكد على رفض إيران لتغيير الحدود الدولية، مضيفاً: “في حين تكتسب مباحثات بروكسل زخماً أكبر، يتراجع الاهتمام الروسي بجنوب القوقاز بسبب الحرب في أوكرانيا؛ رغم ذلك، فإن فرص نجاح المباحثات ضئيلة جداً ولن تكون لها نتائج مستدامة بدون روسيا. ينبغي على البلدين أخذ ملاحظات روسيا بعين الاعتبار لأنه بدون ذلك لن تحصل توافقات مستدامة؛ حيث أنه رغم انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، لا يمكن توقع حدوث تغيير ملحوظ في القوقاز بدون مراعاة مصالح روسيا”.
0 تعليق