المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار خبير في شؤون الشرق الأوسط إلى هبوط طائرة تابعة للكيان الصهيوني في العاصمة السعودية الرياض بالتزامن مع تصريحات رئيس هذا الكيان بشأن رغبته في زيارة السعودية ودعوتها للإنضمام لاتفاقيات التسوية، قائلاً: "في ظل الترابط بين بقاء السعودية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة والعالم الغربي، لا شك في أن قادة السعودية قد عملوا منذ سنوات إلى التمهيد لإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني وسعوا إلى كسب رضا الأوساط الصهيونية في الولايات المتحدة لتثبيت حكمهم في السعودية؛ غير أن خوفهم من ردود الأفعال والتبعات المترتبة على هذه الخطوة حال دون قيامهم بها".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال جعفر قنادباشي: “كانت الرياض قلقة دائماً من أن التطبيع مع الكيان الصهيوني سيثير احتجاجات واسعة ضدها من قبل الأوساط الدينية في البلاد من جهة والرأي العام من جهة أخرى ويضع الحكومة في مواجهة ما تريد تجنبه في حال التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
وعن أسباب تلكؤ السعودية في تطبيع العلاقات مع تل أبيب، قال قنادباشي: “في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بدأ العمل على إقامة العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني وبذل الصهاينة وترامب على حد سواء جهوداً كثيرة لتحقيق هذا الأمر. في حينها، كان الكيان الصهيوني يخطط لاستغلال ما كان يسمى بصفقة القرن لإقامة علاقات مع السعودية باعتبارها دولة عربية كبيرة وغنية بغية إعطاء زخم لموجة التطبيع مع العالم العربي وحث الدول العربية الأخرى ـ التي كانت لديها مخاوف من ردة فعل شعوبها ـ على إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني”.
ووفقاً للخبير، رغم ذلك كانت تشير التقديرات واستطلاعات الرأي إلى أن من شأن التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني تأجيج اضطرابات واسعة في السعودية ودفع العسكريين السعوديين – المستائين أصلاً من زجهم في حرب اليمن – إلى التمرد على أوامر الرياض.
وفي ما يتعلق بمخاوف قادة السعودية في الوقت الحالي من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، قال: “هذا موضوع يشغل بال قادة الرياض حالياً. في هذا السياق، يعمل المسؤولون السعوديون على تقييم مدى الحساسية تجاه ذلك داخل السعودية وخارجها؛ تقييم يجري على ما يبدو من خلال هبوط طائرة إسرائيلية في الرياض وكذلك تصريحات قادة الكيان الصهيوني بشأن قرب تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض”.
ووفقاً لقنادباشي، يبدو أن قادة السعودية والكيان الصهيوني يشعرون على حد سواء بحاجة ماسة إلى تطبيع العلاقات في الوقت الحالي ومن هنا، يوجد توجه مماثل لدى الطرفين نحو ترجمة هذه الرغبة على أرض الواقع.
وأضاف موضحاً: “اليوم، يعيش الكيان الصهيوني أشد ظروفه هشاشة من الناحية الإقليمية وفي ظل هذا الواقع، يرى في استمرار وتيرة تطبيع العلاقات مع الدول العربية سبيلاً لتخفيف هذه الهشاشة. كذلك في الرياض، بالنظر إلى مرض الملك سلمان واحتمال صعود محمد بن سلمان للعرش، يحتاج القادة السعوديون إلى كسب دعم الأوساط الصهيونية في أرجاء العالم خاصة الولايات المتحدة لإنجاز عملية نقل السلطة في الظروف الصعبة”.
وتابع: “كما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار وجود مخاوف لدى كل من السعودية والكيان الصهيوني بشأن التطورات التي تجري في دول محور المقاومة والتي بدأت تظهر نتائجها بشكل خاص في الأراضي المحتلة من جهة واليمن من جهة أخرى”.
وأكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن تحقق هذه الرغبة المشتركة بين السعودية والكيان الصهيوني رهن لردة فعل الرأي العام داخل السعودية وخارجها تجاه هبوط طائرة إسرائيلية في الرياض، وكذلك المعادلات التي بدأت تتشكل في العالم الغربي على خلفية الحرب الأوكرانية وتأثيرها على الشرق الأوسط.
وتابع: “لذلك لم تتضح بعد أبعاد هذا الموضوع حتى للمسؤولين الغربيين. وعليه، فإن إبداء الرأي حول حصول التطبيع المحتمل بين الكيان الصهيوني والسعودية بحاجة إلى مزيد من الوقت”.
وشدد قنادباشي على أن التجربة تثبت أن تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي – خلافاً للدعايات الواسعة لوسائل الإعلام الدولية – لن يجلب الأمن والاستقرار لتلك الدول بل يزيد من هشاشة الأنظمة التي تجرب التطبيع مع تل أبيب.
وأضاف: “النظام السوداني مثال على ذلك؛ حيث قوبل التطبيع مع الكيان الصهيوني باحتجاجات شعبية واسعة وقد أدى إلى زعزعة أسس الحكم في السودان”.
واختتم قنادباشي قائلاً: “لذلك، فإن التطبيع العلني بين السعودية والكيان الصهيوني يعني قبول مواجهة المخاطر التي لا تُعرف ما هي مآلاتها ولا شك في أن هذه الخطوة لن تساعد بن سلمان على تقليص صعوبات نقل السلطة والوصول للعرش السعودي”.
0 تعليق