المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشأن التركي عن قيام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بزيارة السعودية لمدة يومين هي الأولى منذ نحو خمس سنوات: "بعد عقد من العلاقات الفاترة والمتعكرة، تتحدث تركيا والسعودية عن انفتاح جديد بينهما. في هذا السياق، تعبّر زيارة أردوغان للسعودية عن إعادة النظر ومرحلة جديدة في العلاقات بين أنقرة والرياض".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، تطرق سيامك كاكائي إلى أسباب تعكّر صفو العلاقات بين تركيا والسعودية خلال السنوات الأخيرة وأوضح الأسباب التي ساقت تركيا للتقارب مع السعودية من جديد ودفعت الأخيرة إلى فتح حضنها لأردوغان، قائلاً: “سبّبت سلسلة من التطورات الإقليمية في السنوات الأخيرة تباعداً بين البلدين المهمين في الشرق الأوسط. يمكن القول إن نقطة البداية لظهور الخلافات بين البلدين هي تغيير تركيا سياستها الخارجية تجاه المنطقة. قرار أردوغان وقادة حزب العدالة والتنمية بشأن تقديم نموذج سياسي للدول التي تأثرت بالربيع العربي مثل مصر كان نقطة اندلاع التوترات التي تسببت في ابتعاد السعودية عن أنقرة”.
ووفقاً لكاكائي ، فإن نظرة تركيا والسعودية إلى جماعة الإخوان المسلمين كانت من الخلافات بين البلدين؛ حيث أن سياسات أنقرة في دعم الإخوان في مصر والمنطقة أثارت مخاوف كبيرة لدى دول كالسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
وتابع: “بعد تدخلها في الأزمة السورية ومن جراء الفوارق بين إستراتيجيات دول المنطقة في سوريا، انشغلت تركيا تدريجياً بملفات أمنية في المناطق المتجاورة لها وكنتيجة، دخلت السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط مرحلة انكفاء”.
وأشار كاكائي إلى أن انقلاب 2016 الفاشل زاد من تعقيد الوضع بالنسبة لتركيا، مضيفاً أن آنذاك كان البعض في تركيا يتحدثون عن ارتياح سعودي من وقوع الانقلاب.
وتابع الخبير أن قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول هو من الأحداث المرة الأخرى بين البلدين والذي أوصل العلاقات التركية ـ السعودية إلى حافة أزمة حقيقية. بعبارة أخرى، لم تفوّت تركيا الفرصة للكشف عن دور السعودية في قتل خاشقجي؛ الخطوة التي كلفت المصداقية السعودية ثمناً باهظاً.
وشرح كاكائي الأسباب التي أدت إلى مواجهة قادة تركيا والسعودية بعضهم بأحضان مفتوحة بعد مضي ثلاث سنوات على قتل خاشقجي، قائلاً: “هذا اللقاء يكشف عن طبيعة السلوك السياسي. بمعنى أن المصالح تبني أحياناً الصداقة والعداء وتبرر بعض التصرفات في عالم السياسة”.
ويعتقد الخبير أنه إذا أردنا من المنظور الواقعي أن نتطرق للعلاقات بين السعودية و تركيا، فقد كان طبيعياً أن تعيد تركيا النظر في علاقاتها الشرق أوسطية، موضحاً: “خلال السنة الأخيرة أجرت تركيا مباحثات علنية وسرية مع السعودية ومصر باعتبارهما بلدين مهمين في المنطقة وكذلك الكيان الصهيوني باعتباره طرفاً مهماً في شرق المتوسط؛ فظهرت نتائج تلك المباحثات في الزيارة التي قام بها رئيس الكيان الصهيوني مؤخراً إلى تركيا وكذلك جولة أردوغان الإقليمية التي بدأت بالسعودية وقد تشمل الأراضي المحتلة ومصر. لذلك، ينبغي اعتبار هذه الزيارات مؤشراً على إعادة تعريف علاقات أنقرة الإقليمية”.
ولفت كاكائي إلى حاجة تركيا إلى السعودية والإمارات واستثماراتهما لتجاوز الأزمة الاقتصادية، وكذلك التحديات التي تواجهها في شرق المتوسط، قائلاً إن هذا الواقع يؤدي إلى تراجع تركيا عن السلوكيات المؤدلجة؛ فربما لا نجد بعد الآن توترات ملحوظة بين تركيا والكيان الصهيوني بشأن القضية الفلسطينية.
وتابع: “كما يُتوقَّع أن تضع تركيا والسعودية الخلافات السياسية والأيديولوجية حول الفكر الإخواني جانباً وأن لا تعيد تركيا انتقاداتها ضد أوضاع حقوق الإنسان في السعودية”.
واختتم الخبير في الشأن التركي قائلاً: “في الوقت الحالي، تنتظر تركيا مكاسب ملموسة من العلاقات مع السعودية والإمارات ومصر والكيان الصهيوني، في الوقت الذي تشوب بعض التوترات علاقاتها مع الغرب وألقت الأزمة الأوكرانية بظلالها إلى حد ما على العلاقات بين أنقرة وموسكو. في ظل هذه الظروف، قررت تركيا أن تعود إلى المنطقة مرة أخرى، وهي سياسة قد توفر مهرباً لها للخروج من الأزمات الداخلية والإقليمية”.
0 تعليق