المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد دبلوماسي إيراني سابق في صنعاء إن تبنّي مجلس الأمن قراراً ضد أنصار الله سيزيد من تعقيد مسار السلام في اليمن، قائلاً: "لجوء بعض الدول والمنظمات إلى مثل هذه الأعمال يزيد التوترات ويعرقل مسار السلام ويطيل أمد الحرب".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار مرتضى عابديني إلى اعتماد قرار بتمديد حظر السلاح على أنصار الله اليمنية في مجلس الأمن، موضحاً: “تم إصدار هذا القرار في حين أنه لم يتم إيصال أي سلاح إلى اليمن بشكل رسمي حتى الآن ولم تتحدث أي دولة عن بيع السلاح لليمن أو أنصار الله”.
وأضاف: “قبل مقتله، قال الرئيس اليمني المستقيل، على عبد الله صالح، في مقابلة إنه استورد لليمن من السلاح ما يكفي لـ 12 عاماً! هذا التصريح يكشف عن حجم الأسلحة الموجودة في هذا البلد. يجب أن لا يتم تجاهل الحقائق والظروف الخاصة في اليمن؛ حيث أن تقارير لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة تكشف أن قوات عبد ربه منصور هادي تبيع السلاح لأنصار الله رسمياً إزاء المال”.
وإذ أكد الخبير في الشأن اليمني أنه يمكن الحصول على السلاح مقابل المال في هذا البلد بسهولة، اعتبر اعتماد هذا القرار خطوة ذات طابع سياسي، أبرز قائلاً: “يجب تقييم هذا القرار في إطار الضغوط السياسية وليس العسكرية”.
ورأى عابدين أن تسوية قضايا اليمن يجب أن تتم عبر الحوار السياسي، مردفاً: “حل الأزمة في اليمن سياسي؛ يجب على طرفي النزاع أن يتوصلا إلى اتفاق في إطار مصالح البلاد ووحدة اليمن عبر الحوار السياسي. لكن مع الأسف قيام بعض الدول والأمم المتحدة بمثل هذه الخطوات، يزيد من التوترات ويعرقل مسار السلام ويطيل أمد الحرب. في الوقت الراهن، هناك مخاوف حقيقية من تداعيات إطالة أمد الحرب في اليمن”.
الخطر المحتمل لتقسيم اليمن
وأوضح: “قضية تقسيم البلد إلى دولتين خطر حقيقي. ستنتهي هذه الحرب في نهاية المطاف، لكن هناك مخاوف بشأن أن ينقسم البلد بعد انتهاء الحرب. هذا الأمر لا يصب في مصلحة أي طرف وينطوي على مخاطر عديدة. في الحقيقة، يتطابق الوضع الميداني في اليمن مع حدود اليمنين الشمالي والجنوبي إلى حد كبير؛ حيث تسيطر أنصار الله على المحافظات الشمالية ويسيطر خصومها على الحدود الجنوبية تقريباً”.
واعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق في صنعاء أن الجهود الرامية إلى تصنيف أنصار الله جماعة إرهابية أو فرض عقوبات شديدة عليها تعقّد مسار الحوار السياسي في اليمن، مؤكداً: “إعلان أنصار الله جماعة إرهابية ستمنع حتى دول مثل عمان – التي تحاول اتخاذ موقف وسطي – من التواصل مع هذه الجماعة”.
وتطرق عابديني إلى الإنجازات العسكرية الأخيرة لأنصار الله في ميدان المواجهة مع التحالف السعودي، قائلاً: “لا شك في أن التقدمات والإنجازات العسكرية لن تكون كافية وعاملاً حاسماً إذا لم تتحول إلى مكاسب سياسية “.
وذكر: “لم تقم الولايات المتحدة بتصنيف أنصار الله جماعة إرهابية حتى الآن للحفاظ على قنوات التواصل معها ولو بشكل غير مباشر؛ أمّا إذا توصل الأمريكيون إلى قناعة بأن مصلحتهم تتطلب إدراج هذه الجماعة في قائمة الإرهاب فسيغلق باب المحادثات”.
وأشار الخبير في الشأن اليمني، إلى تطابق وجهات النظر والتنسيق بين أعضاء مجلس الأمن بشأن اليمن وكميات السلاح الكبيرة التي تبيعها الدول الغربية للسعودية والتي تُستخدم في الحرب على الشعب اليمني، مضيفاً: “على خلفية تبنّي هذا القرار، سيكون بإمكان الطرف الآخر أن يتسلم معدات أكثر وأشد تطوراً وأن يتلقى مزيداً من الدعم؛ أما أنصار الله فستواجه قيوداً أكثر من الناحية الدولية”.
وتحدث عابديني عن تفاصيل العديد من التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والتي تؤكد أن اليمن يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، قائلاً: “لا شك في أن لا منتصر في حرب اليمن؛ أمّا الخاسر فيها فهو الشعب اليمني. في الوضع الراهن، قد نشأ توازن ما في إطار حدود اليمنين الجنوبي والشمالي. لذلك، ينبغي على الطرفين أن يأخذوا في الاعتبار مصالح بلدهم بعيداً عن الضغوط الإقليمية والدولية لكي يتمكن اليمن الموحد مواصلة حياته”.
زيادة تعقيد مسار السلام في اليمن
وإذ لفت إلى التأثير الحاسم لضغوط الإمارات والسعودية لاعتماد قرار تمديد حظر السلاح على أنصار الله اليمنية في مجلس الأمن، قال عن المساعي الرامية للتأثير على الإنجازات الميدانية لأنصار الله: “يسعى خصوم أنصار الله توظيف أي أداة لإضعاف هذه الجماعة. في هذا الإطار، يجب التنبه إلى أن اعتماد قرار 2216 كان خطأ كبيراً ارتكبه الغربيون؛ إذ اعترفوا هم بعد فترة بأن هذا القرار زاد من تعقيد مسار السلام في اليمن. كذلك يجب تحليل الضغوط الحالية في نفس الإطار”.
وقال محلل الشأن اليمني: “يريدون ممارسة الضغوط السياسية على أنصار الله من خلال هذه التهديدات لدفعها نحو التراجع عن بعض مواقفها وفرض مطالبهم عليها. في ظل هذا الواقع، يجب على أنصار الله أن تتصرف بوعي أكبر وأن توظف مكاسبها العسكرية في المجال السياسي”.
واختتم عابديني قائلاً: “يجب التذكير بأن أعضاء مجلس الأمن الدائمين، حتى الصين وروسيا، لا يتجاهلون على الإطلاق مصالحهم في العلاقات مع السعودية والبحرين وغيرهما من الدول العربية ولن يصوتوا لصالح اليمن”.
0 تعليق