المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الأفريقية إن ليبيا تشهد في الوقت الحالي رئيسين للوزراء بسبب خلافات سياسية متعددة، مضيفاً: "في ظل الظروف الحالية حيث اشتدت الخلافات بين الفرقاء الليبيين بشأن صياغة قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تحوم شكوك حقيقية حول إمكانية نجاح إجراء الانتخابات".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار جعفر قناد باشي إلى منح البرلمان الليبي الثقة بأغلبية الأصوات للتشكيلة الوزارية المقترحة من فتحي باشاغا وكذلك تأكيد حكومة الوحدة الوطنية على رفضها تسليم السلطة، قائلاً: “كان قد اقترحت مفوضية الانتخابات الليبية في وقت سابق تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى 24 يناير، في حين أن مجلس النواب قد اقترح تأجيلها لمدة ستة أشهر. لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجراء الانتخابات في ليبيا”.
وأكد على أنه في ظل الوضع الراهن في ليبيا يبدو أن إجراء الانتخابات فيها لا يزال بعيداً، قائلاً: “يأمل الشعب الليبي في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد تضع حداً للإنقسام والحرب الأهلية؛ لكن لم يتم توفير أي من مقدمات إجراء الانتخابات حتى الآن”.
وإذ شدد الخبير في الشؤون الأفريقية على ضرورة تشكيل حكومة مقتدرة في ليبيا، أشار إلى قرار برلمان طبرق شرق البلاد بشأن إنهاء حكومة عبد الحميد الدبيبة، رئيس الوزراء الليبي المؤقت، مضيفاً: “بعض القوى في ليبيا لم تقبل بالمسار الذي أدى لتشكيل الحكومة السابقة ورفضت النهج الذي تبنته تلك الحكومة. في الحقيقة، كان توقف عمل الحكومة السابقة نتيجة تأثير القوى الخارجية أكثر من كونها نتيجة تأثير القوى الداخلية”.
وتطرق قناد باشي إلى التنافسات الشديدة واصطفافات القوى الخارجية وكذلك دور تضارب مصالحها في عرقلة تشكيل الحكومة في ليبيا، مردفاً: “قرار البرلمان الليبي لسحب الثقة من عبد الحميد الدبيبة واختيار فتحي باشاغا، وزير الداخلية الليبي السابق، مكانه تسبب في خلافات وانقسامات على الساحة المحلية في ليبيا؛ حيث أنه في الوقت الحالي يعتبر كل منهما نفسه رئيساً للوزراء”.
المخاوف من تشكيل حكومتين في ليبيا
وأوضح أن حكومة الوحدة الوطنية وصفت ما جرى في البرلمان بـ “مهزلة” ضربت عرض الحائط جميع التوافقات السياسية والدستور، مضيفاً: “أعرب معظم المحللين عن مخاوف بشأن تشكيل حكومة موازية في ليبيا من جديد وتكرار سيناريو حكومتي عبد الله الثني في الشرق وفائز السراج في الغرب؛ لأن الدبيبة رفض في بيان منح البرلمان الثقة لكابينة باشاغا وبادر باستعراض القوى في طرابلس من خلال القوات المحسوبة عليه، في حين أن باشاغا قطع وعوداً للمواطنين بأن حكومته ستكون للجميع”.
وتابع الخبير في الشؤون الأفريقية: “أعلنت حكومة الوحدة الوطنية أنها ستواصل مهامها بشكل عادي وحذرت من اقتحام مقارها. هذا الواقع يجعل أفق إجراء الانتخابات مكتنفاً في الغموض”.
وأكد قناد باشي على ضرورة صياغة دستور جديد في ليبيا لتسوية بعض التحديات الماثلة أمام العملية السياسية وكذلك إجراء الانتخابات في البلاد، قائلاً: “اتضاح هذه الأمور يستغرق وقتاً طويلاً. لم يكن الليبيون يتصورون في البداية أن هذه القضايا ستعرقل إجراء الانتخابات وكانوا يتحدثون عن إجرائها نتيجة الضغوط الدولية فقط. لكن كلما تقدموا واجهوا مزيداً من المشاكل المعقدة”.
ولفت إلى الانتقادات التي وُجِّهت للدبيبة بشأن قضايا فساد مالي والاستفراد بالسلطة، مضيفاً: “يبدو أن ليبيا تعاني من فوضى سياسية ليس بمقدور أي طرف أو مؤسسة إنهاؤها. حتى لم يعد القيام بالانقلاب ممكناً. في بعض الدول، عندما تنشب الفوضى، يتدخل الجيش باعتباره القوة الفائقة ويتسلم زمام الأمور، لكن في ليبيا لا توجد حتى هذه القوة. في فترة سابقة، سعى حفتر لتولي هذا الدور لكنه باء بالفشل”.
وأضاف محلل الشؤون الأفريقية: “بالنظر للظروف الخاصة في ليبيا، قد تستمر مشاكلها وحالة الفوضى فيها لمدة طويلة، إلا أن يتم تسوية القضايا إلى حد ما عبر إيجاد آليات مختلفة عن المسارات الحالية وتحت إشراف دولي”.
احتمال اندلاع احتجاجات في الشوارع
وأكد قناد باشي: “الفراغ الدستوري والافتقار لآلية قانونية لإعادة النظر في قرار البرلمان بإقالة الدبيبة وتعيين باشاغا مكانه تسبب في ظهور خلافات كثيرة في ليبيا. من جهة أخرى، بالنظر إلى أن ولاية برلمان طبرق، التي هي أربع سنوات، قد انتهت منذ وقت طويل، فإن تمديده لولايته غير قانوني. واحتجاجاً على هذا الأمر، دعى الدبيبة جميع الليبيين إلى النزول للشوراع للتعبير عن رفضهم تمديد صلاحيات البرلمان، مطالبين بإجراء الانتخابات”.
ولفت إلى وعود كلا رئيسي الوزراء بشأن التزامهما بإجراء الانتخابات، قائلاً: “في ظل الخلافات المحتدمة بين الفرقاء الليبيين حول تعيين رئيس الوزراء وصياغة قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تحوم شكوك قوية حول تحقق هذه الوعود؛ لأن هذه الخلافات تمثل تهديداً للعملية الانتخابية في هذا البلد”.
وتطرق الخبير في الشؤون الأفريقية إلى المخاوف بشأن تفجر اشتباكات داخلية واتساع الفجوات في ليبيا، قائلاً: “بعد منح البرلمان الثقة لرئيس الوزراء الجديد، اتهم باشاغا خصمه الدبيبة التي يترأس حكومة أخرى في طرابلس بالحيلولة دون سفر أعضاء حكومته من طرابلس إلى طبرق حيث تجري مراسم أداء اليمين في البرلمان”.
وإذ أشار قناد باشي إلى تعبير الأمين العام للجامعة العربية عن قلقه بشأن أن الوضع السياسي الراهن في ليبيا يهدد بعودة البلاد إلى المرحلة العصيبة التي مرت بها قبل توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، صرح: “يبدو أنه في الوقت الحالي لا أحد يفكر في الشعب الليبي المنسي الذي يعيش منذ 11 عاماً فراغاً في السلطة أدى إلى انعدام الأمن وتوقف جميع الشؤون في البلاد”.
0 تعليق