جدیدترین مطالب
المميزات والتداعيات الاستراتيجية لرد إيران التاريخي على الكيان الصهيوني
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: هناك رؤيتان مختلفتان حول عمليات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الكيان الصهيوني؛ الرؤية الإولى التي تقوم على قراءة سطحية ووصف اختزالي تقيّمها على أنها عمليات قليلة التأثير ومحدودة. أما الرؤية الثانية التي هي قراءة واقعية ترى الرد الإيراني فتح صفحة جديدة من “توازن القوى” و”منعطفاً” في المعادلات الإقليمية تظهر آثاره وتداعياته تدريجياً.
أحدث المقالات
المميزات والتداعيات الاستراتيجية لرد إيران التاريخي على الكيان الصهيوني
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: هناك رؤيتان مختلفتان حول عمليات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الكيان الصهيوني؛ الرؤية الإولى التي تقوم على قراءة سطحية ووصف اختزالي تقيّمها على أنها عمليات قليلة التأثير ومحدودة. أما الرؤية الثانية التي هي قراءة واقعية ترى الرد الإيراني فتح صفحة جديدة من “توازن القوى” و”منعطفاً” في المعادلات الإقليمية تظهر آثاره وتداعياته تدريجياً.
استخدام ورقة الیهود من قبل أردوغان؛ سیف ذو حدین
في هذه الظروف، تحاول أنقرة الخروج من وضعها السیئ في العلاقات الدولیة، خاصة علاقاتها الإقلیمیة. وفي هذه الأثناء، مقابلته الأخيرة مع بعض الشخصیات الیهودیة کانت احدی الإجراءات التي قام بها الرئیس الترکي رجب طیب اردوغان. ومع ذلک، فإن اردوغان يعرّف نفسه علی أنه معارض الکیان الصهیوني وفي الخط الإمامي لدعم الفلسطینیین و من مدافعي الحملة الإنتخابیة لمکافحة الصهیونیة العالمیة.
وفي هذه المرحلة، وعلی الرغم من بعض الخلافات الموجودة بین تل أبیب وأنقرة، قررت الحکومة الترکیة تحت قیادة أردوغان توفیر الأرضیة لإعادة العلاقات مع الکیان الصهیوني عبر الإجتماع مع الحاخامات الیهود. حیث أن أردوغان خلال كلمته طلب صراحة من الحاخامات أن یکونوا جزءاً من حل المشکلة. وقال الرئیس الترکي بهذا الشأن: یجب علی الجمیع أن نسعی من أجل السلام في الشرق الأوسط. نحن لانرید أن نشهد التناقضات في هذه المنطقة الجغرافیة التي تعتبر مأوى الدیانات التوحیدیة الثلاث. أعتقد یمکننا التوصل لحل في القدس یعطي الأولویة للحساسیة كافة الجماعات الدینیة.
وقد وصف العدید من هؤلاء الحاخامات إجتماع الرئیس الترکي مع الجالیة الیهودیة الترکیة والإتحاد الحاخامي للدول الإسلامیة (ARIS) بأنه کان إجتماع “مفاجئ”. وحسب ما ورد في وکالة التلغراف الیهودیة (JTA) مقرها في الولایات المتحدة، والتي تتابع المعلومات بشأن الجالیة الیهودیة في العالم، قرر الحاخامات الأعضاء في ARIS إقامة أول إجتماعهم في فندق باسطنبول لکن تفاجؤا بدعوة أردوغان لهم لزیارة القصر الرئاسي “باش تابه” لتناول العشاء ونقلوا جواً إلی أنقرة علی متن طائرة خاصة.
وقال الحاخام مندي جیتریک، حاخام الجالیة الیهودیة الإشکناز في ترکیا، في حدیثه لـوكالة التلغراف اليهودية (JTA) إنهم لم يتوقعوا السفر إلی أنقرة في إطار زیارتهم إلی اسطنبول التي تستغرق یومین وأن یلتقوا بالرئیس أردوغان. وصرح الحاخام الیهودي الأکبر، جیتریک أن أردوغان تباحث مع حاخامات یعملون في الدول الإسلامیة لمدة ساعتین حول العدید من القضایا و طلب منهم أن یکونوا جزءاً من الحل. من المرجح أن يكون هدف أردوغان من ترتيب مثل هذ اللقاء، حل بعض المشاکل الإقتصادیة للبلاد عبر إقامة العلاقات مع إسرائیل وتوسیع العلاقات الإقتصادیة بین تل أبیب وأنقرة أکثر من قبل. کما أن أردوغان شدد خلال تصریحاته في هذا اللقاء علی ضرورة إقامة العلاقات بین ترکیا والکیان الإسرائیلي ، معتبراً أنها أمر حیاتي للجانبین من أجل استقرار المنطقة وأمنها، قائلاً: “یجب علینا أن نتضامن معاً في مکافحة الإسلاموفوبیا المتزایدة، ومعاداة السامیة وکراهیة الأجانب خاصة في الدول الغربیة …. وأدعو الجمیع لـلتعاون وتعزیز بیئة السلام والإستقرار في الشرق الأوسط”.
ويمکن أن نجد القسم الأکثر أهمیة في نهج أردوغان عند لقائه الحاخامات الیهودیة من الزاوية السیاسیة والعلاقات الدولیة وذلك في الجملة التي ذكرها في إجتماعه الخاص مع الحاخامات. حيث قال في هذا الإجتماع: “علی الرغم من خلافاتنا مع إسرائیل في قضیة فلسطین، فإن علاقات ترکیا مع إسرائیل تتحسن في المجالات الإقتصادیة والتجاریة والسیاحیة. و موقف إسرائیل الصادق والبنّاء في مساعي السلام سیساعد بلاشک في عملیة التطبیع!” هذه التصریحات للرئیس الترکي لا تترک مجالاً للشک في أنه ینوي الإستفادة من فرصة تحسین العلاقات مع الکیان الإسرائیلي في ظل الظروف الإقتصادیة السيئة لهذا البلد و موقعها في المنافسات السیاسیة علی الساحة الدولیة و الإقلیمیة، متزامناً مع ظهور الأزمات الإقتصادیة والإحتجاجات الإجتماعیة واصطفاف الأحزاب المعارضة ضده. وکما أن الرغبة المتزایدة لإجراء إنتخابات مبکرة في ترکیا دفعت أردوغان إلی السعي وراء أوراق الفوز في سیاسته الخارجیة لإظهار تأثیرها علی الهیکل الإقتصادي والسیاسي للبلاد. بالطبع، لاشک فإن إستمرار الظروف الحالیة ستدفع حکومة أنقرة إلی حالة إنفعالية أکثر من قبل علی كافة الجبهات، لاسیما في سوریا والعراق ولیبیا، و هذا ما لا توافق علیه الحکومة الناشئة من حزب العدالة والتنمیة. و في الوقت نفسه، لايستبعد، أن تؤدي سیاسة التقرّب من الکیان الإسرائیلي ـ علی الرغم من وجود مؤیدین لها ـ إلی ردود فعل من قبل المجتمع الإسلامي والمعادي للصهیونیة في ترکیا تجاه هذه القضیة، وإلحاق الضرر بأردوغان من هذه الجهة في الإنتخابات القادمة.
وفي الوقت نفسه، بما أن القضیة الفلسطینیة وتحریر القدس تتمتع بأهمیة بالغة لدی الشعوب الإسلامیة، فإن الإجراءات الأخیرة لأردوغان لن تشوه صورته بین المسلمین فحسب، بل من الممکن أن تضر ایضاً بعلاقات ترکیا مع بعض الدول الإسلامیة.
0 تعليق