المجلس الإستراتيجي أونلاین ـ حوار: في إشارة إلى أن الضغط على فصائل المقاومة في العراق سيزداد في الفترة الجديدة، قال أستاذ جامعي: إن استحداث الخلاف وتكثيفه بين الجماعات الشيعية استراتيجية تنتهجها المعارضة حاليا ونجحت حتى الآن.
في إشارة إلى إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية في العراق، أكد الدكتور سيد رضي عمادي، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: داخل العراق، بين الفاعلين المحليين والأجانب، يُنظر إلى الانتخابات على أنها منصة لإظهار القوة، لذلك يعتبر الفوز بها قضية مهمة للغاية، لا سيما فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء.
المنافسة الرئيسية في العراق؛ داخل البيت الشيعي
ومشيراً إلى أنه كان واضحاً منذ البداية أن الانتخابات في هذه الدولة لن تكون سهلة وستتحول إلى صراع خطير على السلطة، أضاف: بالنظر إلى التغييرات الطفيفة التي حدثت بعد إعادة فرز بعض الأصوات في النتائج، فإن المنافسة الرئيسية الآن هي بين الشيعة وداخل المجموعة، وليس بين الشيعة والأكراد أو السنّة. وهذه القضية يريدها المعارضون أيضاً حتى ينخفض مستوى المنافسة ولا تكون وطنية.
وتابع الأستاذ الجامعي: الآن في العراق، الصراع الرئيسي هو بين ائتلاف دولة القانون وحلفائه من جهة والتيار الصدري من جهة أخرى. لدى السنّة والأكراد القليل من الاعتراض على النتائج وقد قبلوها. وهذا يدل على أن خلق التفكك وتكثيفه بين الجماعات الشيعية هو استراتيجية ينتهجها معارضو المقاومة وقد نجحوا فيها حتى الآن.
وتوقع عمادي أنه وفقاً للنتائج المعلنة، سنستمر في مشاهدة تنافس متزايد داخل البيت الشيعي لتشكيل ائتلاف، وأفاد: وبعد إعادة الفرز، لم يزد عدد مقاعد فصيل الصدر والمجموعات المقربة منه، لكن ازداد عدد المقاعد في المجموعات المقربة من ائتلاف دولة القانون. مع ذلك تحالف الأغلبية لن يتشكل بسهولة، بل ستستمر عملية الخلاف هذه، وإلى جانبها سنشهد استمرار الاحتجاجات؛ لأن الجماعات المقربة من فتح تعتقد أنه حتى إعادة الفرز لم تخدم مصالحها.
فترة عدم الاستقرار السياسي في العراق
ومشيراً إلى أن التيارات المتنافسة في العراق مترددة بشكل أساسي في قبول نتائج الانتخابات وما زالت تحتج، أضاف محلل شؤون غرب آسيا: يبدو أنه إذا استمرت الاحتجاجات، فإن العراق سيدخل فترة من عدم الاستقرار السياسي. مضى قرابة شهرين على الانتخابات، وكان من الطبيعي أن يتم تشكيل البرلمان وتسمية رئيسه الآن، والدخول في مساومات سياسية لترشيح رئيس الوزراء؛ لكن هذا لم يحدث حتى الآن، ولا يوجد حتى الآن ما يشير إلى نهاية هذا الانسداد.
وتابع قائلاً: هذا الوضع سيستمر في العراق؛ كما رأينا بعد استقالة عادل عبد المهدي، تم تقديم الكاظمي كرئيس للوزراء بعد حوالي أربعة أشهر. يبدو أن تنصيب رئيس وزراء جديد سيستغرق وقتا أطول في هذه الفترة، وهذا وضع يرحب به معارضو المقاومة.
ومؤكداً على أن الاستراتيجية التي يتبناها معارضو المقاومة في المنطقة تتمثل في أن الدول التي تدور في فلك المقاومة يتم التحكم عليها بحكومات هشة وضعيفة مثل حكومات تصريف الأعمال، قال عمادي: لسوء الحظ، في العراق ، بدلاً من أن تكون الانتخابات منبراً للوحدة، أصبحت منبراً للانقسام والشقاق، ويجب دراسة الأسباب التي تؤدي إلى حدوث مثل هذا المسار في العراق.
و مشيراً إلى أن الضغط على فصائل المقاومة في العراق سيزداد في الفترة الجديدة، أوضح الأستاذ الجامعي: سنشهد سياسات مثل نزع سلاح فصائل المقاومة التي ستصاحبها حتى بعض التيارات الشيعية. وستتواصل الضغوط الخارجية على شكل مقاطعة مجموعات المقاومة وأفرادها، بل وحتى اعتبارهم إرهابيين؛ لكن النقطة المهمة هي أن هذه سلوكيات متكررة تم ارتكابها ضد جماعات المقاومة في السنوات الأخيرة، والآن مع التكوين الجديد للبرلمان، قد يرغبون في متابعتها بجدية أكثر.
وأضاف: لكن هذا الوضع لن يؤثر على موقع الحشد الشعبي في العراق؛ لأنه صحيح أن هذا تيار عراقي، لكن يجب رؤيته في فلك المقاومة الجيوسياسي. يجب اعتبار الحشد الشعبي مثل حزب الله وحماس وأنصار الله والجهاد الإسلامي وجماعات المقاومة في سوريا. إنهم مترابطون تماماً، وسوف لن تنجح الأجندة التي تتبنى حل الحشد الشعبي في العراق أساساً.
وأكد عمادي: لن يتم تضعيف الحشدالشعبي في العراق؛ لكن المشكلة تكمن في أن هذه المجموعة يجب أن تعيد النظر في نمط سلوكها. وللأسف في هذه الدورة من الانتخابات لم يكن هناك توافق وتقارب حتى داخل الحشد الشعبي وهذا الاختلاف يمكن أن يضر به.
ومشيراً إلى أنه كلما زاد نزاع الحشد الشعبي على السلطة السياسية، فإن موقعه داخل العراق سيضعف، أكد خبير شؤون غرب آسيا: وقد رأى الشعب العراقي الحشد الشعبي في زي القتال أكثر؛ فعندما تدخل القوى الرئيسية لهذه المجموعة الساحة السياسية فإنها تواجه مقاومة شعبية. هذه نقطة يجب على الحشد الشعبي إعادة النظر فيها بجدية.
واعتبر الضربة التي تلقاها الحشد الشعبي بسبب الخلافات الداخلية أكثر من الضربة التي سببتها الضغوطات الداخلية والخارجية على هذه المجموعة، وأضاف: يجب مراعاة نوع سلوك الحشد الشعبي في هذا الصدد ايضاً. لا ينبغي أن تكون رغبتها في السلطة أكبر من رغبتها في بناء العراق وخدمة الشعب. في حال حدوث هذه القضايا، سترد عليهم الدعاية السلبية أيضاً وسيضعف موقف هذه المجموعة. أما إذا اختار الحشد الشعبي نمط سلوكه الصحيح مع الحفاظ على الوحدة، فلن تضعفه الضغوط الداخلية والخارجية.
وقال عمادي انه خلال هذه الفترة شهدنا عزوف الشعب العراقي عن صناديق الاقتراع وإن قسماً كبيراً من الحشد الشعبي لم يصوت، وأردف: يسعى الصدر الآن للتفاوض مع جماعات خارج المقاومة لتشكيل حكومة؛ على سبيل المثال، لن يتحدث إلى نوري المالكي طالما يترأس ائتلاف دولة القانون. لكنه ربما أجرى محادثات مع ائتلاف فتح أو الحكيم وحيدر العبادي. بشكل عام، يسعى الصدر للتشاور مع مجموعات مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني أو حتى ائتلاف تقدم.
وأضاف: في الواقع، في الوضع الذي تكون فيه المسافة والهوة بين الجماعات الشيعية كبيرة ولا توجد بوادر على تقليصها، فإنهم لا يتجهون نحو الحوار. إذا تم تشكيل البرلمان المقبل، فإن أكبر منتقدي الحكومة التي سيتم تشكيلها سيكونون الشيعة أنفسهم.
0 تعليق