المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: أجريت الانتخابات العامة في نيكاراغوا لانتخاب زوجين رئاسيين مع 92 عضواً في الجمعية الوطنية (الكونغرس بمجلس واحد) و 20 عضواً في برلمان أمريكا الوسطى (بارلاسین). في هذه الانتخابات، ترشح الرئيس الحالي "دانيال أورتيغا" وزوجته السيدة "روزاريو مورو" نائبة الرئيس كمرشحين عن الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني ساندينيستا - FSLN) مع مرشحي الأحزاب الستة الأخرى. وبحسب المجلس الأعلى للانتخابات، فاز حزب الساندينيستا الحاكم بقيادة أورتيغا بالانتخابات للمرة الرابعة بنسبة 75٪ من الأصوات. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الدورة من الانتخابات 65٪.
محمود فاضلي ـ محلل الشؤون الدولية
كما هو متوقع، كانت الولايات المتحدة من أشد المنتقدين للانتخابات. حيث وصفها رئيس الولايات المتحدة بأنها ليست انتخابات حرة ونزيهة، ولكنها عرض انتخابي. دعا نصف الكرة الغربي للدفاع عن الحقوق الديمقراطية لشعب نيكاراغوا بموجب الميثاق الديمقراطي الأمريكي، ودعا حكومة أورتيغا إلى اتخاذ خطوات فورية لاستعادة الديمقراطية والإفراج الفوري وغير المشروط عن السجناء السياسيين الذين يعتقد أنهم عبروا عن آرائهم ضد إساءة استخدام الحكومة للسلطة وطالبوا بحق شعب نيكاراغوا في التصويت في انتخابات حرة ونزيهة.
عقب إعلان نتائج الانتخابات النيكاراغوية التي أعيد فيها انتخاب حكومة الساندينيستا، أعلن جو بايدن قيوداً جديدة لمنع الزوجين الرئاسيين (دانيال أورتيغا و روزاريو موريو) وأبنائهما وأقاربهم، وكذلك موظفي حكومة نيكاراغوا، من دخول الولايات المتحدة. كان بايدن قد وعد باستخدام كل الوسائل السياسية والاقتصادية المتاحة لجثو حكومة أورتيغا على ركبتيها بعد فوزه في انتخابات نيكاراغوا مرة أخرى. لم تكن الضغوط الخارجية وإصدار وتنفيذ قرار ضد نيكاراغوا، المدرج على جدول الأعمال الحالي لواشنطن وشركائها والمنظمات التابعة لها، غير متوقعة، وتوقعتها ماناغوا قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها.
ووقّع بايدن، بهدف ممارسة مزيد من الضغط على هذه الدولة، مشروع قانون يسمى “إعادة الميلاد” و جعله قانوناً. ويدعو مشروع القانون إلى مزيد من العقوبات والإجراءات العقابية ضد رئيس نيكاراغوا. بالتوقيع على هذا القرار، ستدعو الولايات المتحدة إلى مراجعة مشاركة نيكاراغوا المستمرة في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الوسطى (CAFTA). يذهب حوالي نصف صادرات نيكاراغوا إلى الولايات المتحدة، ويتم إبقاء تعريفاتها منخفضة بموجب الاتفاقية (CAFTA-DR).
إن القانون المومأ إليه هو أداة أخرى للضغط على حكومة أورتيغا. يسمح القانون بفرض عقوبات أكثر صرامة على المسؤولين الحكوميين والشخصيات المرتبطة بحكومة أورتيغا، فضلاً عن مراجعة عضوية نيكاراغوا في اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية مع أمريكا الوسطى. يمكن استخدامه لتشديد العقوبات ضد حكومة دانيال أورتيغا والحد من القروض التي تتلقاها حكومة أورتيغا من البنوك الدولية واستهداف “الفساد الحكومي”.
للدول مواقف مختلفة جداً بشأن انتخابات نيكاراغوا. وقال وزير الخارجية الروسي، نقلاً عن شهادة المراقبين الحاضرين في الانتخابات، إنها تُعقد بانتظام ووفقاً للقوانين المحلية وبمشاركة عامة كبيرة. وخلص إلى أن “هذه الانتخابات جرت تحت ضغط غير مسبوق على المسؤولين في نيكاراغوا والحملة الأمريكية لتقويض شرعية نتائج الانتخابات. يعود حق تقرير شرعية هذه الانتخابات إلى شعب نيكاراغوا فقط”. كما أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية رفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى الاعتراف بنتائج الانتخابات، قائلاً إن تصريحاتهم ليس لها قيمة قانونية لنيكاراغوا وأن روسيا تدعم شعب نيكاراغوا في حماية حقهم في تنمية حرة ومستقلة.
لكن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل وصف حكومة أورتيغا بأنها سلطوية وأن الانتخابات غير ديمقراطية ومزيفة مطالباً الحكومة الساندنستانية لإنهاء القمع وإحياء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وكذلك شكّك في شرعية الانتخابات ودعا حكومة نيكاراغوا إلى إعادة السلطة إلى الشعب. تشير بعض الأدلة إلى أن هذا الاتحاد يسعى إلى فرض مزيد من القيود على الحكومة الساندينستية، بما يتجاوز القيود الفردية المفروضة على مسؤولي الحكومة.
إن روسيا وإيران وفنزويلا وكوبا وبوليفيا وفيتنام وكوريا الشمالية ومنظمة ألبا الإقليمية، والرئيس البوليفي السابق وحزب العمال البرازيلي والحزب الشيوعي الإسباني، قد دعموا بقوة السير الناجح للعملية الانتخابية، بينما انتقدوا بشدة طلب الولايات المتحدة والدول الأخرى بعدم الاعتراف بالانتخابات الحرة في نيكاراغوا. وإن كندا وسويسرا وألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا والنرويج والسويد وكولومبيا وغواتيمالا وبنما وبيرو وأوروغواي وتشيلي وكوستاريكا والإكوادور والأرجنتين والأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية انتقدوا نتائج الانتخابات.
أقرّت منظمة الدول الأمريكية (OAS)، وهي منظمة تابعة للولايات المتحدة، القرار الثالث للمنظمة (منذ عام 2018) بشأن الوضع في نيكاراغوا خلال الدورة 51 الافتراضية للجمعية العامة التي استضافتها غواتيمالا؛ بأغلبية 25 صوتاً مؤيداً (بما في ذلك الأرجنتين وبيرو والسلفادور)، وامتناع 7 أعضاء عن التصويت (المكسيك وبوليفيا والهندوراس وبليز ودومينيكا وسانتا لوسيا وسانت فنسنت وجزر غرينادين)، وعارض واحد (نيكاراغوا) وعضو واحد غائب (سان كريستوبال ونيفيس).
قدمت كوستاريكا وكندا وكوستاريكا والولايات المتحدة الأمريكية وشيلي والإكوادور وجمهورية الدومينيكان وأوروغواي وأنتيغوا وبربادوس، مشروع القرار إلى الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية. على الرغم من أن المشروع المذكور لا يقترح صراحة تفعيل المادة 21 من الميثاق الديمقراطي للمنظمة ضد نيكاراغوا، والتي تستلزم تعليق عضوية عضو في المنظمة إذا كان ينتهك النظام الديمقراطي ولا تجدي الدبلوماسية تجاهه نفعاً، فإنه يجوز لها تفعيل المفاوضة الجماعية إذا انتهت هذه المادة. أصبحت حالة الديمقراطية في نيكاراغوا عملياً الموضوع الرئيسي للنقاش بين ممثلي الدول الأربع والثلاثين الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية في الدورة 51 للجمعية العامة للمنظمة في غواتيمالا.
ومع ذلك، بعد فوز أورتيغا بإعادة انتخابه، ستواجه نيكاراغوا تصاعد إجراءات إضعاف الإقتصاد من قبل واشنطن وحلفائها ومسألة العزلة الدولية المحتملة، لكن توقعات نيكاراغوا بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة ثمانية في المائة بحلول نهاية عام 2021 والموقع الجغرافي السياسي للدولة يستبعدان الضعف الاقتصادي لنيكاراغوا. يعتقد أنصار أورتيغا أن تطوير العلاقات الاقتصادية في اتفاقية التجارة الحرة وزيادة الاستثمارات والاحتياطيات الدولية هي جزء من الإجراءات التي ستسمح لنيكاراغوا بالحفاظ على وضعها الاقتصادي الإيجابي. وضع يدين به شعب هذا البلد لجهود أورتيغا. كما أعلن رئيس البنك المركزي لنيكاراغوا عن زيادة كبيرة في الاستثمار الأجنبي المباشر في البلد في النصف الأول من هذا العام. وسيصل هذا الرقم إلى 632.1 مليون دولار، أي ضعف المبلغ المحقق في 2020، لمستوى 1.9 ومن المتوقع أن يصل الدخل الإجمالي من الاستثمار المباشر بنهاية العام الحالي إلى نحو 1.2 مليار دولار. وفقاً لوزير مالية نيكاراغوا، سيخصص 56.8٪ من مشروع قانون الميزانية للعام المقبل لتنفيذ السياسات العامة والاجتماعية والاقتصادية، و 22.2٪ لقطاع الصحة و 23٪ لقطاع التعليم، الذي يستهدف غالبية المجتمع النيكاراغوي.
0 تعليق