المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: أشار خبير في شؤون القوقاز و تركيا إلى الأنباء التي تتحدث عن قيام أرمينيا برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية اتهمت فيها جمهورية أذربيجان بممارسة التمييز العنصري ضد الأرمن "لعقود متتالية" في انتهاك للإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي وقعت عليها كلتا الدولتين، قائلاً: "لن تجدي هذه الخطوة نفعاً يُذكر لأرمينيا على المدى القصير؛ لأن إجراءات التقاضي أمام محكمة العدل الدولية (محكمة لاهاي) تتطلب اتخاذ أغلبية قضاة المحكمة ـ بعد رفع دعوى ما ـ القرار بشأن ما إذا كانت المحكمة مختصة بالنظر في الدعوى أم لا؛ فإذا لم تصوّت أغلبية القضاة لصالح كون المحكمة مختصة فلن تستمر في إجراءات التقاضي".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال إلياس واحدي: “في الخطوة التالية، تحدد المحكمة أجلاً زمنياً لإيداع كل من المدعية (أرمينيا) والمدعى عليها (أذربيجان) مذكرة ومذكرة مضادة وتبادلها. وقد تتكرر هذه العملية عدة مرات حتى اكتمال الوثائق. توحي تصريحات مسؤولي جمهورية أذربيجان بأنهم يخططون ـ في المقابل ـ لرفع دعوى مماثلة ضد أرمينيا أمام المحكمة تضم قضايا كقصف المناطق المدنية والتدمير المتعمد للمعالم الثقافية – الدينية والموارد الطبيعية. وفي حال قيامها بذلك، ستنظر المحكمة في القضية كدعوى متبادلة، ما يعني ضئالة احتمال إصدار الحكم لصالح أرمينيا”.
وأكد واحدي: “فضلاً عن ذلك، يتمثل ضمان تنفيذ أحكام المحكمة الدولية في إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن الأممي؛ بمعنى أنه في حال إصدار الحكم لصالح يريفان سيحال الموضوع إلى مجلس الأمن. وإذا أصدر المجلس قراراً ضد جمهورية أذربيجان ـ وهو احتمال ضعيف جداً ـ فيستبعد أن تلتزم به حكومة جمهورية أذربيجان؛ لأن مجلس الأمن كان قد أصدر أربع قرارات بشأن حرب قره باغ في عام 1993 (قرارات 822 و 853 و 874 و 884) كانت تقضي بإنهاء احتلال الأرمن لأراضي جمهورية أذربيجان إلا أن الحكومات الأرمينية لم تكترث بتلك القرارت على مدى 27 عاماً”.
وبالإشارة إلى الترتيبات الإقليمية القائمة، قال: “في ظل الظروف الراهنة، تحاول الحكومة الأرمينية إثارة أجواء سلبية ضد جمهورية أذربيجان في الداخل والخارج لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها. أما الدول الغربية خاصة أمريكا وفرنسا التي كانت تمسك ـ مع روسيا ـ بزمام المبادرة في موضوع نزاع قره باغ من خلال مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ولكنهم أُبعدوا فعلاً عن هذه العملية بعد حرب قره باغ الثانية واتفاقية وقف إطلاق النار الثلاثي الأذربيجاني ـ الروسي ـ الأرميني، ترغب في انهيار النظام المؤقت التي قام في هذه المنطقة ليتسنى لها مجال للتدخل”.
وأضاف: “فضلاً عن ذلك، ترغب تلك الدول في إيجاد موطئ قدم لنفسها ثانية بذريعة مكافحة التمييز العنصري وانتهاك حقوق الإنسان، للحيلولة دون التفرد الروسي في الملف من جهة ومنع قوى إقليمية كإيران وتركيا من أداء دورها”.
وأشار الخبير في شؤون تركيا والقوقاز إلى أن سياسة جمهورية أذربيجان بعد حرب 44 يوماً تقوم على الحؤول دون تكوّن بؤر انفصالية للأرمن في المناطق التي ظلت بيدهم في قره باغ (خان كندي)، مضيفاً: “انخفض عدد الأرمن في هذه المنطقة بشكل كبير في أعقاب الحرب لكن جمهوريةأرمينيا تحاول توفير الإمكانيات المختلفة عبر ممر لاتشين لزيادة عدد الأرمن في خان كندي”.
وأوضح واحدي هذه الخطوة من قبل أرمينيا قائلاً: “وجود أهالي تلك المنطقة في أرمينيا بصفتهم لاجئي حرب يزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على حكومة يريفان. عدا ذلك، قلة عدد الأرمن في أراضي جمهورية أذربيجان تفرض عليهم العيش كأقلية تفتقر للتأثير السياسي كعرقيات طالش وليزجي و …”.
وأكد على أن حكومة جمهورية أذربيجان تحتاج إلى تجاوب دول الجوار للقضاء النهائي على التهديد الناجم عن التحركات الانفصالية للأرمن في خان كندي، قائلاً: “من هذا المنطلق، يوجه مسؤولو باكو دائماً انتقادات لجنود حفظ السلام الروس بسبب مساعدتهم على إرسال الإمكانيات من داخل أرمينيا إلى خان كندي، لكنها انتقادات لا يمكن القبول بها. وعمدت جمهورية أذربيجان إلى منع توجه الشاحنات الإيرانية إلى مركز قره باغ لنفس السبب”.
وفي ما يتعلق بالسيناريو الأنسب لهذه المنطقة في مرحلة ما بعد الحرب، قال: “إرساء وتثبيت السلام وانتعاش التبادلات التجارية من خلال معابر آمنة هو السيناريو الذي يحقق القدر الأكبر من مصالح جمهوريةأذربيجان وأرمينيا وتركيا وإيران مقارنة بباقي السيناريوهات، لكنه لن يحقق مصالح روسيا كاملة، كون روسيا غير راغبة إلى حد كبير في إشراك دولة أخرى في مكاسبها بهذه المنطقة. ورغم التصريحات التي يطلقها مسؤولو جمهورية أذربيجان وتركيا بشكل مستمر عن صيغة سداسية للتعاون بمشاركة روسيا، لكن الحقيقة هي أن تفاقم الخلافات وعدم فتح ممرات تجارية بين إيران وأرمينيا وجمهورية أذربيجان وتركيا يصب في صالح روسيا؛ لأنه يخلص أرمينيا من التأثير الإيراني ويسوقها نحو الاعتماد الكامل على روسيا، ويمنع تركيا من الوصول إلى القوقاز وبحر قزوين بسهولة”.
واستنتج الخبير قائلاً: “فرص نجاح دعوى أرمينيا ضد جمهورية أذربيجان أمام محكمة لاهاي ضئيلة، وحتى في حال نجاحها ستقدم ذريعة لأمريكا وفرنسا للتدخل في المنطقة”.
واختتم بالحديث عن موقف طهران حيال هذا الملف قائلاً: “ينبغي أن تكون مواقف وخطوات إيران في هذا المجال قائمة على أساس التواجد الفعال والبناء في المنطقة بغية تشكيل محاور تجارية”.
0 تعليق