المجلس الإستراتيجي أونلاين - حوار: أكد المتحدث باسم جبهة ثقة شعب أفغانستان أن ما يريده الشعب الأفغاني هو نظام جمهوري للبلاد، مضيفاً: "يجب على الدول الفاعلة في أفغانستان إلزام طالبان - التي لا تعرف سوى لغة قتل المدنيين والتدمير - بالدخول في مفاوضات حقيقية مع نظام يمثل الشعب الأفغاني حتى يتمخض عنها وعبر التنسيق بين الجانبين إيجاد نظام مقبول من الشعب".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، رأى نصر الله صادقي زاده نيلي أن الظروف التي تشهدها أفغانستان اليوم هي نتاج تنافس بين رؤيتين إحداهما تؤمن بـتطبيق فكرة “الإمارة” والأخرى بتطبيق نظام الحكم “الجمهوري”، مضيفاً: “في تسعينات القرن الماضي، أقيم لطالبان حكماً قائماً على نظام الإمارة من قبل باكستان وبدعم من الإمارات والسعودية ومساعدات من أمريكا وبريطانيا، بهدف تحقيق مصالح الدول الأجنبية”.
فائدة طالبان للأجانب
وأضاف: “على خلفية دعم طالبان للقاعدة، شنت أمريكا هجوماً عسكرياً ضدها ما أجبرها على التنحي عن السلطة. أما اليوم، فالذين خلقوا طالبان ودعموها، يوفرون لها إمكانيات كبيرة ويريدون توظيفها مرة أخرى لمتابعة تحقيق مصالحهم الذاتية”.
وإذ أشار صادقي زاده نيلي إلى ركائز النظام القائم على “الجمهورية” كالدستور ومجلس النواب والانتخابات، لفت إلى أن نظام “الإمارة” هو حكم شمولي ديني وعرقي وقومي أحادي الجانب، مضيفاً: “في الحقيقة، أن الصراع الرئيسي اليوم في أفغانستان هو بين مصالح الدول الأجنبية ودعم فكرة “الإمارة” من جهة، ومصالح الشعب الأفغاني التي يكفلها النظام “الجمهوري” من جهة أخرى. وساعد الانسحاب المتسارع وغير المسؤول لأمريكا على توفير الأرضية لنشوب حرب أهلية وسقوط معظم مناطق البلاد بيد طالبان”.
وأكد النائب السابق في مجلس أفغانستان من ولاية دايكندي على أن ما يريده الشعب الأفغاني هو نظام جمهوري يُبنى بأصوات الشعب وترى كل القوميات ومكونات المجتمع الأفغاني أنفسها مشاركة فيه، مضيفاً: “هذا النظام يقوم على الدستور الذي أقره ممثلو الشعب في لويا جيرغا وأجريت العديد من الانتخابات وفقه وحقق الكثير من الإنجازات”.
توجه طالبان في الوقت الحالي
صادقي زاده نيلي الذي كان قد شارك في محاربة طالبان وحضر في الأسابيع الماضية في جبهة مدينة نيلي، عاصمة ولاية دايكندي، وقد نشط في تعبئة الناس للدفاع أمام طالبان، قال: “مع الأسف لا تلقى اليوم مطالب الشعب اهتماماً. ورغم المشاكل التي خلقوها له، لا تهتم الدول الأجنبية سوى بمصالحها في أفغانستان”.
وانتقد النائب السابق في البرلمان الأفغاني بعض التحليلات التي تتحدث عن تحول في التوجهات الشمولية عند طالبان تجاه قضايا تتعلق بإدارة البلاد والاهتمام بحقوق القوميات، مضيفاً: “لم تتغير طالبان فحسب، بل ازدادت سوءاً بدرجات مقارنة بالماضي. وهذه الجماعة هي من ارتكبت في الأسابيع الماضية مجازر جماعية في أفغانستان بحق الشيعة والهزارة وقوميات أخرى. ولا يخفى على أحد العمليات الانتحارية والتفجيرات التي تنفذها في المناطق السكنية والمدنية والثقافية والمذهبية والإعلامية والتي أدت إلى مقتل الآلاف من الناس الأبرياء. وهم من ذبحوا العشرات من البشر في طريق تقدمهم”.
وأردف صادقي زاده نيلي قائلاً: “ألم نر قتل عشرات من الناس من قومية البشتون في منطقة اسبين بولدك بقندهار بتهم واهية؟ ألم يدمروا مزارات الصالحين في قندهار ؟ أ لم ينهبوا منزل القائد الشهيد عبد الزراق؟ ألم يقتلوا العشرات من الهزارة في مدينة غزني ؟ ألم يقتلوا المدنيين في وادي صوف و دايكندي ؟ ألم يفجروا العشرات من بيوت الناس العاديين؟ أ لا نرى في تخار و بدخشان فرض الزواج القسري على الفتيات الشابات والأرامل اللاتي ليست لهن معيل؟ إذن، لم تتغير طالبان، بل ازدادت عنفاً”.
وجود 22 جماعة إرهابية إلى جانب طالبان
أكد المتحدث باسم جبهة ثقة شعب أفغانستان: “تدعي الطالبان القطيعة مع الجماعات الإرهابية، بينما يذعن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن هذه العلاقات لا تزال قائمة. يجب أن لا ننسى أنه توجد اليوم في أفغانستان حوالي 22 جماعة إرهابية من آسيا الوسطى وباكستان تحارب إلى جانب طالبان”.
وأضاف: “طالبان تستهدف المناطق السكنية بالأسلحة الثقيلة بل استهدفت مكتب الأمم المتحدة في هرات. لم تتغير طالبان، وإنما تغيرت رؤى الذين يريدون وصول طالبان للسلطة ويدعمونها. باعتقادنا لا يمكن تلميع صورة طالبان بالكلام، بل يجب عليها أن تثبت فعلاً أنها تغيرت. لكن هذا لن يحدث بكل تأكيد”.
وفي نفس الوقت، قال صادقي زاده نيلي: “نعتقد أن طالبان هي أمر واقع في أفغانستان ولا يمكن تجاهلها. لكن سعيها للاستفراد بالسلطة بأكملها ليس مقبولاً ويثير الكثير من المشاكل”.
وأوضح الناشط السياسي الأفغاني أن انعدام الأمن وعدم الاستقرار الناجمين عن وصول طالبان للسلطة يسببان مشاكل لكافة دول الجوار، كما نرى اليوم أن معارضي دول آسيا الوسطى وجماعات إرهابية ومتطرفون في شمال أفغانستان يقاتلون إلى جانب طالبان، وأضاف: “يجب على دول الجوار والدول الفاعلة في أفغانستان أن تعمل على أيجاد تسوية للوضع الراهن وإشراك طالبان في السلطة عبر محادثات تحت إشراف الأمم المتحدة. أما إذا استمر الوضع الراهن فستطال ناره الجميع”.
تحول سياسة أمريكا تجاه طالبان
وأشارت صادقي زاده إلى المحادثات السرية بين أمريكا وطالبان والأهداف الأمريكية الكامنة وراءها، موضحاً: “دخلت أمريكا أفغانستان من أجل مصالحها؛ فهي لم تدخل من أجل الشعب الأفغاني ولم تنسحب من أجل الشعب الأفغاني. وعندما دخلت في محادثات مع طالبان كانت تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال المحادثات”.
وصرح: “في الحقيقة لم تتغير طالبان وإنما اقتضت السياسة الأمريكية أن تدخل في محادثات معها. فإذا أصبحت طالبان تتحدث فعلاً بلغة الدبلوماسية والحوار، فلم لا تدخل في محادثات سلام حقيقي مع الحكومة والشعب في أفغانستان؟ طالبان لا تعرف سوى لغة الحرب والذين يريدون فرض طالبان على الشعب الأفغاني مرة أخرى، دبروا هذا المسرح لترويج أن طالبان تغيرت”.
انتظارات الشعب الأفغاني نحو إرساء الاستقرار في البلاد
وقال صادقي زاده نيلي حول انتظارات الشعب الأفعاني في ما يخص تحقيق الاستقرار والسلام في بلدهم إن “الشعب الأفغاني، بصفته شعباً مجاهداً ومسلماً هزم الاتحاد السوفيتي وأنقذ العالم من تهديد الماركسية والشيوعية، ينتظر من الدول الفاعلة في أفغانستان ودول الجوار التي استقبلت في أصعب الظروف ملايين من المهاجرين الأفغان بحفاوة، أن لا تتجاهل مصالح الشعب الأفغاني”.
ضرورة بذل الجهود من أجل إحضار طالبان إلى طاولة المحادثات
وأكد الناشط السياسي الأفغاني: “يجب على تلك الدول إلزام طالبان – التي لا تعرف سوى لغة قتل المدنيين والتدمير – بدخول مفاوضات حقيقية مع نظام يمثل الشعب الأفغاني حتى يتمخض عنها وعبر التنسيق بين الجانبين إيجاد نظام مقبول من الشعب الأفغاني. تم تدمير كل المنشآت والمباني والمدارس التي بناها الناس بشق الأنفس. يجب ممارسة الضغوط على هذه الجماعة لكي لا يلحق الدمار بأفغانستان مرة أخرى. لأن دمار أفغانستان سيورط دول الجوار في تداعيات ذلك قبل الآخرين”.
كما انتقد الدول التي تمد طالبان بالمعدات والأموال، مضيفاً: “اليوم تمتلك طالبان أسلحة أكثر تطوراً من أسلحة الحكومة الأفغانية. و كميات الأسلحة التي تمتلكها الحكومة محدودة، توجد لدى طالبان بكميات لا بأس بها. فإذا لم يكن الدعم الخارجي لطالبان موجوداً، لما استطاعت ان تصل الى هذا الموقع”.
وقال صادقي زاده: للأسف يتواجد كل قادة طالبان ومجالسها في جارة أفغانستان الجنوبية ويتلقى جرحاها العلاج في ذلك البلد، مؤكداً: “لا شك في أن هذا البلد يواجه اتهام مد طالبان بالمعدات العسكرية”.
واختتم بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحظى بمكانة إيجابية ومؤثرة وعبر عن أمله في أن تتمكن إيران من توظيف هذه المكانة لنشر السلام والمصالحة في أفغانستان، مضيفاً: “كانت إيران صديقة وفية وموثوقة فيها للشعب الأفغاني في عهد الجهاد ونأمل أن تظل إلى جانب أفغانستان وأن تقوم بخطوات باتجاه إرساء الاستقرار في أفغانستان، لكي تبقي نفسها بمنأى عن تداعيات التطرف في أفغانستان و تدفق اللاجئين”.
0 تعليق