المجلس الإستراتيجي أونلاين – حوار: قالت عضوة هيئة التدريس بجامعة طهران إن أمريكا تسعى إلى تأجيج الاحتجاجات في كوبا، مضيفة: "تريد أمريكا تحقيق مصالحها في دول أمريكا اللاتينية وتوظيف الفرص المتاحة لتغيير التوجهات السياسية السائدة في تلك الدول لصالحها من خلال زعزعة الاستقرار فيها".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، تحدثت الدكتورة “إلهة نوري غلامي زاده” عن التطورات الأخيرة في بعض دول أمريكا اللاتينية وكذلك الدور والتدخل الأمريكي فيها، قائلة: “الاحتجاجات والأحداث التي شهدناها في كوبا في الأيام الاخيرة، تعود جذورها إلى تاريخ هذا البلد. منذ عام 1959 وبعد انتصار الثورة الكوبية، حاولت أمريكا تحجيم هذا البلد عبر فرض سلسلة من العقوبات عليها ومنذ ذلك الحين، تدهورت العلاقات بين أمريكا وكوبا”.
وإذ أشارت إلى أن كوبا مستهدفة بأقدم عقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية، قالت: “أمريكا ورغم ما تدّعيه بشأن نشر الديمقراطية وحرية التعبير، عملت على تشديد العقوبات علىى كوبا بشكل متواصل خلال كل الأعوام التي كان هذا البلد يعاني من المشاكل الناجمة عن العقوبات”.
ولمحت الخبيرة في الشأن الأمريكي إلى اللقاءات التي حصلت بين أوباما وكاسترو في عام 2015 وعدم جدوى المحادثات التي جرت خلالها بالنسبة لتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للشعب الكوبي، موضحة: “اكتفى أوباما بشعارت وخطوات استعراضية في مجال إلغاء العقوبات أما بعد وصول ترامب للسلطة، انتهت كل تلك الممارسات الاستعراضية واشتدت الضغوط على كوبا، حيث فرض ترامب حوالي 243 عقوبة جديدة عليها. وفي المقابل، كانت كوبا تسعى خلال كل تلك السنوات إلى تقليص مشاكلها عبر إصلاحات اقتصادية وسياسية في الداخل”.
وتطرقت إلى تداعيات تفشي كورونا على اقتصاد العالم وأمريكا اللاتينية، قائلة: “تراجع معدل نمو إجمالي الإنتاج المحلي في أمريكا اللاتينية بنسبة 7% نتيجة تلك المشاكل وقد تم تقييم ذلك كأشد سقوط لنمو إجمالي الإنتاج المحلي بعد الحرب العالمية الثانية. في ظل تلك الظروف، واجهت كوبا المحاصرة التي كانت تسعى لانقاذ اقتصادها، وضعاً أصعب”.
أمريكا تسعى إلى تأجيج الاحتجاجات في كوبا
وأكدت على أن الديمقراطيين يتابعون سياساتهم تجاه أمريكا اللاتينية بشكل مستتر وموارب، مضيفة: “يحق لكافة الشعوب في العالم أن تكون لها مطالب من حكوماتها. أما في ما يتعلق بالاحتجاجات الأخيرة في كوبا فمن الواضح تماماً أن أمريكا تؤججها من وراء الكواليس وتصور المشاغبين المعارضين للحكومة الثورية في كوبا كالناس العاديين الذين يرفعون مطالب مشروعة لكي تظهر أوضاع البلاد متأزمة”.
وقالت أستاذة كلية الدراسات العالمية: “أكبر مساعدة يمكن لأمريكا تقديمها للشعب الكوبي هي إلغاء العقوبات. فالوضع الراهن في كوبا هو نتاج استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة على هذا البلد منذ سنوات بعيدة. اليوم وفي ظل تفشي وباء كورونا نرى النتائج المباشرة لتلك العقوبات. في هذه الظروف، تسعى أمريكا إلى جانب دول جارة أخرى مثل كولومبيا إلى تأجيج الاضطرابات وزعزعة الاستقرار السياسي”.
وأشارت إلى قرار أمريكا زيادة عدد طاقم سفارتها في هافانا، مضيفة: “ماذا سيترتب على هذا القرار سوى زيادة التدخل المباشر في الشؤون الداخلية؟ وما هو تأثير زيادة الطاقم في حل مشاكل الناس الذين يعانون من نقص الدواء والغذاء”؟
التدخلات الأمريكية في هايتي
وتحدثت عن أبعاد وجذور انعدام الاستقرار السياسي والاضطرابات في هايتي وفنزويلا، موضحة: “اغتيل رئيس هايتي في منزله واللافت أن أمريكا تدّعي إن عملية الاغتيال نُفِّذت على يد عصابات منظمة كولومبية.؛ والحال أن العسكريين والميليشيات الكولومبية تُوظَّف وتُستأجر من قبل أمريكا لزعزعة الاستقرار في دول أمريكا اللاتينية”.
وأوضحت أنه بعد اغتيال الرئيس، تم اختيار رئيس وزراء جديد في هايتي موالٍ لأمريكا بقوة، مضيفة: “يبدو أننا سنشهد تبعية هايتي لأمريكا؛ حيث أوصلت الأخيرة مرة أخرى عميلاً لها للسلطة من خلال قمع باقي القوى السياسية في البلد المنكوب لكي يكون ضامناً لمصالح واشنطن”.
واستطردت عضوة قسم الدراسات الأمريكية في جامعة طهران بالحديث عن التوجهات السياسية السائدة في أمريكا اللاتينية، قائلة: “كان الحديث سابقاً عن تفوق اليساريين في أمريكا اللاتينية، أما اليوم فنرى صراعاً بين اليمين واليسار في الساحة السياسية في هذه المنطقة وفي هذا السياق، تسعى أمريكا إلى زعزعة الاستقرار وخلق الاضطرابات لتحقيق مصالحها من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة في كل دولة لتغيير التوجهات السياسية لصالحها والحيلولة دون صعود اليساريين من جديد”.
ورأت أن أمريكا تواجه صعوبات في تنفيذ هذه السياسة، مضيفة: “بشكل عام توجد في دول أمريكا اللاتينية مشاعر مناهضة لأمريكا وتوجهات لمواجهة هيمنتها في تلك الدول. وبالمقابل، لا تسمح أمريكا لتلك الدول بأن تنعم بالاستقرار وتوظف الاضطرابات لصالحها بمختلف الطرق”.
وإذ أكدت على ضرورة التنبه لتوجه أمريكا الإعلامي ضد أمريكا اللاتينية وسعيها لإرساء صورة “الحلم الأمريكي” في الرأي العام في تلك المنطقة، قالت: “كل يوم تنتج الكثير من البرامج ضد كوبا والدول الثورية بلغتها لترويج نمط الحياة الأمريكية. ونتيجة لذلك تشهد الحدود الأمريكية موجة كبيرة من المهاجرين بينما الأبواب مغلقة أمامهم”.
واختتمت الأستاذة الجامعية بالقول: “طالما تعيش تلك الدول حالات الاضطراب والشغب، يكون بإمكان القوى ذات التوجه الموالي لأمريكا تمهيد الأرضية لها لنهب الثروات الاقتصادية والمعدنية والنفطية في تلك الدول. و لها السبب، تسعى أمريكا إلى تأجيج الصراع بين اليمين واليسار فيها”.
0 تعليق