المجلس الإستراتيجي أونلاين – حوار: رأى أستاذ في القانون الدولي أن تقرير المقرر الأممي بشأن المستوطنات الصهيونية يمثل منعطفاً في مواجهة الكيان الصهيوني على الصعيد القانوني، قائلاً: "اعتبار المستوطنات الصهيونية "جريمة حرب" موقف استثنائي ومن شأنه أن يمهد الأرضية لاتخاذ خطوات جادة ضد هذا الكيان المحتل ".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي، أشار الدكتور عيسى كوهستاني إلى تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة الذي اعتبر مستوطنات الكيان الصهيوني جريمة حرب مستمرة، موضحاً: “محدودية الأراضي والأفكار العنصرية كانت ولا تزال دوماً مصدر تشجيع الكيان الصهيوني للتوسع جغرافياً. فمنذ عام 1948 احتل هذا الكيان حوالي 80% من فلسطين وبعد حرب 1967 زاد في الأراضي التي يحتلها بنسبة ثلاثة أضعاف. بعد ذلك ورغم رفض المجتمع الدولي بدأ بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة”.
وأضاف: “مع الأسف لم تثمر الاحتجاجات ضد بناء المستوطنات الصهيونية عن نتائج فعالة لحد الآن بسبب دعم دول كأمريكا وحلفائها للكيان الصهيوني، إلا أن تلك الاحتجاجات لا تزال مستعرة على نطاق واسع في أرجاء العالم”.
المستوطنات انتهاك للأعراف والمعاهدات الدولية الخاصة بدولة الاحتلال
واعتبر الخبير في القانون الدولي المستوطنات مفهوماً مفصلياً في منظومة إستراتيجيات وسياسات الكيان الصهيوني، قائلاً: “بالنسبة للكيان الصهيوني فإن الأمن والسيادة والمستوطنات هي مفاهيم مترابطة. منذ عام 1967، حيث بدأ هذا الكيان تنفيذ خطط واسعة للتوسع الجغرافي، واجه رفضاً قوياً؛ لأن ممارساته بهذا الصدد تعتبر انتهاكاً للأعراف والمعاهدات الدولية الخاصة بدولة الاحتلال”.
وأوضح كوهستاني: “طالما يتواجد الكيان الصهيوني في رقعة جغرافية بصفته “قوة محتلة” فيترتب على تهجيره لأصحاب الأرض الأصليين وإحلال رعاياه محلهم نتائج خطيرة باتجاه ترسيخ ظاهرة الاحتلال، إضافة إلى تداعياته القانونية. في الحقيقة وفضلاً عن الآثار الإنسانية المترتبة على تشرد اللاجئين الذين هُجّروا لإسكان رعايا الدولة المحتلة محلهم، تؤدي هذه السياسات إلى حرمان أصحاب الأرض الأصليين عن ممارسة حقهم في تقرير المصير”.
تصرفات الكيان الصهيوني جريمة حرب وجريمة ضد البشرية
قال الخبير في القانون الدولي إن “انتهاك الكيان الصهيوني للمادة 49 لمعاهدة جنيف والعديد من القواعد والقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني لا يقتصر على السنوات الأخيرة فحسب بل الكيان المحتل مستمر في هذه الممارسات اللاإنسانية منذ عقود. ورغم أن مقرر الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة اعتبر مؤخراً المستوطنات جريمة حرب لكن يجب الانتباه إلى أن جرائم الكيان الصهيوني كانت تستحق أن تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد البشرية منذ تأسيسه”.
وأكد كوهستاني: “نظراً إلى تكرار الجرائم بشكل مستمر بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، فإن حقوق الأنسان الأساسية تنتهك بشكل مستمر في الأراضي المحتلة، ما يمثل تهديداً دائماً للسلام والأمن الدوليين”.
موقف متأخر لكن استثنائي للمقرر الأممي
وأضاف الخبير في القانون الدولي: “ولو أن هذا التقرير جاء متأخراً، لكن يمكن وصف التصرفات الوحشية للكيان الصهيوني بأوصاف أشنع بكثير مما ورد في التقرير ويجب أن لا يقتصر وصفها بـجرائم حرب فحسب لأنها تشتمل على العديد من الجرائم التي تدخل ضمن صلاحية المحكمة الجنائية الدولية. رغم ذلك فإن اعتبار المستوطنات الصهيونية جريمة حرب موقف استثنائي ومن شأنه أن يمهد الأرضية لاتخاذ خطوات جادة ضد هذا الكيان المحتل”.
وفي ما يتعلق بالآثار والتداعيات الفعلية لنشر هذا التقرير على وضع الشعب الفلسطيني، قال كوهستاني: “إنه من التفاؤل المفرط أن نتصور أن هذا التقرير سيحدث تغييراً ملحوظاً في الوضع الراهن، لكن مثل هذه الخطوات تكون مؤثرة على المدى الطويل ومن شأنها أن تخلق أدبيات مشتركة بين الدول الحرة في العالم ضد الكيان الغاصب الجائر لكي لا يكون بإمكانه أن يرتكب أي جريمة ضد البشرية دون أي رادع قانوني أو سياسي”.
منعطف في مواجهة الكيان الصهيوني على الصعيد القانوني
وأردف الخبير بالقول: “يمكن تقييم هذا التقرير كمنعطف في مواجهة الكيان الصهيوني على الصعيد القانوني. اعتبار تقرير أممي المستوطنات الصهيونية جريمة حرب من شأنه أن يكون خطوة مؤثرة ومثيرة للأمل”.
وإذ أشار إلى بعض ما ورد في تقرير مجلس حقوق الإنسان حيث يُطلب من المجتمع الدولي “إفهام الكيان الصهيوني أنه لا يمكنه التمادي في الاحتلال دون دفع أي ثمن” وأكد: “بالنظر للوضع السائد على السياسة الدولية فإن هذه الممارسات ستكلف الكيان الصهيوني أثمانها؛ لكن أحرى بالدول الإسلامية – على افتراض وجود إرادة حقيقية لديهم لمواجهة الكيان الصهيوني – أن تعمل وقبل التعويل على مثل هذه التقارير وتوظيفها، على خلق وحدة في ما بينها ضد هذا الكيان المحتل لتتخذ خطوات فعالة للدفاع عن الشعب الفلسطيني”.
ضرورة الوحدة بين الدول الإسلامية بالتوازي مع مواجهة الاحتلال على الصعيد القانوني
وبالإشارة إلى تصريحات الإمام الخميني (رحمه الله) حول ضرورة الوحدة بين الدول الإسلامية ضد جرائم الكيان الصهيوني، قال الدكتور كوهستاني: “إن مد بعض الدول العربية الفاقدة للشرعية والقاعدة الشعبية يد السلام والمودة للكيان الصهيوني، قد يكلف الدول الإسلامية والشرق الأوسط أثمان باهظة. وإذا كانت الإجراءات القانونية مقترنة بوحدة الدول فيمكنها أن تكون فعالة جداً “.
و في الختام أكد الخبير في القانون الدولي: ” إن الحفاظ على الوحدة هي المقدمة لكل إجراء ضد الكيان الصهيوني”.
0 تعليق