المجلس الإستراتيجي أونلاين – حوار: أشار باحث في شؤون العراق إلى وجود دوافع اقتصادية قوية لدى العراق والأردن ومصر للتعاون الثلاثي في إطار مشروع "الشام الجديد" من جهة والتحديات الماثلة أمام التعاون بين البلدان الثلاثة من جهة أخرى، قائلاً: "إذا تبينت فاعلية هذه الاتفاقية للعراق، فقد يمتد هذا التعاون إلى مجالات سياسية وعسكرية وأمنية بشكل سريع".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال سيدرضا القزويني الغرابي إن مشروع ما يسمى بـ “الشام الجديد” انطلق في الحقيقة في عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، مضيفاً: “عقدت الجولة الأولى من الاجتماعات رفيعة المستوى لهذا المشروع في عام 2019 في عهد عادل عبد المهدي؛ لذلك لا يمكن اعتباره مشروعاً خاصاً بالكاظمي مع أنه هو من أطلق الاسم الحالي على المشروع لأول مرة وشهد عهده، بشكل خاص، متابعة أكثر جدية لتفعيله”.
وأضاف القزويني: “يتركز هذا المشروع على التعاون الاقتصادي بين البلدان الثلاثة بالتحديد. يبيع العراقيون نفطاً رخيصاً للأردن ومصر، ويستفادون من قدرات مصر لتكرير النفط وتصديره لأوروبا، ويقدم الأردن ومصر المساعدة للعراق في مجال الطاقة والكهرباء. فضلاً عن ذلك، تتولى مصر بشكل حصري إعادة إعمار المناطق السنية المتضررة من داعش في العراق”.
مميزات التعاون الثلاثي بين العراق والأردن ومصر
وبالنسبة لمميزات وضرورات هذا التعاون للدول الثلاث، قال الخبير في شؤون العراق: “تقييم مصالح كل من تلك الدول في هذا المشروع وما يمكنها تقديمه للمشروع يحتاج إلى دراسة شاملة لكافة الجوانب المعلنة وغير المعلنة للاتفاقيات. ستستفيد الأردن ومصر الفقيرتان نسبياً من نفط عراقي رخيص بسعر 16 دولاراً للبرميل. وستزود مصر العراق بفائض إنتاجها للكهرباء عبر الأردن وستتولى بشكل حصري إعادة إعمار المناطق المتضررة في العراق والتي كانت ولا تزال مشاريع إعادة الإعمار فيها مطمحاً لإيران كذلك”.
وأردف القزويني قائلاً: “وسيكون بإمكان العراق، من خلال تعزيز علاقاتها بهذين البلدين العربيين خاصة مصر، توطيد علاقاتها بالمحيط العربي بل ويمكنه الاستفادة من خبرات مصر والإردن في المجال العسكري وتدريب قواته”.
وإذ أشار إلى كون الأردن ومصر حليفتين لأمريكا، ما يضع مثل هذه العلاقات والاتفاقيات موضع ترحاب واشنطن، قال: “رأينا أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية رحب بإبرام هذه الاتفاقية. فمن الناحية الاقتصادية، و إذا ما تحولت مصر لحليف جدي للعراق في مجال تزويده بالكهرباء وإعادة الإعمار، فهذا يعني دخول منافس جدي لإيران إلى السوق العراقي”.
و أشار القزويني إلى تصريحات نائب عراقي اعتبر هذا المشروع – وبالنظر لعلاقات كل من الأردن ومصر بالكيان الصهيوني – تمهيداً لتطبيع العلاقات مع هذا الكيان، قائلاً: “مسألة التطبيع بين العراق والكيان الصهيوني أعقد من هذه الاتفاقية، وتوجد حالياً دوافع اقتصادية قوية لدى هذه الدول. بل وإن الأردن ومصر أحوج للعلاقة مع العراق منه للعلاقة معهما”.
وأشار الباحث في الشأن العراقي إلى الظروف الداخلية في العراق قائلاً: “بالنظر لمسائل كنشاط فصائل المقاومة في العراق أو الدور البارز للمرجعية التي لديها حساسية شديدة تجاه قضية فلسطين والقدس الشريف، يجب القول إن الأجواء الداخلية في العراق مهتمة بالتطورات السياسية في المنطقة وفضلاً عن ذلك، لا يمتلك رئيس الوزراء الصلاحية الحصرية لتحديد أطر السياسة الخارجية العراقية حتى يحدث تغييرات في بعض السياسيات المبدئية”.
واستطرد القزويني بالقول: “في نفس الوقت، ستكون لنتائج الانتخابات العراقية وتوجهات الحكومة الجديدة تأثيراً في النظرة العراقية للاتفاقية والعلاقات بين الدول الثلاث وأهدافها المعلنة والخفية”، مضيفاً: “وبأخذ ظروف المنطقة بعين الاعتبار يمكن القول بأن هذه الاتفاقية لو تهدف إلى إيجاد محور قوي، فمن المحتمل جداً أن تفشل في تحقيق غايتها، كما أن وجود أي توجه سياسي خفي في هذه الاتفاقية سيمثل عقبة جدية أمام نجاحها واستمرارها”.
وأكد على ضرورة استجلاء الابعاد المعلنة وغير المعلنة لهذه الاتفاقية، مضيفاً: “يجب إيضاح ما هي المكاسب الملموسة التي سيحرزها العراق من خلال هذه الاتفاقية والعلاقات بالأردن ومصر في إطارها. كما يجب إيضاح المصالح العراقية الحقيقة في بيع النفط للأردن ومصر بسعر 16 دولار للبرميل وهل تعرض العراق لضغوط مصممي مشروع الشام الجديد أم لا؟ لأن صندوق النقد الدولي هو من كان قد طرح الخطوط العريضة للمشروع أول مرة في عام 2014 في عهد حيدر العبادي”.
وإذ أشار القزويني إلى بنود البيان الختامي للاجتماع الأخير بين قادة البلدان الثلاثة، تحدث عن تحليلات قارنت بين هذه الأجواء وأجواء تشكيل الاتحاد الأوروبي، قائلاً: “لا شك في أنه لا يمكن مقارنة هذه العلاقات بالعلاقات بين الدول الأوروبية. الظروف التي أدت إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي والأوضاع السياسية والاجتماعية في تلك القارة مختلفة جداً عن غرب آسيا. فمثلاً وصلت الخلافات بين دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي لمرحلة قطع العلاقات بين قطر وعدد من أعضاء المجلس قبل أعوام “.
0 تعليق