المجلس الإستراتيجي أون لاين – مذكرة: إن تطوير وتعميق العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف في كافة الجوانب مع دول الجوار إضافة إلى الصين والهند يمثل إحدى "الضرورات" التي يجب أن توليها الحكومة الجديدة اهتماماً اكثر جدية.
حميد خوش آيند – محلل الشؤون الدولية
تحظى دول الجوار بمكانة خاصة في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. فالإمكانيات والطاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها التي تتمتع بها 15 دولة جارة إضافة إلى الصين والهند من شأنها أن توفر “مجالات قوية ومطمئنة” للبلاد لتحقيق الإنعاش الاقتصادي وتحسين الموازين التجارية وتنمية التجارة واستقطاب الاستثمار الأجنبي وكذلك تجاوز سياسة العقوبات الأمريكية والأوروبية. ومن المؤكد أن التوجه نحو الجيران والصين وروسيا سيمثل “الأولوية الأهم للسياسة الخارجية الإيرانية”.
ستبدأ الحكومة الإيرانية الجديدة عملها بعد أقل من أربعين يوماً. ورغم وجود ملفات داخلية مهمة على طاولتها، تحظى كذلك السياسة الخارجية وأولوياتها بأهمية مفصلية بالنظر للظروف الإقليمية والدولية الخاصة التي تعيشها البلاد.
حسب السياسات العليا للبلاد، تحظى أربع مجموعات من الدول بالأولوية في العلاقات والسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية:
- المجموعة الأولى هي “دول الجوار” والتي تتضمن 15 دولة جارة.
- المجموعة الثانية هي “الدول المسلمة” بغض النظر عن كونها جارة لإيران أم كونها في المناطق أو القارات الأخرى.
- المجموعة الثالثة هي “الدول النامية” أو “دول العالم الثالث”.
- إما الأولوية الرابعة والأخيرة فهي للدول التي تلبي شيئاً من “الحاجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية” لإيران.
فكما يلاحظ في هذا التصنيف، يجب أن تتصدر الدول الجارة، بغض النظر عن كونها إسلامية أم غير إسلامية، قائمة العلاقات الخارجية الإيرانية.
ورغم اعتقاد البعض بأن تطوير التعاون الإقليمي يعد بديلاً مناسباً وفعالاً لتحصين البلاد بوجه التداعيات والآثار السلبية للعقوبات، إلا أن هذا ليست القصة بأكملها بل يشكل جزءاً صغيراً من معادلة أكبر. فلا يجب اختزال موضوع دول الجوار وإعطاء الأولوية لها في إطار مواجهة العقوبات الأمريكية فحسب لأن الأمر يتجاوز ذلك. 1- الترابط في نطاق حضاري – ديني مشترك 2- القواسم الثقافية والتاريخية والاقتصادية والتجارية المشتركة 3- وجود تهديدات مشتركة اقتصادية وعسكرية وأمنية من قبل القوى الأجنبية، تمثل ثلاث حقائق مهمة تحتم “توثيق العلاقات الخارجية” مع الدول الجارة وهو ما يحظى بأهمية إستراتيجية خاصة بالنظر للظروف الراهنة.
في هذا السياق، و في حال مقاربة الموضوع من منظور اقتصادي وتجاري، نجد أن تشكيلة 15+2 المؤلفة من جيران إيران إضافة إلى الصين والهند تعتبر سوقاً اقتصادياً كبيراً جداً من الناحية النظرية والعملية وباستطاعتها أن توفر لإيران فرصاً منقطعة النظير في مجالات أخرى شرط التخطيط الدقيق والاهتمام الجاد لها. كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصفتها دولة قوية وكبيرة تتمتع بنفس الميزة بالنسبة لجيرانها.
تشير دراسات مؤسسة البحوث التجارية الإيرانية إلى أن إجمالي الصادرات والواردات السنوية للدول الـ 15 الجارة لإيران التي يقدر عدد سكانها هو 600 مليون نسمة يصل إلى 1200 مليار دولار، بينما لا يتجاوز حجم مبادلات إيران التجارية مع هذا السوق الكبير 30 أو 40 مليون دولار سنوياً. و هذا الواقع يكشف عن الطاقات والفرص الكبيرة المتاحة لتطوير التعاون الاقتصادي بين إيران وجيرانها.
المحصلة
إن الظروف التي تمر بها المنطقة اليوم، وحالات نكث العهد المتكررة للدول الأوروبية وأمريكا من جهة وضرورة ضمان الحد الأقصى من المصالح الوطنية من جهة أخرى، تحتم وأكثر من أي وقت مضى إدراج تعزيز العلاقات مع دول الجوار بشكل خاص وتبني سياسة التوجه نحو الشرق (روسيا والصين والهند) بشكل عام، ضمن جدول أعمال الجهاز الدبلوماسي للحكومة الإيرانية الجديدة.
0 تعليق