المجلس الإستراتیجي أونلاین - مذکرة: یجب اعتبار إطاحة نتنیاهو من السلطة بأنها "نقطة تحول" مهمة في تطورات السنوات الأخیرة في الأراضي المحتلة. خلال هذه السنوات الـ 12 حاول نتنیاهو کثیراً دفع مبادرات مناهضة لفلسطین. فقد تنحی عن السلطة في وقت وخلافاً لأهدافه وممارساته الإجرامیة، لم تضعف فلسطین وفصائل المقاومة فحسب بل و حققت ابعاداً مهمة من القوة والتوازن الإستراتیجي في الأراضي المحتلة. و تحطمت في نهایة عهد الـ 12 لـرئاسة وزراء نتنیاهو "أسطورة إسرائیل التي لاتقهر".
حميد خوشآیند - محلل الشؤون الدولیة
مکونات الحکومة الإئتلافیة
مساء يوم الأربعاء الثاني من يونيو أبلغ “یائیر لبید” (57 عاماً) زعیم حزب “یش عتید” الیمیني الوسطي، رئیس الكيان الصهيوني “رؤوفین ریفیلین” أنه علی إستعداد تام لتشکیل الحکومة الإئتلافیة دون مشارکة نتنیاهو و بموافقة زعماء الأحزاب الـ 7 الأخری. و کتب لبید في رسالة إلی ریفیلین: “أنه سیستخدم کل ما بإستطاعته لتوحید وجمع الشمل لجمیع شرائح المجتمع الإسرائیلي”.
ستتكون الحکومة الجدیدة من الأحزاب التالیة و ستکون تناوبیة: 1- حزب “یش عتید” اليميني الوسطي بزعامة یائیر لبید والذي لدیه سجل في مجال الصحافة والکتابة والمقدم التلفزیوني ومذیع الأخبار، 2- حزب “یمینا” الیمیني بزعامة “نفتالي بینیت” الذي شغل منصبي وزیر التعلیم الإسرائیلي خلال 2015-2019 و وزیر الدفاع الإسرائیلي خلال عامي 2019-2020، 3- حزب “أمل جدید” الیمیني بـزعامة “جدعون ساعر” العضو السابق في حزب اللیکود الذي اشتهر بـتطرفه، 4- حزب “اسرائیل بیتنا” بـزعامة “أفیغدور لیبرمان” و هو یمثل المستوطنین، 5- حزب “العمل” بـزعامة الفریق “بیني غانتس” والذي تولی منصب رئیس هیئة الأرکان العامة للجیش الإسرائیلي خلال أعوام 2011-2015 ، 6- تحالف “القائمة العربیة الموحدة” بـزعامة “منصور عباس” رئیس حزب “رعام” ، 7- حزب “أزرق وأبیض” بـزعامة غانتس و لبید الذین یلازمهما عدد من العسکریین السیاسیین الصهاینة منهم موشیه یعلون و غابي اشکنازي، 8- حزب “میرتس” الدیمقراطي الإشتراکي بـزعامة “زهافا غالؤون”.
و استناداً للإتفاق الذي تم التوصل إلیه بین زعماء الأحزاب الـ 8، سیتم التناوب علی منصب رئیس الوزراء بین “نفتالي بینیت” و “یائیر لبید” لـمدة عامین.
آفاق الحکومة الإئتلافیة
و رغم أن تشکیل الحکومة الإئتلافیة في الکیان الصهیوني یبدو عملاً مؤثراً في إزالة العقبات الداخلیة والسیاسیة أمام تشکیل الحکومة في إسرائیل، فلایجب إعتباره بمثابة إنهاء أو تسویة المشاکل السیاسیة داخل الکیان الإسرائیلي المزيف.
و یجب الإنتباه إلی أن الإئتلاف المکون من 8 أحزاب، الذي بادر بتشکیل الحکومة الجدیدة، لدیه موقف مشترک واحد و هو تنحیة نتنیاهو من رئاسة الوزراء. بعبارة أخری تعتبر “نهایة زعامة نتنیاهو” هدف مشترک للإئتلاف الذي یتکون من مجموعة غیر متجانسة واحیاناً متضاربة من الأحزاب الوسطیة والیمینية الوسطیة والیساریة والإشتراکیة الدیمقراطیة و الأغرب من کل شئ حزب من العرب! و إن عدم وجود أرضیة مشترکة أو وجهة نظر مشترکة بین أنصار یائیر لبید أو نفتالي بینیت أو بعض الأحزاب الأخری، هي من المواضيع التي یمکن أن تضع الحکومة التناوبیة للکیان الصهیوني أمام تحدیات هامة.
و التحدي الآخر الموجود هو دعم أعضاء الکنیست (مجلس الكيان الصهيوني) الـ 120 للحکومة الإئتلافية. و لم یتضح بعد ما إذا کانت غالبیة أعضاء الکنیست ستؤید الحکومة الإئتلافیة بـزعامة لبید-بینیت أم لا. حيث تجدر الإشارة إلی أن حزب “اللیکود” بـرئاسة نتنیاهو رغم فشله في تشکیل الحکومة، قد استطاع أن یدخل أکثر ممثلیه إلی الکنیست في الإنتخابات التي أجریت شهر مارس الماضي! و یعتبر هذا جرس إنذار للحکومة الإئتلافیة التي یمکن أن تواجه تحدیات حتی في ظل تولیها السلطة.
التحدي الاخر یرتبط بـالمواقف الحادة التي اتخذها نتنیاهو تجاه الحکومة الإئتلافیة. و قد أطلق نتنیاهو علی تشکیل الحکومة الإئتلافیة بأنه “إحتیال القرن”. وإذا ما إستمر نتنیاهو الذي تحول إلی معارض، بمعارضته للحکومة الإئتلافیة فمن الممکن أن نشهد إندلاع أزمات سیاسیة أخری خلال الأشهر المقبلة. وفي هذا المجال تطرقت صحیفة “یسرائیل هیوم” في تقریر لها إلی هذه القضیة و خاطبت الصهاینة قائلة: “کونوا علی إستعداد للحرب الأهلیة!” .
موقف محور المقاومة تجاه الحکومة الجدیدة
إطاحة نتنیاهو من رئاسة الوزراء و تشکیل الحکومة الإئتلافیة لایغیران مواقف محور المقاومة الإسلامیة و الفلسطینیین المناوئة للصهاینة. رغم أنه من الممکن أن تتخذ الحکومة الجدیدة (التي لاتخلو عملیة تشکیلها من التحدیات والعقبات) مواقف وإجراءات مختلفة عما إتخذها نتنیاهو بشأن القضایا الداخلیة للکیان المحتل للقدس لکنها في مواجهتها مع القضیة الفلسطینیة وفصائل المقاومة، ستدرج علی جدول أعمالها نفس الإستراتیجیات والسیاسات التي کانت في عهد نتنیاهو و قبله. نفتالي بینیت الذي من المقرر أن یتسلم السلطة في الأراضي المحتلة ضمن الحکومة التناوبیة، یعتبر أکبر داعم لبناء المستوطنات الصهیونیة و من أبرز معارضي تشکیل الدولة الفلسطینیة. فقد قال عن إقامة الدولة الفلسطینیة في عام 2012: “إنني سأفعل کل ما بوسعي لـضمان عدم حصولهم علی دولة”. و هو یعتقد أن الحدیث عن إحتلال الضفة الغربیة من قبل إسرائیل خطأ لأنه لم تکن هناک دولة فلسطینیة أبداً. خلال العام المنصرم ایضاً وبعد إغتیال العالم الإیراني محسن فخري زادة في إیران قال إنه لا یعلم من هو المسؤول عن الحادث لکن “العالم بدونه (محسن فخري زادة) سیکون أکثر امناً”. و قبل عدة أشهر من ذلک قد وعد في حملته الإنتخابیة بأنه سیخرج القوات الإیرانیة من سوریا خلال سنة واحدة وسیحول سوریا إلی فیتنام بالنسبة لطهران. کما كان قد دعا إلی “الحرب الباردة” بین بلده وایران و قال إن طهران هي المسؤولة عن “70 بالمئة من مشاکل اسرائیل الأمنیة”.
و مع تغییر هویة وتصمیم هیکلیة الحکومة في الأراضي المحتلة لا تتغیر مواقف وسیاسات وإجراءات الکیان الصهیوني تجاه جمیع القضایا الرئیسیة لـفلسطین. وتتفق جمیع الأحزاب المشارکة في تشکیل الحکومة الجدیدة في الکیان الصهیوني الغاصب بأن مدینة القدس (القسم الغربي المحتل عام 1948 والقسم الشرقي المحتل عام 1967) هی العاصمة الأبدیة لإسرائیل و یجب أن یستمر التهوید والإستیطان فی فلسطین ولا یحق للفلسطینیین إقامة دولة فلسطینیة ذات سیادة کاملة علی مناطق الضفة الغربیة لنهر الأردن و قطاع غزة وعاصمتها القدس الشریف.
و لهذا فأن موقف فصائل المقاومة وبشکل عام حرکة المقاومة الإسلامیة حماس بالنسبة للحکومة الجدیدة هو نفس الموقف الذی أعلنته حرکة المقاومة الإسلامیة (حماس) بشکل صریح و واضح و حاسم بأن “هویة أي حکومة قادمة في إسرائیل لن تغیر طبیعة الصراع مع هذا الکیان المحتل. فهو کیان محتل و یجب مقاومته”.
النقطة الأخیرة
و لایمکن للتغییرات البنیویة والتنفیذیة داخل الکیان المحتل للقدس أن تعطل أو تؤثر علی عملیة و طبیعة نضال محور المقاومة والفصائل الفلسطینیة المقاتلة ضد الصهیونیة. إن تحریر القدس الشریف من الإحتلال و إنهاء أکثر من 7 عقود من الإغتصاب والإحتلال یعتبر الهدف النهائي لـجمیع فصائل المقاومة الإسلامیة في فلسطین. وإن تقریر مصیر الشعب الفلسطیني من خلال إجراء إستفتاء إقترحته الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في نوفمبر 2019 وسجلته في الأمانة العامة للأمم المتحدة، آلیة أساسیة لتحقیق هذا الهدف العظیم. کما صرح القائد الأعلی للثورة الإسلامیة أیضاً: “یجب إستطلاع آراء کل الفلسطینیین الأصلیین من بین کل الشعب الفلسطیني ولیس من ینتمي إلی بقیة الدول وجاء إلی هذه المنطقة و قد سکن فیها بل من یکون من أبناء فلسطین وینتمي إلی أي دین – سواء کان مسلماً أو مسیحیاً أو یهودياً لأن بعض الفلسطینیین من المسلمین و بعضهم مسیحي و الأخر یهودي – لکي یتولی النظام المؤید لهم مهام الحکم في جمیع أنحاء الأراضي الفلسطینیة”.
0 تعليق