المجلس الاستراتيجي، آنلاين، حوار: أشارت إحدى أساتذة كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران إلى أهم الموضوعات التي تضمنها التقرير السنوي الأمني الأميركي بشأن التهديدات العالمية التي تتعرض لها أميركا وقالت: "لازالت أميركا تواجه صعوبات في إدارة أزماتها الداخلية ويبدو أن هناك نوعاً من التخبط في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية فيما يخص بعض القضايا منها النشاطات النووية الإيرانية."
في حوار أجراه معها موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية أشارت الدكتورة الهة نوري غلامي زادة إلى هذا التقرير ووصفته بأنه يعبر عن آفاق النشاطات الأمنية – الاستخباراتية لهذا البلد وأكدت: “إن التقرير السنوي الذي أعلن عنه مؤخراً يتابع نفس الأسلوب السابق المتبع والذي نشهده في تفاصيل السياسة الخارجية الأميركية حيث يشوبه كالعادة نوع من التخبط.”
التخبط في سياسة الخارجية الأميركية
وأردفت الدكتورة غلامي زادة بالقول أنه بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي ساد التشاؤم في الساحة الدولية بشأن تعهدات الولايات المتحدة الأميركية على المستوى الدولي وأضافت: “مع مجيء بايدن إلى السلطة واستقراره في البيت الأبيض انشغل بإدارة المشاكل الداخلية الناتجة عن جائحة كورونا وتداعيات العملية الانتخابية وعدد من القضايا الأخرى حيث شهدنا في المقابل نوعاً من التخبط في السياسة الخارجية الأميركية بالأخص بشأن بعض القضايا منها النشاطات النووية الإيرانية.”
وأشارت الأستاذة غلامي زادة إلى بعض أجزاء هذا التقرير حيث تم التأكيد فيها أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير منشغلة حالياً بنشاطات أساسية لإنتاج الأسلحة النووية وقالت: “رغم أن التقرير يصرح أن النشاطات النووية الإيرانية لا تسير في خط إنتاج الأسلحة أو القيام بخطوات خطيرة بهذا الشأن إلا أنه يعتبر إيران تهديداً للمصالح القومية الأميركية ووضعها إلى جانب كوريا الشمالية والصين وروسيا.”
وأوضحت غلامي زادة إلى أن التقرير يضع النشاطات التي تقوم بها إيران في أربعة مجالات هي الاقليمية والصاروخية والسيبرانية والصناعة النووية وهي ضمن اهتمام الأميركان وتقول: “أعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية «نيد برايس» مؤخراً أن أميركا مستعدة لرفع الحظر التدريجي عن إيران فيما لو أن نشاطاتها النووية ليست لها آفاق خطيرة، ولكن مستشار الأمن القومي الأميركي أعلن بالتزامن مع اجتماعات فيينا أن أميركا لن ترفع الحظر عن إيران إلا بعد التأكد من التزامها بتعهداتها النووية.”
مواقف أميركا غير الشفافة
وأضافت الخبيرة بالشؤون الدولية تقول: “إن مضمون التقرير السنوي الأمني يدل على أن الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب أن تكون لها مواقف شفافة بهذا الشأن.”
وأكدت أنه فيما يخص السياسة الخارجية، يمكننا القول إن الولايات المتحدة الأميركية غيرت من نهج سياستها الخارجية متى ما بدأت بتنفيذ خطوات معينة في إطار رفع الحظر عن إيران وقالت: “لا نشهد حالياً مثل هذا النهج، ويبدو أن أميركا لم تتخذ قراراً لرفع الحظر عن إيران لأن ذلك يستلزم عدة خطوات عملية تستغرق وقتاً طويلاً.”
وأوضحت الدكتورة غلامي زادة أن التزام الشفافية في اتخاذ بعض القرارات قد يعرض مصالح بعض اللوبيات الداخلية ومنها اللوبي الصهيوني المؤثر جداً بهذا الشأن للأخطار الجادة وقالت: “ينبغي أن نضع هذا التخبط في السياسة الخارجية الأميركية على حساب الظروف الداخلية التي تسود أميركا حيث تواجه مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة لم تتمكن من إيجاد حلول ناجحة لها وإدارتها بشكل سليم.”
أميركا في مواجهة جادة مع روسيا والصين
وأشارت الخبيرة بالشؤون الدولية إلى قسم آخر من التقرير الأمني السنوي الأميركي الذي يركز على الاختراق السري الروسي والصيني وتغلغل هذين البلدين الذي يعتبره التقرير من مصاديق التهديدات العالمية لأميركا وقالت: “على أية حال فإن روسيا تعتبر حالياً المنافس العسكري لأميركا، والصين تعتبر كذلك المنافس الاقتصادي لها، لذا فإن الولايات المتحدة الأميركية تواجه الكثير من الصعاب في هذه المواجهة مع هذين المنافسين الجادين.”
وأوضحت الدكتورة غلامي زادة أنه ينبغي أن لا نتوقع حدوث تغيير بارز في السياسة الأميركية حيال عدد من الدول ومنها إيران خلال السنة القادمة وما بعدها وقالت: “لاشك أن أميركا تتفوق حالياً على الآخرين في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية إلا أنها تواجه منافساً جاداً في كل من هذه المجالات.”
كذلك أشارت الأستاذة غلامي زادة إلى تأثير جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الأميركي ودورها في زيادة معدلات البطالة في هذا البلد وتعميق حالة الضجر الاجتماعي وعدم الرضا من الوضع الحالي وقالت: “حتى لو اعتبرت أميركا قوة عظمى حالياً إلا أنها بحاجة إلى سنوات طويلة قد تستغرق عشر سنوات قادمة أو أكثر حتى تتمكن من إحياء نفسها أمام هؤلاء المنافسين الجادّين.”
وأكدت أن ظاهرة أفول أميركا تعتبر من الموضوعات التي ظهرت للعيان بشكل جاد في مختلف أركان الدولة الأميركية، حيث أن الإبهام أو عدم الشفافية التي نشاهدها في السياسات الأميركية لا تضمر أي بُعد سري أو مبطّن بل إنه يدل على حالة التخبط الواضح، حيث أن الأفق الذي أظهرته أميركا للعالم في مجال السياسة الخارجية يدل على أنها تنحدر نحو الأفول وهي بحاجة إلى وقت معين لتقليل سرعة هذا الأفول والزوال وهي بالتالي تحاول أن تشتري الزمن حتى تتمكن من الخروج من هذا التخبط الواضح في مجال اتخاذ القرار السياسي.
وأردفت تقول: “تسعى أميركا لتتواءم بشكل ما مع مصالح المجاميع المنتفعة بحيث لا تعلن عن قراراتها الواضحة والشفافة في الكثير من أصعدة السياسة الخارجية.”
0 تعليق