في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار رحمان قهرمان بور إلى تقارير تتحدث عن رغبة أوكرانيا وعزمها على صنع قنبلة نووية في مواجهة روسيا، وأكد على أن وجود تهديد، حتى كان ذلك التهديد وجودياً، ليس شرطا كافياً لصنع سلاح نووي، قائلاً: كانت قد هددت دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان بصنع أسلحة نووية بسبب التهديدات الوجودية من كوريا الشمالية والصين، لكنها لم تنجح في صنعها. لذلك، في حالة أوكرانيا أيضاً، ينبغي القول إن تهديد وجودياً مثل روسيا ليس شرطاً كافياً لصنع أوكرانيا قنبلة نووية. فضلاً عن ذلك، ليست أوكرانيا بالضرورة قادرة على القيام بذلك، كما لم تنجح كوريا الجنوبية وتايوان فيه.

وفيما يتعلق بمدى قدرة أوكرانيا على صنع قنبلة نووية في الوقت الحالي، قال: روسيا قد تستخدم أسلحتها المتطورة لإحباط الجهود الأوكرانية في هذا الصدد. من ناحية أخرى، فحتى لو كانت أوكرانيا تمتلك البنية التحتية والموارد البشرية اللازمة لصنع قنبلة نووية، فإنها تحتاج إلى ميزانية ضخمة لتحقيق هذه الغاية، وهو ما لا تملكه حالياً.

وصرح الخبير في الشؤون الدولية: على افتراض أن أوكرانيا قادرة على استخدام معرفتها النووية التي حققتها أثناء الحرب الباردة وعلمائها النوويين لصنع قنبلة نووية، فإن السؤال المهم هو ما إذا كانت هذه القنبلة تمكن أوكرانيا من ردع التهديدات النووية الروسية واستعادة أراضيها المفقودة في شبه جزيرة القرم ودونسك ولوهانسك في المستقبل القريب أم لا؟

وقال قهرمان بور إن القنبلة النووية سلاح يُصنع ولايُستخدم، وفي حين تحتل روسيا لـ 20% من أراضي أوكرانيا، فإن مجرد الحصول على هذ السلاح وصنعه لا يمكن أن يؤدي إلى استعادة هذه الأراضي، مضيفاً: لنفترض أوكرانيا قررت استخدام الأسلحة النووية ضد روسيا فماذا سيكون رد فعل روسيا؟

وأردف قائلاً: تمتلك روسيا ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم بعد الولايات المتحدة، وإذا أرادت أوكرانيا خلق ردع أمام القوة النووية الروسية، فيجب عليها بناء ثالوث نووي، أي غواصات نووية، وقاذفات نووية، وصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. ولذلك فإن مشكلة أوكرانيا لن تحل ببناء بضعة صواريخ عابرة للقارات، بل يتعين عليها إنشاء ترسانة نووية ضخمة لهذا الغرض.

وذكر الخبير في الشؤون الدولية: إذا اتجهت أوكرانيا نحو صنع أسلحة نووية في ظل الوضع الحالي بضوء أخضر من الغرب، فسيؤدي الأمر إلى تشجيع دول أخرى تتعرض لضغوط أمنية على القيام بنفس الشيء، وعلى رأس هذه الدول هي كوريا الجنوبية وتايوان. لذلك فإن هذا القرار تترتب عليه مخاوف أمنية واسعة. وإذا حدث هذا، فإن النظام النووي المتعثر الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية سوف ينهار نهائياً، وسوف نشهد التوسع المفرط في عدد الدول التي تمتلك الأسلحة النووية، الأمر الذي قد يخلق انعدام أمن في العالم.

وصرح قهرمان بور: على أجندة الغرب ضم أوكرانيا إلى الناتو على المدى الطويل، حتى تنضوي تحت مظلة الناتو النووية والأمنية والدفاعية. يبدو أنه إذا توصل الغرب إلى اتفاق مع روسيا، فقد يكون هذا الحل هو الوسيلة الأقل كلفة والأكثر استدامة لتأمين أوكرانيا. رغم ذلك، فإن ألمانيا والولايات المتحدة تعارضان عضوية أوكرانيا في الناتو، وتعتبران ذلك مقدمة للتوتر بين الناتو وروسيا. لكن إذا نجحت جهود ترامب لإحلال السلام في أوكرانيا، فربما تتوصل الولايات المتحدة وروسيا إلى حل في هذا الشأن.

وتابع الخبير في الشؤون الدولية: يقال إن ترامب سيقترح مبادرة سلام على روسيا، تتضمن تأجيل عضوية أوكرانيا في حلف الناتو لمدة 20 عاماً. لكن السؤال هو ماذا سيحدث إذا احتلت روسيا بقية أراضي أوكرانيا خلال هذاه الفترة؟ أما الحل الآخر الذي اقترحه الأوروبيون لتحقيق السلام في أوكرانيا فهو التسريع في عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي لتستفيد من الأطر الدفاعية للاتحاد الأوروبي.

وذكر: يعد حل اللغز الأمني ​​لأوكرانيا مهمة صعبة بسبب جوارها مع روسيا وحجم الترسانة الروسية، فضلا عن كونها في موقع جيوسياسي هش بين أوروبا وروسيا، ولهذا يقال إن مستقبل النظام الأمني الأوروبي يعتمد إلى حد كبير على مصير أوكرانيا، لأن أوكرانيا تشكل حاجزاً كبيراً أمام روسيا بالنسبة لأوروبا وإذا انهار هذا الحاجز فإن دولاً مثل مولدوفا ورومانيا ودول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) سوف تتعرض لمخاطر جسيمة. كما تشعر بولندا بالقلق من عواقب هذا التطور.

واختتم قهرمان بور بالتأكيد على أن تحول أوكرانيا إلى دولة نووية لن يشكل حلاً مستداماً للمعضلة الأمنية التي تواجهها في الأمد البعيد، وهي تواجه، بشكل عام،ـ تحديات كبيرة لتنفيذ مثل هذا القرار. لذلك، يبدو أن الأخبار والتقارير التي تتحدث عن هذا الأمر هي على الأغلب للضغط على الغرب لدعم أوكرانيا ضد روسيا وإحداث تغيير محتمل في سياسة الولايات المتحدة ودونالد ترامب في هذا الصدد.