المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: منذ بداية عملية طوفان الأقصى، شهدت مناطق مختلفة من الضفة الغربية توسع العمليات المناهضة للصهيونية وتصاعد العدوان الصهيوني بشكل تدريجي.
حميد خوش آيند ـ خبير في القضايا الإقليمية
تظهر التطورات الميدانية التي شهدتها الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة أن هذه المنطقة خرجت عملياً من وضع “هامشي” وتحولت إلى “جبهة رئيسية”.
في العام الماضي، كلما ركز الكيان الصهيوني على حرب غزة، زادت بالمقابل التهديدات من الضفة الغربية ضد هذا الكيان.
وبينما كانت المقاومة والنضال ضد الكيان الصهيوني في الضفة الغربية قبل عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول مقتصرة فقط على جنين ومخيمها والمناطق المحاصرة في شمال الضفة الغربية، فإن هذا الوضع امتد الآن إلى شمال الضفة الغربية أيضاً.
في العام الماضي، قام الكيان الصهيوني، في الوقت الذي كثف فيه قتل الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية، بزيادة القيود والمحظورات في هذه المنطقة. وخلال هذه الفترة استشهد أكثر من 600 فلسطيني على يد الجيش الصهيوني في الضفة الغربية.
إضافة إلى ذلك، أصبحت حركة الفلسطينيين بين القرى والمدن محدودة أكثر، وارتفع عدد الحواجز والعوائق والتوقفات المؤقتة للكيان الصهيوني من 200 نقطة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أكثر من 800 نقطة.
بعض الطرق التي تربط الأحياء مفتوحة فقط لساعات محدودة؛ في حين أن المستوطنات اليهودية في جميع أنحاء الضفة الغربية ترتبط بسهولة بالطرق والبنية التحتية. لقد تحولت المناطق التي يعيش فيها السكان الفلسطينيون إلى مناطق “مهينة” ذات مرافق وامتيازات قليلة للغاية، ومنفصلة عن بعضها البعض، وهو ما يضع الفلسطينيين بالطبع في وضع لا يطاق، ويجعلهم أكثر استعداداً للنضال والمقاومة.
إن الحرب في غزة والوضع الاقتصادي السيئ للغاية وعنف المستوطنين هي “ثلاثة عوامل مؤثرة” في تصعيد التوترات في الضفة الغربية.
ورغم أن المقاومة في الضفة الغربية ليست ظاهرة جديدة، إلا أن الاتجاه المتزايد لعنف المستوطنين المدججين بالسلاح والذين يتصرفون كجيش غير رسمي، قد خلق ظروفاً صعبة للمواطنين الفلسطينيين.
ففي الضفة الغربية لنهر الأردن يعيش نحو 300 ألف مستوطن صهيوني، منهم 260 ألفاً يحملون تصاريح حمل السلاح. بعبارة أخرى، فإن امتلاك الأسلحة الخاصة أعلى بكثير في مستوطنات الصهاينة منها في المدن الإسرائيلية، و 86 من أصل 100 مدينة بها أعلى نسبة من حاملي تراخيص الأسلحة تقع في مستوطنات الضفة الغربية.
ويرتكب المستوطنون المسلحون، بطرق مختلفة، أعمال عنف ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم؛ المدنيون العاديون الذين يحملون الأسلحة، وسكان المستوطنات يعتبرون جزءً من فرق الأمن المدنية، وكذلك جنود المستوطنات يعملون كجزء من كتائب الدفاع الإقليمية أو الجنود ذوي الرتبة الأولى.
من إطلاق الرصاص وإلقاء الحجارة والأشياء الثقيلة على الفلسطينيين ومنازلهم وسياراتهم، إلى إشعال النار في المنازل وورش العمل والمزارع وغيرها من الممتلكات الخاصة، فضلاً عن قطع أشجار الزيتون، وتدمير البنية التحتية للمياه، وسرقة وقتل وتهجير المواشي باستخدام الأدوات المختلفة مثل الطائرات المسيّرة، ليس سوى جزء من أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون المتطرفون المسلحون.
ووفقاً لتقرير معهد دراسات الأمن القومي ومقره تل أبيب، منذ بداية حرب غزة، وقعت أكثر من 1500 حادثة عنف بين المستوطنين الصهاينة والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أودت أيضاً بحياة العديد من الأطفال الفلسطينيين. إن أعمال العنف اليومية التي يواجهها الفلسطينيون في الضفة الغربية بلغت حالياً أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ونتيجة لتزايد مستوى العنف والأعمال الإرهابية التي يقوم بها الصهاينة، فقد نفذ الفلسطينيون أكثر من 4000 عملية في الضفة الغربية منذ بداية الحرب، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 50 جندي صهيوني وجرح نحو 400 شخص.
وفي حين أنه قد يكون هناك عدد أقل من الأسلحة في أيدي الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية مقارنة بغزة، فإن أداء الكيان في هذه المنطقة واستمرار الحرب في غزة قد وضع الضفة الغربية في “نقطة الغليان”، وأقل نتيجة لهذا الوضع هو اتساع عمق ونطاق وكثافة العمليات المناهضة للصهيونية.
ومن الجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من هذه العمليات وغيرها من الإجراءات المناهضة للصهيونية يقوم بها شباب ومجموعات لا تنتمي إلى أي منظمة أو حركة، وليس لها سوى دافع الانتقام بشكل أشد من ذي قبل.
إن استمرار الحرب في غزة والعنف المنظم ضد الفلسطينيين، كما يعتقد مسؤولو الكيان، قد وضع الضفة الغربية على وشك أن تصبح “الجبهة الثانية” للحرب وأكثر “خطورة” بكثير من الجبهات الأخرى بعد قطاع غزة.
0 تعليق