المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في شؤون شرق آسيا: إن التوترات الأخيرة بين الصين وتايوان ليست موضوعاً جديداً. فالخلافات بينهما متجذرة في تاريخ هذه الأرض ومعادلات المحيطين الهندي والهادئ حيث تحاول الولايات المتحدة والغرب تأجيجها، بينما الصين تحاول حلها سلمياً.
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال الدكتور حامد وفائي عن تزايد التوترات بين الصين وتايوان في ضوء المناورات الصينية الأخيرة وكذلك تصريحات الرئيس التايواني ضد الصين: أي دولة تريد أن تكون لها علاقات مع الصين يجب أن تقبل مبدأ الصين الواحدة، مثلما تقبلت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، هذا الأمر وإلا فإن الصين كانت ستتجنب أي علاقات مع هذا البلد. من وجهة نظر بكين، تايوان هي إحدى مقاطعات الصين، لكن الأمريكيين لديهم نهج مزدوج في هذا الصدد، فهم من ناحية، يقبلون بالصين الواحدة، ومن ناحية أخرى، يؤكدون على استقلال تايوان، ويرسلون الكثير من المساعدات العسكرية إليها، ويدعمون مطالبها بالاستقلال.
وأضاف: إن وضع ملكية تايوان للصين يشبه نوعاً ما ملكية الجزر الثلاث في الخليج الفارسي لإيران. في تايوان، بعض أحزابها أقرب إلى جمهورية الصين الشعبية، والبعض لديه مواقف أكثر راديكالية من الحكومة المركزية. كما أن الرئيس الحالي لتايوان لديه موقف أكثر حدة تجاه جمهورية الصين الشعبية، وقد أوضح أن تايوان دولة مستقلة ولا يمكن للصين الضغط عليها. وحتى في تصريحاته، تجاوز بعض الخطوط الحمراء للصين.
وفي إشارة إلى المناورات الصينية الأخيرة حول جزيرة تايوان، أوضح الأستاذ الجامعي أن هذه المناورات أجريت رداً على مواقف الرئيس التايواني وتحركاته الأخيرة.
وفيما يتعلق بدور الولايات المتحدة في تزايد التوترات بين الصين وتايوان، قال وفائي: في السنوات الأخيرة، حاولت الولايات المتحدة تحويل تركيزها إلى جنوب شرق آسيا في إطار استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ، التي تعتبر الصين تهديدها الاستراتيجي الرئيسي، وفي هذا الإطار، أبرمت أيضاً العديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية مع دول شرق آسيا. كذلك يحاول الصينيون الخروج من البيئة الأمنية التي أعدها الأمريكيون لهم في المنطقة من خلال تبني استراتيجية “الحزام والطريق”. هذه الاستراتيجية هي فكرة شاملة تتضمن طريق حرير بحري ومنطقة برية من الشرق إلى الغرب، والمعروفة أيضاً باسم “طريق الحرير الجديد” من قبل الصينيين.
وأضاف: “الاستراتيجية الأمريكية في جنوب شرق آسيا هي جر اللعبة إلى الأبعاد الأمنية العسكرية، التي تتمتع فيها بتفوق كبير على الصين، لكن الصين تحاول دفع هذه الأجواء نحو المعادلات الجيواقتصادية”. في الواقع، تمكنت الصين، في بيئة المعادلات الاقتصادية، من تحقيق إنجازات كبيرة، بما في ذلك علاقاتها مع اليابان ودول الآسيان. كذلك، في عهد ترامب، تمكن الصينيون من تجاوز الولايات المتحدة في المجال الجيواقتصادي، لكن لا يزال لديهم نقاط ضعف في المجال الأمني والعسكري مقارنة بالولايات المتحدة.
وأكد الخبير في شؤون شرق آسيا على أن الولايات المتحدة تستخدم تايوان كأداة فعالة لاحتواء الصين وربما توجيه ضربة للأخيرة أحياناً، وقال: تستند سياسة الصين تجاه تايوان إلى قاعدتين: الأولى؛ تاريخياً، أكد الصينيون أنهم لن يطلقوا الرصاصة الأولى على تايوان، والمناورات التي يجرونها في هذه المنطقة، هي عرض ودعاية الهدف منها الضغط على جزيرة تايوان. لذلك، طالما لا يوجد تهديد حقيقي لسيادة الصين من تايوان، فإن الصينيين لن يتحركوا نحو نهج عسكري ضدها. والثانية؛ هي التأكيد على سياسة “دولة واحدة ونظامان”، والتي تم تبنيها أيضاً تجاه هونغ كونغ. الصينيون يميليون إلى تنفيذ هذه السياسة تجاه تايوان أيضاً، بالرغم من أن التيار الذي يقود تايوان اليوم يعارض هذه السياسة الصينية.
وأشار إلى أن الصينيين تعاملوا دائماً مع قضية تايوان بذكاء، وأضاف: من وقت لآخر، تصبح النقاشات بين الصين وتايوان ساخنة، ويعتقد الكثيرون أنه ستكون هناك حرب قريباً في هذه المنطقة، وهذا بالطبع تصورخاطئ. لأن معظم الشعب التايواني هم من الصينيين، وعائلاتهم في البر الأم ولديهم علاقات اقتصادية واسعة مع بعضهم البعض.
وفي إشارة إلى الجهود الأمريكية لإضفاء الطابع الأمني على جنوب شرق آسيا باعتبارها تهديداً للصين، قال وفائي: تسعى الصين إلى نزع الطابع الأمني عن هذه المنطقة ودفع المعادلات نحو الجيواقتصادية. فالصينيون يراقبون الأجواء بعناية ولن يدخلوا في الفخ الأمني الذي نصبته لهم الولايات المتحدة طالما لم يتم إطلاق رصاصة على الصين من تايوان. بعبارة أخرى، فإن الأجواء بين تايوان والصين تشبه الأجواء بين أوكرانيا وروسيا، حيث دخلت روسيا في الفخ الأمني الذي نصبه لها الغرب وحلف الناتو.
واعتبر الأستاذ الجامعي التوتر بين الصين وتايوان بأنه ليس موضوعاً جديداً، قائلاً: بينما تؤكد الصين على الحل السلمي لقضية تايوان، يسعى الغرب إلى جعل الأجواء أمنية. على الرغم من أن الرأي العام التايواني لديه مخاوف، إلا أنه يدرك هذه الأجواء. ففي المناورات السابقة عندما أطلقت الصين صواريخ كروز، رأينا في الصور المسجلة أن الشعب التايواني كان في وضع عادي و يعيش بصورة طبيعية ولم يقلق بشأن اندلاع الحرب. الصين تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها وتبذل قصارى جهدها لعدم الوقوع في الفخ الأمني الذي نصبته الولايات المتحدة.
0 تعليق