المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في القضايا الإقليمية: "ملف حزب العمال الكردستاني ليس ملفاً ذا بعد واحد يمكن حله عن طريق اتفاقية أمنية بين تركيا والعراق. هذه القضية هي قضية أمنية - سياسية ودول أخرى إلى جانب تركيا والعراق تلعب دوراً فيها. إضافة إلى ذلك، فمن غير المرجح أن تنفذ البلدين عملية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني، لأن تركيا تريد أن تتم هذه العملية في مناطق عربية مثل سنجار، في حين أنه يوجد لدى العراق تحفظ كبير تجاه هذه المناطق ولن يسمح لتركيا بلعب دور فيها."
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال علي حيدري عن الاتفاق الأخير بين تركيا والعراق بشأن التعاون العسكري ضد حزب العمال الكردستاني: “في اجتماع أمني رفيع المستوى عقد في أنقرة بين وزيري الخارجية والدفاع العراقي والتركي، تم التوصل إلى اتفاق تقرر على أساسه إنشاء مركزين مشتركين للتنسيق والتدريب لمكافحة التهديدات الإرهابية في بغداد وفي قاعدة للجيش التركي في شمال العراق بالقرب من الموصل. ويأتي هذا الاجتماع الأمني رفيع المستوى نتيجة للتوافقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة أردوغان للعراق في شهر أبريل/ نيسان من هذا العام.”
وتابع: “خلال تلك الزيارة، تمت مناقشة قضايا مثل مواجهة حزب العمال الكردستاني والمياه ومشروع طريق التنمية. إن تركيا بحاجة ماسة إلى مساعدة بغداد وأربيل في قضية حزب العمال الكردستاني، وهي في هذا الصدد تضغط عليهما لدفع حزب العمال الكردستاني إلى عدم اتخاذ أي إجراء ضد تركيا، وإلا فيجب أن يخوضوا معركة مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني بالتعاون مع البعض. وبما أن العراق يعتمد على تركيا في قضية المياه ويحتاج إلى استثمارات تركيا لتنفيذ مشروع طريق التنمية، فإن أنقرة تستخدم هاتين الأداتين للضغط على العراق لتحقيق هدفها الأمني في ملف حزب العمال الكردستاني.”
وصرح الخبير في القضايا الإقليمية: “في السنوات الماضية، نفذت تركيا العديد من العمليات العسكرية في شمال العراق، والتي واجهت بالطبع احتجاجات من بغداد. تزعم تركيا أن العراق لا يملك القدرة على حماية حدوده، ولذلك هي تضطر إلى تنفيذ هذه العمليات بشكل متكرر لحماية حدودها.”
وإذ أشار إلى الاتفاق المبرم بين تركيا والعراق في عهد صدام حسين، والذي يقضي بإمكانية دخول قوات البلدين إلى أراضي الطرف الآخر حتى عمق خمسة كيلومترات لمحاربة الإرهاب، قال: “لقد تجاهلت تركيا هذا الاتفاق في السنوات الأخيرة و ودخلت الأراضي لعمق 40 كيلومتراً بل وأكثر من ذلك، مما زاد من استياء العراق لدرجة أن تركيا اضطرت أخيراً إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات.”
وذكر حيدري: “في المحادثات الأخيرة، طلبت تركيا من العراق اتخاذ إجراءات لمحاربة حزب العمال الكردستاني. وفي هذا الصدد، أعلنت بغداد للمرة الأولى حزب العمال الكردستاني حزباً غير شرعي، ما يعتبر خطوة مهمة وكبيرة تتماشى مع الطلب التركي. التنازلات التي حصلت عليها تركيا أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية العراقي إلى أنقرة على قدر كبير من الأهمية، وذلك لأنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن حزب العمال الكردستاني من جهة وتم تثبيت الوجود العسكري التركي في العراق من جهة أخرى.”
وقال: “بطبيعة الحال، قدمت تركيا أيضاً تنازلات للجانب العراقي، مثل إلغاء التأشيرات للمواطنين العراقيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً وتقل من 15 عاماً. كان يسعى العراق منذ سنوات طويلة إلى إلغاء التأشيرات مع تركيا، لكن تركيا لم توافق على ذلك لدواعي تتعلق بالقضايا الأمنية والإرهاب.”
وأوضح الخبير في القضايا الإقليمية: “يُظهر الاتفاق بين تركيا والعراق بشأن حزب العمال الكردستاني أن تركيا تتحرك خطوة بخطوة نحو محاربة حزب العمال الكردستاني بشكل مشترك مع العراق، وهو أحد الأهداف الرئيسية لهذا البلد. والهدف النهائي لأنقرة هو القيام بعمليات مشتركة مع بغداد وأربيل، لكن بغداد ترفض حتى الآن القيام بذلك. وتعتقد بغداد أنه بما أن حزب العمال الكردستاني لم يعمل ضد مصالح العراق داخل الأراضي العراقية، فلا يمكن اعتباره جماعة إرهابية. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتباط بعض التيارات السياسية في العراق بحزب العمال الكردستاني يحول دون إعلان حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية.”
وصرح حيدري: “إزاء محاربة حزب العمال الكردستاني، حصلت بغداد على امتيازات من تركيا في قطاع المياه وإلغاء التأشيرات والاستثمار في مشروع طريق التنمية. لكن من غير المرجح أن ينتهي هذا الاتفاق بعمليات مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني. ويبدو أن الاتفاق سيبقى في هذه الحدود، لأن عواقب مثل تلك العمليات المشتركة ستكون كبيرة على بغداد. مع ذلك، تحاول تركيا الوصول إلى مرحلة القتال المشترك ضد حزب العمال الكردستاني بالتعاون مع العراق ولن توقف جهودها في هذا الصدد.”
واختتم الخبير قائلاً: “إعلان حزب العمال الكردستاني جماعة غير شرعية، ومنع الأحزاب المرتبطة به من المشاركة في الانتخابات العراقية، والاعتراف بالقاعدة العسكرية التركية في شمال العراق كقاعدة تدريبية، هو بحد ذاته امتيازات كبيرة بالنسبة لتركيا.”
0 تعليق